ملاعب مهترئة واحتراف غامض وكوادر تحتاج إلى تطوير البنية التحتية لكرتنا متصدعة فمن يصلحها؟
| ناصر النجار
بعد أن أنجز اتحاد كرة القدم مؤجلات الدوري، يتطلع الجمهور الكروي إلى الأسابيع المتبقية من الدوري، الذي يستمر منذ اليوم بلقاء الوثبة والجهاد.
وسبق لـ«الوطن» أن تحدثت عن آليات المنافسة وفرسانها وعن تهديدات الهبوط في أربع حلقات كما تحدثت «الوطن» عن الدوري وتداعيات الأزمة عليه إدارياً وفنياً.
وقفتنا اليوم تتحدث عن البنية التحتية لكرة القدم التي تضررت كثيراً، وتشمل: الملاعب، الاحتراف، المدربين، الحكام بعد أن سبق أن تحدثنا عن اللاعبين مطولاً في الحلقة الماضية.
الملاعب
الحديث عن الملاعب الكروية ذو شجون وأحزان وكأن الأمر معضلة كبيرة لا يقوى أحد على حلها، فكل ملاعبنا غير صالحة، منها لأسباب الأزمة والاعتداء عليها، ومنها لأسباب الإهمال، ومن حقنا أن نطالب كما فعلت العراق بجلاء العقوبات عن ملاعبنا واللعب على أرضنا، لكن نسأل: بأي ملعب سنواجه فيه الآخرين؟
العراق عندما رُفعت عنه العقوبات وجدنا ملاعبه أكثر نضرة من ذي قبل، وهذا يدل على العناية الكاملة التي يوليها الأشقاء لملاعبهم.
إيجاد ملعب رسمي في العاصمة كبديل عن العباسيين الذي سمعنا أنه سيوضع في الاستثمار يحتاج إلى أربع سنوات ليكون جاهزاً، وهذا يتطلب البدء به منذ الآن ليتحقق إيجاده، وعلى منظمتنا الرياضية أن تبحث عن شؤون المنشآت بشكل أكثر فاعلية.
نحن نعلم أن المنظمة تدعم الاستثمار لأنه وقود الرياضة وهذا حق ونحن معهم به، لكن لا تكتمل المعادلة إن لم يتم دعم المنشآت ووضعها في الجاهزية بشكل دائم.
مع إعادة الإعمار يجب أن يكون للمنشآت الرياضية النصيب المفترض، لأن الرياضة هي رئة الحياة ومتنفس البشر.
الاحتراف
نعلم أن اتحاد كرة القدم يملك قانوناً للاحتراف، لكن ما نحن متأكدون منه أن هذا القانون لا يطبق بحذافيره وهناك الكثير من الخروقات لنصوص مواده، ولدينا الكثير من الأمثلة على ذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن «الرعاية» لا تطبق كما هي واردة في القانون.
الاحتراف يجب أن يكون منظومة عمل كاملة تراعي أوضاع الأندية وإمكانياتها، ووضع نظام بشروط مالية مقبولة وغيرها من الأمور الإدارية والتنظيمية والطبية ما يعزز لنا مجموعة من الأندية القادرة على التعامل مع الاحتراف المحلي وربما الخارجي.
الاحتراف المطبق حالياً يدعم الأندية الغنية فقط التي تستأثر بمالها على كل شيء وتسيطر على كل شيء، وهذا ما رفع أسعار بعض اللاعبين إلى أرقام جنونية يجب الحد منها.
لذلك يجب فصل الأندية المحترفة عن الأندية الهاوية، ودوري الدرجة الممتاز يجب ألا يستقبل إلا النادي المحترف حسب القانون المفترض وجوده ونلاحظ هذا الموسم والذي قبله كم عانى الدوري وجود أندية غير مؤهلة بالدوري فنياً وتنظيمياً ومالياً، وهو ما يربك الدوري، فضلاً عن أنه يضعفه.
المقترح هنا: إعادة دراسة قانون الاحتراف ليشمل الإجراءات الإدارية والتنظيمية والطبية والقانونية فضلاً عن الإجراءات المالية.
ثانياً: توزيع الأندية إلى محترفة وهاوية حسب قدرتها بتنفيذ آلية الاحتراف الجديدة.
المدربون
المدربون هم الجنود المجهولون في ملاعبنا وذلك للأسباب العديدة التالية: أولاً: ما وصل إليه مدربونا من مستوى وعلم وكفاءة كان بجهد ذاتي وعبر دورات دفعوا ثمنها.
ثانياً: تدريبهم للفرق كان يجري ضمن إمكانيات محدودة، والكثير من المدربين دخلوا الدوري بلا فترة تحضير مثالية وحسب الإمكانيات.
ثالثاً: التدريب يتم وفق المقولة: «بمن حضر من لاعبين» وكذلك التشكيلة، وأغلب المدربين لا ينتقون لاعبيهم ويختارونهم.
رابعاً: يتعرض المدرب أثناء الموسم إلى الضغوط من كل الاتجاهات، الإدارة، الجمهور، النتائج، وبعض اللاعبين أيضاً.
خامساً: أسهل وأسرع إقالة في العالم هي لمدرب كرة القدم، وقد تكون ناجمة عن أهواء وآراء وخلافات إدارية لا علاقة للمدرب فيها.
من خلال متابعتنا للدوري الممتاز وقبله الدوري التصنيفي والدوري القائم على مجموعتين، وجدنا أن قدرات بعض المدربين محدودة وهذا لا يمنع من الاعتراف بالجهد والكفاءة والموهبة، لكن البقاء على الحال نفسه لا يطور المدرب أبداً، وبالتالي فإن لاعبينا وأنديتنا وكرتنا ستبقى مكانك سر.
والحلول لا تأتي كلها بالدورات المتقدمة التي يتبعها البعض من المدربين، إنما بالدروس الميدانية على أرض الملعب، وكما أن العديد من لاعبينا تطورت مهارتهم في الاحتراف الخارجي ودخلوا الأضواء الآسيوية وبعضهم قد يدخل قريباً الأضواء الأوروبية، فإن مدربينا بحاجة إلى هذه الجرعات الاحترافية التي لا تكون على شكل مدرب رئيس لأن هذا لن يحل المشكلة ولن يطور الموهبة، إنما على شكل مدرب ضيف على ناد محترف كما يسمونها «فترة تعايش».
هذه الفترة أهم بكثير من الدورات العالية لأنها تعلم مدربينا كيفية الإعداد للموسم، وكيفية إدارة الفريق، وكيفية معالجة الأخطاء وهكذا.
وهذا الأمر منوط باتحاد الكرة الذي عليه أن يراسل الاتحادات الصديقة والعربية ليضمن تحقيق هذا الأمر المهم للغاية والذي يساهم بتطوير العملية الفنية، ولا بأس بالبدء بمدربينا الشباب الذين أثبتوا وجودهم في الدوري أو مع المنتخبات القاعدية، ومع توالي السنوات سيصبح لدينا جيل متميز من المدربين القادرين على النهوض بكرتنا من القواعد.
الحكام
نتطلع إلى التحكيم على أنه مفصل مهم لتمام العملية الكروية وتحقيق عدالتها المطلقة.
وعندما نرى الأخطاء التحكيمية في الدورات الأوروبية الكبرى وفي البطولات فإن ذلك لا يعني أن نغض الطرف عن أخطاء حكامنا، بل على العكس علينا الاستفادة من أخطاء هؤلاء ليرتفع مستوى التحكيم عندنا.
والفكرة التي أخذها أغلب حكامنا عن التحكيم أنه قاضٍ في الملعب، لكن نسي أغلبهم أنه يجب أن يكون عادلاً وأن يتمتع بالأخلاق واللياقة بالتعامل واللباقة بالتصرف، وللأسف وجدنا الكثير من الحكام يطبق مقولة: «يا أرض اشتدي ما حدا قدي»!
نحتاج إلى لجنة تحكيم قادرة على إيصال هذه المفاهيم إلى كل الحكام.
ونحتاج إلى لجنة قادرة على رمي مصالحها الخاصة وراء ظهرها، وتنمية المصلحة العامة كحاجة وطنية تمليها عليها المسؤولية الموكلة بها والحكام يحتاجون فضلاً عن لجنة بمثل المواصفات السابقة، إلى من يراعي ظروفهم وأمورهم، وأولها رفع تعويضاتهم المالية لتواكب أسعار السوق، فمن غير المنطق أن ينال حكم خمسة آلاف ليرة لمباراة مجموع عقود لاعبيها مئة مليون ليرة!
أخيراً، لابد من إلحاق لجان التحكيم وغيرها بدورات الإدارة وتطوير الموارد البشرية ليتمكنوا من التعامل الصحيح مع كرة القدم من كوادر وحكام ولاعبين.
أخيراً
هذا غيض من فيض وهو أمر سهل التحقيق إن امتلكنا الإرادة لتحقيقه، لكن علينا أن ندرك أن الاحتراف يغزو العالم كسرطان والاتحاد الآسيوي بدأ يطبق قوانينه الاحترافية بالتدريج، وهي تشمل احتراف الأندية والكوادر واللاعبين، إن لم نبدأ اليوم فقد نجد أنفسنا يوماً ما خارج منظومة كرة القدم.