عميل أحمق بدرجة امتياز
| عمار عبد الغني
يستحق محمد بن سلمان مرتبة العميل الأحمق بدرجة امتياز، في ضوء زيارته إلى واشنطن وما جرى معه في البيت الأبيض، وما أدلى به من تصريحات خلالها لوسائل إعلامية أميركية، حيث استخدمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بداية كـ«تابلو» يضع عليه بروشور صفقات السلاح إلى بلاده، وتالياً لم يوفق بأي من مقابلاته الصحفية، إن كان حول الداخل السعودي أو الخارج، والتي لن تجلب له بالمجمل سوى المشاكل عاجلاً أم آجلاً، فقد حاول ابن سلمان التنصّل من وصمة دعم الإرهاب والتكفير بكذبة أنه لا «وهابية» في بلاده، وحتى ينال رضا الإدارة الأميركية واللوبي الصهيوني، ولم يتوانَ عن الاعتراف بالروابط الوثيقة مع كيان الاحتلال، كما أنه اعتبر بأنه لا مشكلة لديه في إقامة دولة لـ«اليهود» على أرض فلسطين والتنازل عن حق شعبها المشروع فيها، بينما العدو الوحيد من وجهة نظره هو إيران.
أمر آخر لا يقل أهمية، حيث صدّق ابن سلمان مزاعم الرئيس الأميركي حول سحب قواته من سورية، ما جعل الأمير الصغير يستجديه للبقاء فترة أطول، مسدياً له النصح بأن خروجها سيمنح الفرصة للاعبين آخرين للحلول محلها، ليجيبه التاجر الذي لا يعرف في السياسة سوى «الآلة الحاسبة»: إذن عليكم أن تدفعوا ثمن البقاء، بل دفع كل ما تكبّدته أميركا من خسائر جراء حروبها العبثية على مدار سنوات خلت، ما يعني أن المملكة أمام فصل جديد من الابتزاز في إطار تقديم ثمن الحماية الأميركية لأنظمة أكل الدهر عليها وشرب.
هذا ليس بجديد، فالعلاقة بين النظام السعودي والإدارة الأميركية لم يطرأ عليها أي تغيير منذ التأسيس وحتى الآن، حيث كان لمال «البترودولار» الدور الرئيس في كل ما جرى من تآمر على قضايا الأمة، وما حدث من تخريب وتدمير وعبث بالأمن والاستقرار، أما المتغير الوحيد في هذه المرحلة فهو أن ما كان يطبخ في كواليس البيت الأبيض بين الجانبين بالسر، بات ترامب يجاهر به، وبالمقابل فإن حكام السعودية لم يخجلوا من انبطاحهم وتبعيتهم لسيدهم الأميركي ما دام ذلك يمكن أن يوصل أحد مهووسيهم إلى الحكم.
بالمجمل، فإن الرئيس الأميركي خاطب الملك المنتظر باللغة التي لا يفهم سواها، وسهّل عليه المهمة، ما يعني ولوج مليارات جديدة إلى الخزانة الأميركية، دون أن يكلف ترامب وعائلته عناء زيارة قصر اليمامة مرة أخرى، مقابل استمرار تحالف واشنطن في قتل السوريين وتدمير بناهم بصواريخ «توماهوك» الأميركية، والفاتورة يسددها أضعافاً مضاعفة أعراب الخليج.
لكن فرحة ترامب لم تكتمل بالصفقة الجديدة، حيث بدأت تتوارد الأنباء لبيته الأبيض عن مقتل عدد من جنوده في شرق الفرات، وما دام ذلك حدث مرة، فالمؤكّد أن السبحة ستكر ويعود جنود «المارينز» في كل يوم إلى الديار في أكياس سوداء وعندما تزداد الخسائر وتعجز الإدارة الأميركية عن تحمّلها ستسحب جنودها وتترك الأدوات يواجهون مصيرهم، وتلك نتيجة طبيعية لإستراتيجية تحالف غير متكافئ قائم على عامل المال.
في النهاية، ومهما كان حجم الأموال التي جناها ترامب من النظام السعودي، فإن خسائره على الساحة الدولية لا يمكن تعويضها، حيث ستفقد أميركا ما تبقى من هيبتها العسكرية عندما تخرج مدحورة ذليلة من سورية، وهذا ما تعلمه واشنطن علم اليقين، وهذا أيضاً ما جعل ترامب يعلن نيته سحب القوات الأميركية، ويكون بذلك قد ضرب «عصفورين بحجر واحد» فهو أعطى لنفسه وسيلة يتكئ عليها لحفظ ماء الوجه عندما يحين موعد الاستدارة الكبرى، والثاني استغل حماقة النظام السعودي لسلبه عدة مليارات.