الخبر الرئيسي

مسقط شكلت خرقاً في علاقة دمشق مع الدول العربية ومبادرات كثيرة سترى النور قريباً لوقف الحرب على سورية…إعادة «إحياء» الائتلاف كرمى لعيون آل سعود!

كتب المحرر السياسي:

بات من الواضح خلال الأيام والأسابيع الأخيرة وجود محاولات من قوى دولية مختلفة لإعادة «إحياء» الائتلاف المعارض الذي كان قبل أسابيع فقط، مرمياً في سلة مهملات عواصم الغرب التي كانت أسسته ودعمته ووجهت بتمويله.
فأن يزور نائب وزير خارجية دولة كروسيا شخصية مثل أحمد الجربا، ذي التاريخ والأصول المعروفة، في منزله في القاهرة، وقبلها يلتقي وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بمعاذ الخطيب في الدوحة، وما رافق كل ذلك من تحركات ولقاءات جرت على أعلى مستوى الدبلوماسية في مشيخة قطر، يضاف إليها دعوة موسكو للائتلاف لزيارة روسيا وموافقة الأخير السريعة لكن غير المفاجأة، هذا يدل على وجود رغبة عند الأصدقاء الروس والإيرانيين وكذلك الأميركيون وشركاؤهم في العدوان على سورية، لإعادة الائتلاف إلى الواجهة وحثه على الدخول في مفاوضات مباشرة مع الدولة السورية، بعد أن كان يدعو إلى شن عدوان عسكري على البلاد، وكان يطالب موسكو بالاعتذار العلني لدعمها سورية قبل أن يزورها أو يلتقي بأي مسؤول منها في وقت كان يوصف فيه (الائتلاف) بأحقر العبارات من قبل الغرب!
يقول مسؤول دبلوماسي غربي لـ«الوطن» إن «هناك فعلاً محاولة لتعويم الائتلاف المعارض» ويشرح أن سبب ذلك يعود «لرغبة عند السعوديين والقطريين أن يكون لهما تواجد في أي عملية تسوية سياسية قد تحصل في القريب العاجل وتشجيع واشنطن لذلك كـ«جائزة ترضية» بعد أن أخفق الخليج في منع توقيع الاتفاق النووي مع إيران».
ويقول الدبلوماسي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته: «إن زيارة وزير خارجية السعودية إلى موسكو ليست للتحضير كما يقال لزيارة الملك نهاية العام التي قد لا تحصل نظراً لحالته الصحية، بل للاتفاق على ترتيب المفاوضات وفرض الائتلاف في أي تسوية سياسية محتملة للحرب على سورية».
ويضيف: «إن إيران بدورها لا تمانع وجود الائتلاف في أي مفاوضات مستقبلية لأنها ترى في ذلك أيضاً مصلحة في إعادة تموضعها السياسي تجاه الأزمة السورية وخاصة بعد طرح مبادرتها التي تحتاج إلى تأييد وموافقة كل الأطراف قبل أن ترى النور، والأهم تبقى موافقة دمشق التي أعلن وزير خارجيتها أن أي مبادرة تطرح يجب أن تتم بالتنسيق مع دمشق».
كل هذا الحراك السياسي لابد أن يفضي إلى مباحثات جديدة بين الدولة والمعارضة والمرجح أن تتم تحت عنوان موسكو٣ تمهيداً لجنيف آخر.
اللافت أن السعوديين ومن خلال تصريحاتهم الأخيرة يريدون الإيحاء أن لا جديد في موقفهم تجاه الأزمة السورية لا بل هناك تصعيد لفظي من قبل إعلامهم، أو ذاك الذي يمولونه، لنفي أي تغيير أو تقارب سوري سعودي، وعلى الرغم من صحة الكلام تجاه عدم وجود أي تقارب فعلي مع دمشق، إلا أن موقف آل سعود تغير تجاه دعم الإرهاب وتمويله، وذلك ليس برضاهم بل مرغمون نتيجة الضغط الأميركي والغربي الذي بدأ يتصاعد منذ أشهر بعد أن ضرب الإرهاب الممول سعودياً قلب أوروبا ودولاً خليجية ومنها السعودية ذاتها، وبعد صمود الجيش السوري وإحرازه تقدماً على عدة جبهات لم تكن القوى المشاركة في العدوان تتوقعه، يضاف إلى ذلك صلابة موقف موسكو وطهران تجاه دعم القيادة السورية، وهي الرسالة التي وصلت جيداً إلى السعوديين وغيرهم وتعني أن الحل الوحيد المقبول هو مشاركة «المعارضة» في الحوار، أو في حكومة موسعة، أو حكومة وحدة وطنية، وكل ما غير ذلك مرفوض وغير قابل للنقاش.
ومما لا شك فيه أن زيارة الوفد السوري برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم إلى مسقط منذ يومين شكلت خرقاً كبيراً لعلاقات دمشق مع الدول العربية، لكنها شكلت أيضاً بداية حوار مع دول وسيطة قد تساهم في رسم مبادرات جديدة من شأنها وقف الحرب على سورية والقضاء على الإرهاب واستئناف المسار السياسي، لكن هناك من يرى في الائتلاف وفي الرياض أن الإرهاب يجب أن يحاصر لا أن يحارب لأنه يشكل أداة الضغط الوحيدة على الدولة السورية لقبول تسويات يريد الغرب فرضها، ويضاف إلى الإرهاب الوهابي المتمثل بالمجموعات الإرهابية، إرهاب من نوع آخر تمثل في الأمس بقرار أممي لمحاسبة كل المتورطين في استخدام السلاح الكيماوي الذي تريد واشنطن استخدامه كأداة ضغط إضافية على الدولة.
ما دام هذا المنطق هو السائد فهذا يعني أن لا تقارب سورياً مع آل سعود ولا مع واشنطن، لأن أي حل سياسي للحرب يتطلب أولاً زوال الإرهاب وكل الإرهاب عن كامل الأراضي السورية ليتمكن السوريون من الشروع في حوار سياسي جدي يلبي طموحاتهم وتطلعاتهم السياسية، وقبول الولايات المتحدة وغيرها من الدول بالتخلي عن سلاح الضغط السياسي والقبول بما يقرره السوريون بأنفسهم.
تبقى الإشارة الأهم التي أتت من مسقط هي «أنه آن الأوان لإنهاء الأزمة السورية» وهذه الإشارة كفيلة بإطلاق الكثير من المبادرات من الدول الراعية للحل السلمي بالتنسيق مع دمشق التي ستشهد تحركاً دبلوماسياً نشطاً في الأيام والأسابيع المقبلة تحدد من خلاله ما هو مقبول وما هو مرفوض بالنسبة للسوريين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن