بانتظار استعادة المنظمات الدولية دورها
| عمار عبد الغني
في قراءة لما تمخّض عن اجتماع وزراء خارجية الدول الضامنة في موسكو، يمكن القول إن نتائجه كانت صرفاً لمنجزات جيشنا في الميدان بعد أن انحسر عدد الدول المتدخلة من محور الحرب مع انهزام التنظيمات الإرهابية بكل تسمياتها بدءاً بـ«داعش» و«جبهة النصرة» وصولاً إلى ميليشيات «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و«حركة أحرار الشام».. إلخ، من المسميات التي حاولوا الزج بها لتلميع صورة الإرهابيين تحت شعارات دينية، حيث كل واحد من تلك التنظيمات والميليشيات كان ينفذ أجندة الدولة التي تموله من السعودية وقطر وتركيا وصولاً إلى فرنسا وبريطانيا وأميركا.
ومن ثم، فإن أي مسارات سياسية حاول محور الحرب من خلالها الحصول على مكاسب سياسية عجز عن تحقيقها عبر سنوات الحرب، باتت منتهية الصلاحية وعلى رأس تلك المسارات ما جاء في مسار جنيف الذي عجز خلال جولاته الثماني عن تحقيق أي تقدم يذكر، بل إن ما حدث تعطيل للعملية السياسية جراء اتخاذ «معارضة الرياض» دور المعرقل والمعطل لأي تقدم، وعليه فإنه بعد انهزام أدوات السعودية في سورية يكون قد سقط دور «المعارضة السياسية» التي تمثلها وهذا ما حدث بالفعل، حيث تم إتلاف «الائتلاف» وتم قطع رواتب الأشخاص الذين كانوا ينفذون ما يطلب منهم من أنظمة آل سعود وآل ثاني وأردوغان، وهذا ما دفع أبرز أعضائه للاستقالة تحت ذرائع وحجج واهية، ما يعني دفن «جنيف» بمقرراته وأشخاصه وداعميه والدفع قدماً بالمسارات التي حققت تقدماً فعلياً على الأرض.
البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية الضامنة، أكد جملة نقاط أشاد فيها المجتمعون بفعالية مسار أستانا باعتباره العملية الدولية الوحيدة التي استطاعت عن طريق الجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب تخفيض التصعيد وتوفير الظروف المساعدة لتسوية سياسية ومن بينها تسهيل إجراء الحوار السوري الشامل والمساعدة على تحسين الأوضاع في سورية.
وهذا يتماهى مع ما طرحته الدولة السورية في كل الاجتماعات والمؤتمرات التي عقدت لإيجاد مخرج للأزمة، بل إن الرئيس بشار الأسد قدم مبادرة في بداية عام 2012 تذهب أبعد من ذلك في الإصلاح ومناقشة كل ما يطرحه الشعب على طاولة البحث ما دام لا يتعارض مع سيادة واستقلال ووحدة سورية أرضاً وشعباً، وقوبلت حينها بالرفض من محور الحرب بذريعة أنها جاءت «متأخرة» وكلنا يذكر تصريحات المسؤولين الفرنسيين والبريطانيين والأميركيين في هذا الشأن، حيث إن المخطط المرسوم كان أبعد ما يكون البحث عن مستقبل أفضل للشعب، فالمطلوب كان تقسيم سورية على أسس «طائفية ومذهبية» تتقاتل بينها لعقود قادمة في إطار الحفاظ على أمن «إسرائيل».
لقد تلقى المشروع الصهيوأطلسي ضربة قاصمة جراء هزيمة أدواته الممتهنة للقتل في كل المناطق التي تسللوا إليها وفشل ثالوث العدوان الأميركي الفرنسي البريطاني في تحقيق أي من أهدافه، وعليه فإن ما ينتظره الشعب السوري من المجتمع الدولي هو قول كلمة حق والوقوف ولو مرة في وجه رأس الشر في العالم أميركا، التي تحاول تسويق الذرائع لمواصلة الحرب على وطنهم مرة بذريعة استخدام الأسلحة الكيميائية وأخرى بضرب مواقع سورية بمزاعم إنتاجها تلك الادعاءات التي سقطت بعد أن قدمت بعثتا سورية وروسيا 17 شاهداً في لاهاي وأكدوا أن هجوم «دوما الكيميائي» مسرحية مفبركة من تأليف وإخراج ما يسمى «الخوذ البيضاء» ذراع الاستخبارات البريطانية في سورية.
حتى الآن لم يصدر عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أي بيان في هذا الشأن ولعلها تتعرض لضغوط من دول العدوان الثلاث التي سيترتب على انكشاف زيف ادعاءاتها وأضاليلها الانسحاب الكلي من سورية ودفع تعويضات على ما أحدثته من قتل ودمار، ورغم ذلك على المنظمات الدولية إن كانت بالفعل تريد الحفاظ على شيء من المبادئ التي أسست عليها أن تقول كلمة حق ولو كان ثمنها وقف تمويلها من تلك الدول، ففي النهاية إما أن تسود العدالة الدولية عبر تسمية الأمور بمسمياتها وإحقاق الحق، وإما أن تتحول إلى شريعة الغاب ووضع العالم على حافة الهاوية.