إرهابيو «جيش الإسلام» يستعدون لمغادرة دوما … الجيش استكمل تطهير الغوطة الشرقية.. وابن سلمان يقر من واشنطن بالهزيمة
| الوطن – وكالات
على أعتاب الغوطة الشرقية كتب تاريخ سوري جديد، ومع استعادة الجيش لبلدات وقرى شكلت لسنوات مضت، مصدر القلق الأكبر لسكان العاصمة الآمنين، تدخل دمشق مرحلة سياسية وميدانية جديدة تنقلب معها الموازين والحسابات، ليسمع أول أصداء الانتصارات من واشنطن حيث الإقرار السعودي بفشل الخيارات والمشاريع، واستجداء لا طائل منه للإبقاء على القوات الأميركية، فيما البيت الأبيض وبشهادة تاريخه الطويل مع العملاء، لا يستخدم الأوراق الخاسرة ولا يحب اللعب مع الخاسرين، ودون مقدمات وبعيداً عن تكهنات السياسة ومصالحها قرر الرئيس دونالد ترامب الخروج ومغادرة سورية، تاركاً «حلفاءه» الإقليميين وأدواته وعملاءه في حيرة لن تنتهي عما قريب.
إقرار السعودية بفشل رهاناتها على لسان ولي عهدها جاء كالصاعقة على ما تبقى من ميليشياتها في دوما، وكلام ابن سلمان شكل الإعلان الرسمي السعودي الأول لرفع الغطاء عن تلك الميليشيات التي باتت أمام خيارين لا ثالث لهما فإما التسوية أو الاستسلام، لتكون الساعات القليلة القادمة ساحة حسم قرار المدينة ومصيرها.
مصادر دبلوماسية غربية في دمشق أكدت لـ«الوطن» أن الاتفاق مع «جيش الإسلام» تم، وقد يبدأ تنفيذه اعتباراً من اليوم تجاه تسليم السلاح الثقيل والاستعداد لمغادرة المدينة نحو مناطق في شمال سورية تقع تحت الاحتلال التركي.
القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أعلنت في بيان لها أمس، استعادة السيطرة على جميع مدن وبلدات الغوطة الشرقية بريف دمشق كاملة، باستثناء دوما، وأن استعادة السيطرة على مدن وبلدات الغوطة تحققت بعد أن قضت وحدات الجيش على «مئات الإرهابيين ودمرت مقرات قياداتهم وتجمعاتهم وتحصيناتهم وأسلحتهم وعتادهم بما في ذلك مصانع ومعامل للمدافع والصواريخ والقذائف المختلفة، في وقت تواصل فيه وحدات من الجيش أعمالها القتالية في محيط مدينة دوما لتخليصها من الإرهاب».
ولفتت القيادة، بحسب «سانا»، إلى أن وحدات الجيش أمنت خروج عشرات الآلاف من المدنيين الذين كانت تحتجزهم التنظيمات الإرهابية دروعاً بشرية إلى مراكز الإقامة المؤقتة ووفرت لهم متطلبات الحياة الكريمة من سكن وطعام ورعاية طبية وصحية.
قيادة الجيش أشارت إلى أهمية الانتصار لجهة تأمين طرق المواصلات الرئيسية بين دمشق والمناطق الوسطى والشمالية والساحلية، وكذلك مع المنطقة الشرقية عبر البادية وصولاً إلى الحدود العراقية، إضافة إلى أنه يوجه ضربة قاصمة للمشروع الإرهابي تجاه سورية أرضاً وشعباً.
إشارة بيان الجيش إلى استمرار العمليات القتالية في محيط دوما تزامنت مع الأنباء التي تحدثت عن انتشار حشود عسكرية ضخمة من كل تشكيلات الجيش السوري والقوات الرديفة في محيط المدينة وبأنها باتت جاهزة لاقتحامها، وبحسب ما أفاد مصدر عسكري فإن الدولة أعطت، منذ أول من أمس، ميليشيا «جيش الإسلام» 48 ساعة للموافقة على شروط الانسحاب والخروج من دوما، وإلا فإن الجيش سيدخل المدينة لتأمينها من الإرهاب، الأمر الذي دفع «جيش الإسلام» إلى الاستسلام والموافقة على شروط الدولة حسب المصادر الدبلوماسية التي تحدثت إليها «الوطن».
المصادر أكدت أيضاً أن قرار استعادة دوما كان قد اتخذ منذ بدء عملية تحرير الغوطة للشرقية، وهي اليوم ساقطة عسكرياً ومحاصرة بالكامل من قبل قوات الجيش العربي السوري ومن كل الجهات.
بدورها ذكرت «القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية» الروسية أن إتمام عملية القضاء على الإرهاب بالكامل في الغوطة الشرقية أصبح أمراً لازماً ولا يحتمل المساومة، «وقواتنا الجوية الفضائية في تمام الجاهزية لإنهاء هذا الوضع غير المستقر»، معربة على موقعها في «تلغرام»، عن اعتقادها «بأن المهلة التي أعطيت للمجموعات المسلحة غير الشرعية في منطقة دوما كانت كافية لتحديد خياراتهم في الخروج أو البقاء تحت سيطرة القوات الحكومية السورية».
التطورات المتسارعة في ملف الغوطة واقتراب حسم مدينة دوما، تزامنت مع تصريحات سعودية حملت إقراراً بفشل خياراتها ورضوخاً لمفاعيل الميدان وانتصارات الجيش السوري، حيث أشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلة مع مجلة «تايم» الأميركية إلى أن الرئيس بشار الأسد باق، داعياً أميركا إلى المحافظة على «وجود» لها في سورية.
وقال ابن سلمان: «نعتقد أن القوات الأميركية يجب أن تبقى على الأقل على المدى المتوسط، إن لم يكن على المدى الطويل»، لأن هذه القوات بحسب زعمه هي «الجهد الأخير لمنع إيران من التمدد وتوسيع نفوذها، فضلاً عن أن هذا الوجود العسكري الأميركي يتيح لواشنطن الاحتفاظ بكلمة في مستقبل سورية»!
الكلام السعودي جاء عقب إعلان ترامب أن قوات بلاده «ستغادر سورية قريباً جداً، وتترك الأطراف الأخرى تهتم بالأمر»، معبراً عن أسفه لما اعتبره تبديد واشنطن التريليونات في حروب الشرق الأوسط، قائلاً: «أنفقنا سبعة تريليونات دولار في الشرق الأوسط فهل تعلمون ما الذي حصلنا عليه لقاء ذلك؟ لا شيء».