سورية

رجَّحت تواصل استخدام ذريعة «الكيميائي» ما لم يتم تفكيكها أو احتواء استخدامها … دراسة: العدوان على سورية وضع العالم إزاء اختبار اندلاع حرب كبرى

| الوطن

اعتبر مركز دمشق للأبحاث والدراسات «مداد»، أن العدوان الثلاثي على سورية وضَعَ النظامَ العالميّ إزاء مخاطر غير مسبوقة، وإزاء اختبار نادر باندلاع حرب كبرى. وأكد أنه رغم حرص روسيا وإيران وسورية، على تفادي الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، إلا أن التهديد الأميركي كان يزداد باطِّراد، مرجَّحا أن يتواصل استخدام ذريعة الكيميائي، طالما لم يتم تفكيكها أو احتواء إمكانية استخدامها.
وأصدر «مداد» دراسة بعنوان «حيث يسقط الظل.. الولايات المتحدة إزاء الأزمة السورية»، كتبها رئيس القسم السياسي في المركز، عقيل محفوض، وتلقت «الوطن» نسخة منها، اعتبر فيها، أن الاعتداء على سورية بذريعة استخدام الكيميائي في دوما بريف دمشق، يبدو تطوراً في الدرجة والنوع، من حيث طبيعة التدخل أو التورط الأميركي في الأزمة السورية، مقارنة بالاعتداءات المباشرة السابقة.
ورأى محفوض، أنه وبالأخذ بالاعتبار بأن التهديد الدائم بالحرب، هو اعتداء آخر، فإن الاعتداء الفعلي حدث عندما شنت الولايات المتحدة حملة سياسية وإعلامية غير مسبوقة بذريعة الحرص على المدنيين في الغوطة الشرقية لدمشق.
وأعرب محفوض عن اعتقاده بأنه وفي مقابل الحملة الدعائية الأميركية، فإن تأكيد سورية وحلفاؤها المستمر على المخاوف من الذريعة ذاتها، خفف إلى حد ما من تواتر استخدامها لبعض الوقت، لكنه لم يلغها، ومن ثم فإن مسرحة الهجوم الكيميائي المزعوم كان الفصل الثاني أو الثالث من ردة الفعل الأميركية على عملية تحرير الغوطة.
ونظراً لأن استخدام الكيميائي من أهون الذرائع للتهديد ورفع سقف المطالب أو لاستخدام العنف، رجَّح محفوض أن يتواصل استخدام الذريعة نفسها، طالما أنَّ سورية وحلفاءها لم يتدبروا السبل المناسبة لتفكيكها أو احتواء إمكانية استخدامها.
وأكد الباحث أن طبيعة المعركة في سورية، تغيرت، ولم يعُد الهدف هو «إسقاط النظام»، وانتقل الجميع تقريباً إلى مستوى ثان من المواجهة، وهو العمل ما أمكن على رسم خرائط للنفوذ والسيطرة، في الأمن والاقتصاد، وفي السياسة. وأوضح أنه تبين لخصوم دمشق أن الاستمرار في المعركة تحت عنوان «إسقاط النظام»، لا طائل منه، كما أن وجود «دولة فاشلة» أو «منقسمة»، يمثل مصدر تهديد ويخلق واقعاً يصعب التحكم فيه. وأضاف «ومع ذلك لا يبدو أن الخصوم مستعدين لتغيير الأجندة، إنما هم مُكرَهُون على «تكييفها»، بما يضمن لهم أكبر قدر من المكاسب والضمانات بشأن المستقبل».
ورأى محفوض، أن «ما ترغب به» إدارة ترامب شيء، و«ما تفصح عنه» شيء آخر، و«ما يمكنها القيام به» شيء ثالث، و«ما تقوم به بالفعل» شيء رابع.
وأضاف: «من ثم فإن ترامب ومؤسسة الأمن القومي، يراعيان في إدارة الأزمة، «الحدودَ» القائمة بين المستويات المذكورة، وهذا التعامل يقع بين حدين، إما الدخول في مواجهة، أو الدخول في عملية تسوية سياسية».
وبعد أن رأى محفوض أن كلا الخيارين مستبعدان، رجح أن تواصل الولايات المتحدة اللعب بين هذين الحدين، الأمر الذي يجعل الأزمة السورية مرشحة للمزيد من المواجهات.
وأشار إلى أنه ورغم حرص روسيا وإيران وسورية، على تفادي الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، أو حتى محاولة استهداف أولوياتها شرق الفرات والمنطقة الجنوبية، إلا أن مدارك التهديد الأميركية كانت تزداد باطّراد.
ورأى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب أرادت من وراء العدوان الثلاثي على سورية تأكيد بعض الأمور، مثل عدم التفرد الروسي في إدارة الأزمة، وطمأنة الحلفاء، بالإضافة إلى عوامل داخل الإدارة الأميركية نفسها، مما يخص شخصية ترامب نفسه، وطمأنته لـ«الدولة العميقة» حيال روسيا وإيران، وأنه مستعد لمواجهة روسيا، حتى لو تسبب ذلك بحرب مفتوحة معها.
وأشار محفوض إلى بعض الدوافع للاعتداء على سورية ومنها، الانتقام من عملية تحرير الغوطة، وربما تثبيت خطوط وخرائط السيطرة والنفوذ في سورية، ومراجعة التفاهمات وقواعد المنافسة مع روسيا، واحتواء التفاهمات الثلاثية لرعاة مسار أستانا، ورسم حدود لإمكانات الجيش السوري، وعدم تحويل الإنجاز العسكري إلى إنجاز سياسي لمصلحة دمشق.
وأوضح أن الاعتداء حقق جملة من الأمور منها الاقتصاد في الصراع أو احتواء الحرب، وأظهر قوة دمشق وحلفائها، أما فيما يخص «إسرائيل» فقد أظهر لها حجم الاعتداء حدود قدرة الولايات المتحدة وشركائها على فرض شروطهم في الساحة السورية، وأنه لا بد لها من أن تواصل مداولتها وتجاذباتها مع روسيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن