ثقافة وفن

ضياء الحموي: تجربة جديدة متممة لما سبق فيها الكثير من الانفعال والحداثة

| سوسن صيداوي

الكثافة. البساطة. الصخب. ثلاثة عناصر تجتمع في لوحات تتلاقى في فن تشكيلي ليس بالتقليدي، وبالنسبة للمساحة واللون فهما يمثلان الفضاء الحر الذي يمتلكه الفنان. بهذه الكلمات قدّم رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للفنون البصرية غياث الأخرس الفنان ضياء الحموي، خلال البروشور الذي وُزّع في افتتاح معرض الفنان في المركز نفسه، في غمرة واضحة من الاهتمام والذهول مع الدهشة للأعمال التي استقطبت ما ذكر. وللوقوف حول المعرض إليكم باقة من آراء المعنيين ومن أهل الفن.

الهاجس غنائي
تحدث رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للفنون البصرية غياث الأخرس عن التعايش الذي يقدمه الفنان ضياء الحموي، مع النغم التشكيلي الذي يبدو كإيقاع موسيقي باستمرار. متابعاً «هذا الهاجس الذي يسكن (الحموي) يكاد يكون مستهلكاً في الوسط التشكيلي الحالي. الخط ببساطته ضمن فضاء فرح وبسيط، مع تراكم شفافيات لونية، مكّنت الفنان من الخروج عن أدبية الخط الذي أفقدته قيمته، ليجعل منه رمزا غرافيكياً متحركاً، يحمل الحياة وينتقل من منتهى البساطة إلى منتهى الصخب الخطي (الغرافيكي) واللوني، من دون ضجيج أو ادعاء، فهو انتقال مدروس ومشغول بعفوية الحب ورهافة الحس».

بصرية الدهشة
على حين اعتبر الفنان التشكيلي موفق مخول أن المعرض منذ اللحظة الأولى يشعرك بالدهشة البصرية، وبرأيه هذا المعرض هو أهم شيء بالمعارض التشكيلية، لأنه يشد المشاهد لما تحويه اللوحات من ذكاء بصري. متابعاً حول المساحات والأسلوب مع تمازج الألوان «اعتمد الفنان على المساحات والتبسيط، إضافة إلى اللون الذي هو سيد اللوحة، وما لاحظناه من المشاهدة للأعمال، لا يوجد فيها تعقيدات، بل وجدنا فيها فناً حديثاً ومعاصراً، وبرأيي هذا الفن موجود ونحن نراه ونلمسه كل يوم، فهو موجود بداخلنا وموجود بحياتنا، من خلال الأزياء والتكنولوجيا وحتى ألوان الطبيعة، ولكنه مجهول أو غير ملاحظ للكثيرين منا».
مضيفاً الفنان مخول- بأن لوحات الفنان ضياء الحموي غريبة عن الفن التشكيلي السوري وفيها شيء جديد، وأن الفن التشكيلي السوري أصبح مكرراً لنفسه «أصبحنا نشبه بعضنا بلوحاتنا وأفكارنا وجمهورنا، لكنّ هذا المعرض جديد ومعاصر فهناك لعبة لونية مهمة باللوحة، ويوجد حس بصري حديث وحجم اللوحات ممتع بصرياً، وإذا أردت أن أضع عنواناً للمعرض سأعنونه بـ(الذكاء البصري)، فالمعرض يحمل ذكاء بصرياً وتبسيطاً جميلاً، فالفنان قال لنا ما يريد بجمال وذكاء وبساطة، وهناك حوار لوني باللوحات جميل جدا، وطبعا صالة المركز خدمت اللوحات، واللوحات خدمت الصالة بأحجامها، وبالنهاية العمل الفني يحتاج إلى مكان يحترمه ويليق به، وفي ختام حديثي أقول:هذا المعرض من المعارض التي هزتني بصرياً من الداخل».

التجربة جديدة
من جانبه أعرب الفنان التشكيلي وليد الآغا عن إعجابه بالمعرض قائلاً: أنا أجد نفسي أمام تجربة جديدة للفنان الحموي وهي تتمة لتجاربه السابقة، ولكنه اليوم أكثر انفعالاً وحداثة، فهو ومنذ البداية عمل على الألوان المتعلقة بعوالمه الداخلية والجمالية وعمل على المفاهيم التراثية وعناصر الطبيعة كالسنونو وشقائق النعمان، فلقد كان يبحث بشيء من العقلانية. أما اليوم التقنية واضحة ولوحته فيها بحث تقني واضح وفيها إحساسه ومشاعره، وأنا متابع لتجربته من اللوحات الأولى له لذا أستطيع القول إنه تمرد على ما في داخله ولكنه ظل ضمن سياق عناصر لوحته، حتى ألوان الباليت كما هي، لكنها اليوم أكثر نضجاً.
متابعاً الآغا «بأن الفنان ضياء استطاع أن يصل إلى تصالح مع نفسه ولم يتغير، حتى عندما خرج من سورية قدم لوحاته المفعمة باللون والجمال البصري والمفعمة بمفهوم الحداثة، فهو يملك شخصية متفردة ومعرضه يدعو للتفاؤل، ونحن أمام شيء حديث لكن بمفاهيم بصرية جديدة، كما حافظ الفنان على هويته بالمطلق وأدخل الانفعال الشخصي واللحظي تجاه اللوحة، ولعب بتقنيات تحرض الذاكرة، والأهم أنه تمكن من هذه التقنية معطياً اللوحة مساحة أكثر وحرية أكبر».
وبالنسبة لموضوعات اللوحات أشار الآغا إلى «أنها متفاوتة، فيها صراع مع ذاته وفيها حنين، وبالمقابل هناك لوحات فيها بهجة، سعادة، تفاؤل، وتحاكي الذائقة البصرية لكل متلق، وأنا أرى أنه يتنفس روحاً جديدة لكن ضمن المكونات والمعطيات المتأصلة فيه لأنه ابن بيئته».

لوحات خارجة عن المألوف
على الرغم من أننا غير معتادين على نوعية كهذه من أعمال الفن التشكيلي إلا أن الكثير من الفنانين وجدوا فيها فرحاً ووضوحاً وإحساساً كبيراً بالتفاؤل، وهذا ما عبر عنه الفنان التشكيلي بشير بشير، لافتاً إلى العوامل الأساسية التي هي قوام اللوحة الفنية الحاضرة بالاتصال البصري القوي، وما تحتويه الأعمال من إعلان وتجريد، إضافة إلى التصوير والغرافيك، مع الكتلة والفراغ. وأضاف: «أنا أرى في المعرض بعض اللوحات الخارجة عن المألوف، فبعضها أدخل عليها الكولاج الذهبي وبعض التقنيات المختلفة التي أعطت طابعاً فنياً أكثر، وهناك لوحات تعبّر عن ذاكرة المكان بما فيها من صخب لوني، ولوحات تدل على حالة الفنان النفسية التي يمر بها كالدوران والضجيج الموجود داخله، وهناك لوحات مفرحة أيضاً. فالمعرض منوع ومهم جداً، فالحركة الفنية فيه متطورة وفيه رؤية جديدة، وفي النهاية على الفنان أن يطور نفسه دائماً كي يواكب تطور الحركة الفنية، وأن يقدم الجديد في كل عمل يقوم به».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن