رياضة

هل يغيّر اتحاد السلة من إستراتيجيته ويعيد بناء منتخباته الوطنية ؟

| مهند الحسني

تفصلنا أيام قليلة عن انطلاقة مباريات النافذة الثالثة والأخيرة من التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم في الصين 2019 لكرة السلة، وما زال مصير منتخبنا وتحضيراته غير معروفة رغم أننا على موعد مع لقاء مصيري أمام المنتخب الهندي قد يطيح بآمالنا لا سمح الله، ويخرجنا من دائرة المنافسة في حال الخسارة، رغم أن كل الترشيحات تصب في خانة فوز منتخبنا، وضمان تأهله للدور الثاني من التصفيات العالمية.

اعتماد إستراتيجية
لن نكون منصفين إذا قلنا: إن منتخبنا الوطني الأول بات بحاجة ماسة لإعادة ترتيب أوراقه بشكل كامل، لأننا لم نر منذ دخوله التصفيات أي نوع من الإستراتيجية الواضحة، فكل يوم نرى دعوات جديدة لأجيال شابة وكبيرة من اللاعبين بحجة التجريب، لكن الحقيقة التي لمسناها هي أنه ليس كل من يدعى للمعسكر يعني أنه سيمثل المنتخب، بعدما شهدت تحضيراته دخول الكثير من اللاعبين الشباب على أمل بناء منتخب جديد للمستقبل، لكن يبدو أن التحضيرات شيء، وانتقاء من يراه الجهاز الفني شيء آخر.
لذلك كنا نمني النفس حتى وصل بنا الأمر بأن نكذب أنفسنا، ونصدق هذه الأقاويل غير المعقولة، عندما روّج القائمون على اتحاد السلة، بأن حال هذا المنتخب سيكون هذه المرة غير كل المرات السابقة، وبأن عقلية جديدة، ومتطورة ستقود عملية تطويره، واعتباره اللبنة الأساسية لبناء منتخب للمستقبل، واكتملت الصورة وضوحاً عندما أسند الاتحاد الإدارة الفنية إلى المدرب الصربي ماتيتش الذي صوّره البعض بأنه سيخرج الزير من البير، وبأنه سيكون المنقذ لمنتخبنا، وبأنه سيطوّر مستوانا حتى نلامس حدود تطلعاتنا، وتخوم طموحاتنا، لكن وللصراحة ما زلنا ندور في حلقة مفرغة لا نستطيع الخروج منها في حال بقيت الأمور على حالها دون تجديد جذري وشامل لكل تفاصيل المنتخب الأول.

تفاؤل
سنزيد من فسحة تفاؤلنا بالتأهل للدور الثاني من التصفيات العالمية، وهو إنجاز يعد جيداً في الفترة الحالية التي تمر بها السلة السورية، بعد الهجرة الكبيرة التي شهدتها بجميع مفاصل اللعبة، لكن بالوقت نفسه يجب أن نستفيد من هذا التأهل، وألا تشطح بنا الأحلام أكثر، وأن تكون مشاركتنا المقبلة في الدور الثاني أكثر وضوحاً، وأغنى فائدة من الناحية الفنية على أقل تقدير، سنتكلم ضمن حدود وحقيقة مستوانا الفني الذي سيضعنا في مواجهات قوية، والفوز فيها شبه مستحيل أمام منتخبات تتفوق علينا بكل شيء، وهذا يجب أن يجعلنا نشحذ الهمم، ونعد العدة لهذه اللقاءات المهمة بشتى السبل، والتي لن يكون الفوز فيها حليفنا مهما كانت تحضيراتنا مثالية، ومهما كان لمنتخبنا الكثير من مقومات الفوز من لاعبين مؤثرين، لسنا متشائمين، لكن علينا أن نتحدث بصراحة، فالفوارق الفنية باتت شاسعة بين مستوانا، ومستوى تلك المنتخبات الآسيوية أمثال منتخبات(الصين، نيوزيلندا، أستراليا، إيران، كوريا الجنوبية، اليابان)، لذلك لابد من إعادة العمل بالإستراتيجية الجديدة للمنتخب، والإسراع في تشكيل منتخب من اللاعبين الشباب، واعتباره اللبنة الأولى لمنتخب عصري، وزجه في معمعة هذه التصفيات، وغض النظر على موضوع نتائجه، واعتبار مباريات هذه التصفيات بمنزلة تحضيرات جدية لهذا المنتخب الشاب، ما دامت الخسارات ستمنى بها سلتنا في هذه المرحلة من التصفيات إن شئنا أم أبينا، ومصير المنتخب سيكون الحل بعد خروجنا الهزيل، فلماذا لا نعمل بعكس التيار لأول مرة، ونقوم بإعداد هذا المنتخب الجديد للمستقبل، وعلى اتحاد السلة الاستفادة من المدرب الصربي ماتيتش، وتشكيل نواة هذا المنتخب، والعمل عليه لثلاث سنوات مقبلة مع توفير كل الأجواء التحضيرية المناسبة له وفتح باب المشاركات أمامه.

انتقاء مدروس
ظهر هذا الموسم في بطولتي الشباب والناشئين لاعبون على مستوى عال يبشر بالخير، وخاصة في أندية الشهباء التي كانت وما زالت ولادة للنجوم، وهذا يعني أن سلتنا غنية بكثير من المواهب، والخامات لكن تنقصها الرعاية والاهتمام والأجواء التحضيرية المناسبة، لذلك لابد من انتقاء عدد كبير من هؤلاء اللاعبين، ووضع خطة إعداد لهم لثلاث سنوات، والعمل بهدوء وتروّ على هذا المنتخب الذي من الطبيعي أن يكون المنتخب الذي نحلم فيه، بعد غياب شمس سلتنا الوطنية عن منصات التتويج على الصعيد العربي على أقل تقدير، وأن يكون منتخباً قوياً، ونداً عنيداً لمنتخبات القارة الآسيوية، بدلاً من أن يكون صيداً سهلاً تستبيح سلته أسهل منتخبات القارة من كل حدب وصوب.

استفادة
وصل دعم المكتب التنفيذي لمنتخبات كرة السلة إلى مستوى عال لم تحلم فيه اللعبة حتى في أيام الرخاء، وهذا الدعم يجب أن يستفيد منه اتحاد السلة، ويضع على طاولة المكتب التنفيذي خطته الجديدة في إعداد المنتخب، والحصول على موافقة ومباركة القيادة الرياضية، ومن ثم العمل بهدوء على تطبيق هذه الخطة على أرض الواقع، مع توفير جميع الكوادر الوطنية القادرة على تقديم أشياء جديدة لمنتخبات السلة، واتحاد السلة أمام اختبار جديد ليثبت مدى قدرته على إجراء التغيير الجذري الشامل بإعداد منتخباته، وغير ذلك ستبقى منتخباتنا ضعيفة هزيلة إلى أن تصل إلى حد التلاشي وهذا ما لا نريد ولا نتمناه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن