اقتصاد

في «الأربعاء التجاري»: مقترح لإنشاء بورصة سورية للمحاصيل

| صالح حميدي

طالب عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق منار الجلاد بأن يكون إعمار القطاع الزراعي من أولويات الحكومة خلال المرحلة القادمة، لأنه أساس حياة السوريين، وعلى اعتباره من أكثر القطاعات في سورية المولّدة للقيم المضافة، داعياً إلى عدم المكابرة بالاعتماد على اعتبار سورية بلداً صناعياً على حساب القطاع الزراعي، وإلغاء النظرة الدونية لهذا القطاع.
جاء ذلك خلال ترؤسه ندوة الأربعاء التجاري أمس في الغرفة تحت عنوان «تصنيع المنتجات النباتية والحيوانية» وذلك بالتعاون مع وزارتي الزراعة والصناعة، منوهاً بأن اللجوء إلى استيراد البذار الزراعية يعد مؤشراً خطيراً، ويهدد السلالات السورية، هذه البذور الممتدة عبر آلاف السنين في سورية، تصبح معرضة لخطر الزوال والانقراض، حيث تتصف البذار المستوردة بالعقم والارتهان باستمرار إلى مصدريها من البلدان الغربية.
وأكد الجلاد أن مثل هذه البذار المستوردة تنتشر حاليا عبر استعمال البذار الأميركية مع الخشية من اعتياد الفلاح السوري عليها، داعياً إلى إعادته إلى البذار المحلية الأصيلة وراثياً في سورية، واستغرب في الوقت ذاته عدم إنشاء معمل للمبيدات الحشرية على مدى عشرات السنين والإصرار على استيرادها رغم الكلف المرتفعة لها وغياب القدرة التصديرية عن منتجاتنا الزراعية.
أيده في ذلك مدير المركز الوطني للسياسات لشؤون الأبحاث في وزارة الزراعة محمود ببيلي، واصفاً البذار السورية بالثروة الوطنية، إذ تتميز بالأصول الوراثية، مشيراً إلى أن التلاعب بهذه البذار سياسة أميركية قديمة، وقد طبقت هذه اللعبة خلال غزوها العراق، حيث قضوا على الأصول الوراثية لها، وبات الفلاح العراقي يعتمد فقط على خمسة أصناف من البذار، وهي بذار عقيمة، فبات تحت رحمة الأميركي وأصبح مرتهناً له في توفير البذار الزراعية.
وعرض دراسة للصناعات الزراعية والغذاء الوظيفي، مشيراً إلى توفر مساحات كبيرة لم يتم استثمارها في المنتجات الزراعية المتصفة بالغذاء الوظيفي، لافتاً إلى أهمية هذه المنتجات في ظل التوجه شرقاً، حيث تعد روسيا سوقاً كبيراً لاستهلاك هذه المنتجات، والتي تتمتع بمزايا تصديرية، وتنوع حيوي لها على الجغرافية السورية، وقيم مضافة للاقتصاد، وفرصة واعدة للتنمية التجارية في سورية، ضارباً مثال نبات القبار وتكاليفه المنخفضة جداً وأن الدولار المستثمر فيه يولد 45 دولاراً في الأسواق العالمية حيث يتمتع بجدوى مالية واقتصادية.
منوهاً بأن العديد من المنتجات المتصفة بالغذاء الوظيفي في سورية تنتج عبر عدد من مؤسسات القطاع العام والخاص، إضافة إلى النباتات العطرية التي عوضت سورية نسبياً بعد تراجع المحاصيل الإستراتيجية.
بدوره اعتبر رئيس قسم التسويق الزراعي في وزارة الزراعة أسعد صباغ أن الأمن الغذائي من التحديات الرئيسة، وأن الزراعة لم تحقق الزيادة المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب على الأغذية واتسعت الفجوة الغذائية وأصبحنا نستورد حوالى نصف احتياجاتنا من السلع الغذائية الرئيسة.
مشيراً إلى أن الإمكانات الكامنة لقطاع التصنيع الزراعي هائلة وأن ما يستخدم من المحاصيل الزراعية في الصناعة نسبته محدودة لا تزيد على 2.3 بالمئة.
وكشف عن استثمار أموال مهمة نسبيا في مجالات تنمية الإنتاج الزراعي من دون أن يصاحب ذلك ضخ استثمارات ملائمة لتطوير تسويق وتصنيع هذا الإنتاج، أي إهدار شطر كبير من الإنتاج، وتقليص الأثر التنموي للاستثمارات في قطاع الإنتاج.
سوزان طه من المركز الوطني للسياسات الزراعية وصفت الزراعة بإحدى أهم الركائز الأساسية للاقتصاد السوري، مشيرة إلى نسبة مساهمته خلال الفترة 2010- 2016 بين 20 إلى 27 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، ونسبة تشغيل اليد العاملة فيه بين 20- 25 بالمئة من إجمالي اليد العاملة الدائمة، ونسبة الصادرات الزراعية بين 17- 19 بالمئة من إجمالي الصادرات، ونسبة صادرات التصنيع الزراعي بين 16-44 بالمئة من إجمالي الصادرات الزراعية، وبين 6- 15 بالمئة من إجمالي الصادرات الكلية.
وأشارت إلى مساهمة القطاع الخاص بشكل فعال في التصنيع الزراعي ففي عام 2015 بلغ عدد منشآته 2193 منشأة موزعة على فروع التصنيع الغذائي 356 منشأة والخزن والتبريد 910 منشآت وتصنيع الزيوت 842 منشأة إضافة لمنشآت أخرى لتصنيع المشروبات الكحولية والأعلاف الحيوانية وغيرها من بنود التصنيع الزراعي.
ولفتت طه إلى تعرض الكثير من معامل القطاع الخاص للضرر ففي حلب تعمل فقط 8 مطاحن خاصة بطاقة 1285 طناً في اليوم من أصل 33 مطحنة، وخروج الكثير من معامل البرغل والعدس والحلويات وقد تجاوزت خسارتها 2800 مليون ليرة سورية وتضرر العديد من منشآت تصنيع زيت الزيتون والزيوت النباتية ومنشآت الألبان والأجبان وغيرها.
وبينت طه أن أهم معوقات واجهت التصنيع الزراعي خلال الأزمة تتمثل بخروج عدد كبير من المعامل عن الخدمة بسبب سيطرة المسلحين عليها وتعرضها للدمار والتخريب ونهب المعدات التي تقدر بالمليارات وخسارة المادة الأولية الزراعية بسبب عدم قدرة المزارعين على الوصول لأراضيهم في المناطق الساخنة وعدم القدرة على نقل المواد الأولية للمعامل وعدم القدرة على نقل المنتجات إلى الأسواق وارتفاع أجور النقل، إضافة إلى قلة توافر اليد العاملة بسبب الهجرة والنزوح الداخلي وارتفاع أسعار مصادر الطاقة وصعوبة تأمينها وصعوبة تأمين المواد المستوردة اللازمة للتصنيع الزراعي بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية.
ودعا المحاضرون إلى وضع إستراتيجية شاملة في جميع مراحل التصنيع بدءًا من الزراعة ثم التصنيع والتعبئة والتغليف والتسويق بالتنسيق بين الوزارات والجهات المعنية وتطوير تكنولوجيا الصناعة والزراعة عن طريق زراعة أصناف مناسبة لرفع جودة المنتج واستخدام التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج النباتي والحيواني واستخدام التكنولوجيا الحديثة للتعبئة والتغليف للمنتجات الزراعية للحفاظ عليها وتوفير الخدمات الداعمة مثل النقل المبرد وأماكن التخزين للحفاظ على جودة الإنتاج الزراعي.
وطالبوا أيضاً بالربط بين الاستثمار الزراعي والتصنيع الزراعي عن طريق استثمار مساحات كبيرة بغرض التصنيع الزراعي وطرح مساحات صغيرة للاستثمار من الشباب بجوار هذه المساحات مع توقيع عقود بينهم وبين الشركات الكبرى لتوريد إنتاجهم لمصانع الشركات الكبيرة والتنسيق مع شركات التصنيع الزراعي الحالية التي بها طاقات عاطلة من أجل زراعة ما تحتاجه من محاصيل لاستغلال هذه الطاقات والتعاون بين التعاونيات الزراعية والتعاونيات الأخرى الاستهلاكية والإنتاجية في مشروعات مشتركة مثل تسويق وتصنيع الحاصلات الزراعية ومنتجات الألبان والدواجن.

واقترحوا الربط بين المزارعين والمستثمرين في التصنيع الزراعي من خلال توقيع عقود مع المزارعين لتوريد إنتاجهم إلى مصانع الإنتاج الزراعي بأسعار مجزية وإنشاء بورصة محلية للحاصلات الزراعية الرئيسية تتيح الإعلان الدوري عن أسعار الحاصلات الزراعية ما يوجه المزارع لزراعة المحاصيل الأعلى عائداً، ويمكن في إطارها التعاقد بين المزارعين وشركات التصنيع الزراعي ونشر خريطة التصنيع الزراعي على جميع المحافظات عن طريق إعلان كل محافظة عن فرص الاستثمار في التصنيع الزراعي المتاحة لديها وذلك لتسويقها للمصانع القائمة أم لإنشاء مصانع جديدة للاستفادة من هذه الفرص.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن