تهديد نتنياهو زوبعة ابتزاز أميركية لفنجان سعودي
| تحسين الحلبي
يبدو أن الغطرسة التي وصل إليها رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلغت درجة تفوق حجم كيانه ودوره في المنطقة فقد أراد الظهور بمظهر من يستطيع جمع معلومات عن إيران ومشروعها النووي المدني أكثر مما تجمعه جميع وكالات المخابرات الأميركية والبريطانية حين عرض مزاعمه وفبركاته عن إيران قبل يومين إلى حد جعل بعض المعلقين الإسرائيليين يصفونه «بأكبر خبير نووي مختص في العالم»؟!
والحقيقة التي يستمدها المراقبون المحايدون من هذا العرض الإسرائيلي هو أن نتنياهو كرر في مزاعمه هذه ما كان وزير الدفاع الأميركي الأسبق كولين باويل قد عرضه على مجلس الأمن والعالم من مزاعم مبرمجة «بالصور البيانية» في شباط 2003 ليتهم بغداد بامتلاك أسلحة كيميائية ومعاقبتها بالغزو العسكري المباشر بعد شهر من عرض هذه المزاعم، فإسرائيل تعرف على غرار جميع دول العالم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيعلن عن موقف أميركي ينسحب فيه من اتفاقية فيينا التي وقعتها ست دول مع طهران والمعروفة باسم (خمسة +1).
يبدو أن نتنياهو يريد في هذه الظروف حشد كل أشكال التحريض على إيران بعد فشل العدوان الثلاثي الأميركي البريطاني الفرنسي على سورية بعد استخدامه المفبرك لموضوع السلاح الكيميائي في دوما، فإسرائيل أحبطتها جولة الانتصار السوري على المخطط الثلاثي فقررت الانتقال إلى استهداف الحليف الإقليمي الرئيس لسورية وهو إيران ووضعته في أولوية جدول عملها بانتظار القرار الذي سيتخذه ترامب في 12 أيار المقبل.
نتنياهو أراد أن يحول إسرائيل وكل من يستهدف التحالف السوري الإيراني الروسي إلى منصة إعلامية لا تتوقف عن تهديد هذا المحور في المنطقة انسجاماً مع السياسة التي أعلن عنها وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو وهدد فيها سورية وإيران والدور الروسي في المنطقة، لكن الخطة التي عرض بعض تفاصيلها بومبيو على الكونغرس في 13 نيسان الماضي قبل التصديق عليه كوزير للخارجية ركزت على استخدام دول عربية مثل السعودية وغيرها في أي مواجهة ضد إيران على مدى السنوات المقبلة وليس بتلك السرعة التي تريدها إسرائيل، فواشنطن تعرف جيداً أن أي حرب تشنها بقوات أميركية على إيران لن تحقق مصالحها بل على العكس من ذلك سيتعرض الوجود الأميركي العسكري والمصالح الأميركية إلى خطر متواصل في حرب طويلة تمتد من أفغانستان إلى إيران والعراق ومناطق أخرى.
تدرك إسرائيل أنها لا يمكن أن تفكر بشن حرب وحدها على إيران مهما كانت الأسباب ما لم تشارك في هذه الحرب القوات الأميركية وهذا ما أعلنه عدد من المسؤولين العسكريين الإسرائيليين في أكثر من مناسبة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما وفي عهد ترامب أيضاً، لأن حرباً كهذه ستمتد عبر الجبهة الشمالية الإسرائيلية وهي الجبهة الأكثر تعرضاً لآلاف أو عشرات الآلاف من الصواريخ التي تصل إلى كل شبر في إسرائيل.
وتشكل المخاوف الإسرائيلية من الجبهة الشمالية أهم عامل في قوة ميزان القوى عند التحالف السوري الإيراني إضافة إلى حزب الله أمام إسرائيل في المنطقة ولم يطرأ حتى الآن على هذا الميزان أي تغيير ضد مصلحة هذه الأطراف الثلاثة.
ولذلك يرى معظم المحللين في الولايات المتحدة أن الدور الإسرائيلي في هذه الظروف يقتصر على تشجيع عدد من الدول العربية وفي مقدمتها السعودية على زيادة استفزازها لإيران وحشد القدرات العسكرية ضدها بعد فشلها في زعزعة متانة التحالف السوري الإيراني خلال السنوات السبع الماضية، فواشنطن وتل أبيب تدركان أن سورية قادرة بفضل الدعم الروسي والإيراني العسكري على إحباط أي عدوان وخصوصاً بعد موافقة روسيا على إرسال أسلحة حديثة إلى سورية لحماية أراضيها وجيشها، ويبدو أن نتنياهو سيعزز يوماً تلو آخر صلاته بالعائلة المالكة السعودية واستخدامها ضد إيران وسورية ومن يتحالف معهما في المنطقة ولن يتجاوز الوضع هذه الحدود التي لا تعرقل الابتزاز الأميركي لأموال النفط العربية.