رياضة

حكام السلة واقع صعب وأجور ضعيفة ومنغصات على الطريق والحلول غائبة

| مهند الحسني

يبقى الكلام عن التحكيم السلوي هذا الموسم ذا شجون كبيرة، والمسيرة التحكيمية لم تنقلب بين يوم وليلة، ونحن شاهدون على عصر تحكيمي رائع، ومتطور خرّج لنا الكثير من الحكام المتميزين الذين أعلوا صافرتنا السلوية في جميع البطولات العربية والقارية، ولن نرجع بذاكرتنا إلى الوراء كثيراً، بل سنمر بذاكرتنا على مواسم ليست بالبعيدة حيث كان التحكيم يومها في وضع جيد، ولم نلمس تلك الأخطاء الفاضحة التي برزت الموسم الفائت، والتي كانت كافية للإشارة إلى أن قاعدتنا التحكيمية باتت هشة بعد عزوف أفضل الحكام عنها.

صقل
مضى الموسم الفائت على حكام السلة دون أن يتبعوا أي دورة صقل عالية المستوى، ولا حتى فحوصات الكوبر التي تجرى قبل بدء كل موسم بغية الاطمئنان على جاهزيتهم ولياقتهم البدينة، وبات الحكام في ضوء هذا الواقع المرير يلهثون وراء التعديلات الجديدة بقانون اللعبة عبر جهودهم الشخصية، دون أن يكون لهم مرجع فني في اللجنة، أما عن تجهيزاتهم فحدث ولا حرج وما زالت غير ملبية للطموح، ولا ضير من إقامة اختبارات ودورات صقل لتعزيز وتطوير ثقافتهم التحكمية بما يتناسب مع تطور مستوى اللعبة.

ضرب من المستحيل
ما زالت أجور الحكام بعيدة كل البعد عن المنطق، ولم تتناسب مع الجهود التي يبذلها الحكام في قيادة المباريات وتنقلاتهم بين المحافظات، ورغم المحاولات الحثيثة لاتحاد السلة في هذا الخصوص غير أن محاولاته باءت بالفشل، ولم يتمكن من رفع أجور الحكام بما يتماشى مع موجة الغلاء التي تشهدها البلاد على أقل تقدير، الأمر الذي جعل هذه الزيادة أشبه بضرب من ضروب المستحيل، وهذا من شأنه أن ينعكس سلباً على الواقع التحكيمي الذي ما زال يعاني الأمرين.

أعذار وحجج
يبدو أن بوصلة لجنة الحكام متوجهة للبحث عن شماعات لتعليق أسباب فشل اللجنة في رفد القاعدة التحكيمية بحكام جدد على أسس سليمة عليمة بعدما بدأ ناقوس الخطر يقرع بحكامها بعد غياب أبرز الحكام، ووصول البعض منهم لأبواب الاعتزال، وما زالت اللجنة تبحث في قربة مثقوبة دون أن نرى أي شيء ملموس على أرض الواقع، ويبدو أن اللجنة تعاني عدم تعاون اللجان الفنية بالمحافظات معها في رفد، وتأهيل حكام شباب جدد لدعم القاعدة التحكمية عبر اختبارات متوازنة بعيدة كل البعد عن الأهواء الشخصية والمحسوبيات منذ سنوات طويلة.

ما الأسباب؟
أسئلة كثيرة باتت الإجابة عنها أشبه بضرب من ضروب المستحيل، لماذا كثرت الأخطاء التحكمية في الآونة الأخيرة، هل هي ارتفاع درجة صعوبة المباريات؟ بالتأكيد الإجابة هنا لن تكون صعبة بعد موسم غابت عنه تلك النكهة التنافسية فجاءت المباريات عادية، ورغم كل ذلك أطلت الصافرات الخاطئة برأسها، وبقوة محدثة فوارق بين حكم وآخر في المباراة الواحدة، وإذا اعتبرنا أن هذا الضعف كان من وراء الضغط الجماهيري، فإننا نذكر أن الموسم الحالي كان شحيحاً بالحضور الجماهيري، وبقيت مدرجات الفيحاء خاوية، لذلك دعونا نعترف أن حكامنا الحاليين لم يعد لهم مكان في مشهدنا السلوي الحالي، وإذا استثنينا أربعة أو خمسة حكام يعتبرون الأفضل، فإن باقي الحكام في المستوى سواسية، يفتقدون من وجهة نظر العديد من خبراء اللعبة إلى (الكاريزما) التي تؤهلهم لفرض شخصيتهم، واحترام قراراتهم من عناصر اللعبة، وسقى الله أيام زمان، أيام حكامنا الذين بصموا في صالاتنا المحلية والعربية والقارية، وكانوا خير سفير لصافرتنا السلوية في أكثر من محفل، والواقع الحالي لا يبشر بمثل هؤلاء الحكام.

إشراقات
على الرغم من الواقع الصعب الذي يلازم الواقع التحكيمي، غير أن الإشراقات كانت حاضرة لدى بعض الحكام الشباب المجتهدين الذين أكدوا علو كعبهم، وأثبتوا جدارتهم في جميع المحافل التي شاركوا فيها، نأتي على ذكر بعضهم (الدولي وسام زين الذي بات محط أنظار الكثير من الاتحادات، بعدما نجح في الفترة الأخيرة من تسجيل حضور طيب في مشاركاته الأخيرة في بطولات دوريات الخليج، إضافة لتألق الحكم باسم بدران الذي كان أحد أهم حكامنا في الدوري اللبناني، وكذلك الحكم قاسم الحموي المجتهد، الذي نجح في قيادة مباريات غرب آسيا للأندية الأخيرة في بيروت)، كل هذه الإشراقات سببها الاجتهادات الشخصية لهؤلاء الحكام الذين اجتهدوا وعملوا حتى وصلوا لمرحلة متقدمة في ثقافتهم التحكيمية.

منغصات
حسب الأخبار الواردة إلينا أن شهر العسل بين مشرف لجنة الحكام واللجنة انتهى بعد سلسلة من التدخلات التي وجدها أعضاء اللجنة وخاصة رئيسها سلبية، وغير واضحة، وقد طالبوا أكثر من مرة بأحادية قرارات وعمل اللجنة بعيداً عن أي إشراف من هذا العضو أو ذاك، على أن تكون المرجعية الأخيرة لأمين سر الاتحاد ورئيسه حصراً، وهذا الوضع في حال بقي على ما هو عليه، من شأنه أن يفاقم المشكلات التي قد تؤثر في سير العمل باللجنة بشكل عام.

خلاصة
حكام كرة السلة ركن من أركان نجاح اللعبة، ونجاحهم داخلياً يعني نجاح مسابقتنا المحلية، ونجاحهم خارجياً يعني بصمة للسلة السورية في المحافل الإقليمية لا يمكن أن يكتسب التحكيم هيبته وحضوره، والحكم يفكر بسندويشة اليوم، وتوفير أجور النقل، والتكدس مع عشرة من زملائه في غرفة تتسع لشخصين، وفي غياب مقومات الراحة المادية والمعنوية، سيغيب العطاء الفني، لذلك فإن معضلة الحكام باتت مزمنة، وحلها واجب لأن فيه الخير للحكام الحاليين، وتحفيزاً لاستقطاب جيل جديد من الحكام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن