اللبنانيون ينتخبون برلمانهم لأول مرة وفق نظام نسبي والصوت التفضيلي … عون: من تنازل عن هذا الحق فهو يتنازل عن حق محاسبة النواب
توجه اللبنانيون أمس الأحد إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 128 نائباً للمرة الأولى منذ نحو عقد تقريباً، ولأول مرة وفقاً لقانون انتخاب جديد يعتمد النسبية والصوت التفضيلي ودوائر صغيرة.
وستتضح فجر اليوم الإثنين نتائج الانتخابات لترسم ملامح المرحلة السياسية المقبلة في البلاد، بدءاً من انتخاب رئيس للبرلمان ثم تسمية رئيس مكلف تشكيل الحكومة، وصولاً إلى نيل الحكومة الجديدة أو حكومة العهد الأولى كما ستسمى مروراً بالكباش غير السهل على توزيع الحقائب الوزارية، ولا سيما السيادية والخدماتية، وسط توقعات بألا تكون تلك الأمور سلسة لأن الكثير من التباينات ظهرت في البلاد قبل دخول لبنان فترة الاستحقاق الانتخابي.
وأدلى الرئيس اللبناني العماد ميشال عون بصوته في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، وبعد الاقتراع اعتبر عون في كلمة له أن اللبنانيين يمارسون أهم عملية وطنية سياسية، وأن هذا اليوم يختار فيه اللبنانيون من يمثلهم لأربع سنوات، مشيراً إلى أن مجلس النواب هو المؤسسة التي تتوزع منها كل السلطات.
كما شدد الرئيس عون على كل لبناني أن يمارس صلاحياته وعدم إهمال هذا الحق، معتبراً أنه إذا تنازل عن هذا الحق فهو يتنازل عن حق محاسبة النواب، متمنياً أن تكون العملية الانتخابية بحسب إرادة اللبنانيين واختيار اللائحة مع اختيار الصوت التفضيلي. وعندما سئل لمن صوّت، أجاب عون «أكيد لقد صوت للعهد».
وأدلى أكثر من 250 ألف ناخب بأصواتهم في الانتخابات بعد 3 ساعات من افتتاح صناديق الاقتراع.
ويتنافس 597 مرشحاً، بينهم 86 امرأة، منضوين في 77 قائمة، للفوز بأصوات 3.7 ملايين ناخب مسجلين على لوائح الشطب، للوصول إلى البرلمان.
وفتحت صناديق الاقتراع أبوابها عند السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي في 1880 مركز اقتراع موزّعة على 15 دائرة انتخابية، وسط إجراءات أمنية مشددة. إذ وضعت الأجهزة الأمنية والعسكرية ما بين 20 و30 ألف عنصر في حالة جهوزية، وفق وزارة الداخلية.
وتجري الانتخابات للمرة الأولى منذ عام 2009، بعدما مدّد البرلمان الحالي ولايته ثلاث مرات متتالية بسبب الانقسامات السياسية وبحجة التوصل لقانون انتخاب عصري.
وتعبر شرائح واسعة من اللبنانيين عن خيبة أمل من تكرار الوجوه ذاتها وخوض القوى التقليدية نفسها المعركة، علماً أنها لم تنجح على مدى عقود في تقديم حلول للانقسامات السياسية والمشاكل الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها لبنان.
بدوره أدلى رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بصوته في الانتخابات النيابية في دائرة بيروت الثانية على لائحة «المستقبل لبيروت» في ثانوية شكيب أرسلان. في حين أدلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بصوته في بلدة تبنين جنوب لبنان.
كما أدلى وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بصوته في مدرسة البترون شمال لبنان.
وبدا الإقبال على مراكز الاقتراع مقبولاً في مختلف المناطق اللبنانية، والنسبة ارتفعت وتجاوزت في بعضها الـ25 بالمئة، وأن النسبة تزيد مع تقدم الساعات. وأعلى نسبة اقتراع سجلت في كسروان وتجاوزت الـ38 في المئة.
وبدوره رأى النائب عن حزب الله علي فياض أن هناك إقبالاً وارتياحاً وأجواء ديمقراطية حقيقية في عملية التصويت.
وقال النائب اللبناني ياسين جابر من الجنوب اللبناني: إن العملية الانتخابية تجري بشكل جيد جداً ولبنان يسجل تجربة ديمقراطية مهمة.
أما رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود فقال: إن عملية التصويت تكاد تكون مثالية، مشيراً «لا نريد من المرشحين أي وعود وخطابات مطولة بل نطلب فقط أن يعدونا بعدم الكذب علينا».
ولفت إلى أن «هناك خطابات وأموراً مستنكرة لكنها لم تؤثر في الأجواء وعملية الاقتراع ولن تؤثر في النتائج».
ويبقى باب المفاجآت مشرعاً على الغالب في ظل عاملين بالغي الأهمية والتأثير في هذه الانتخابات، فضلاً عن عوامل أخرى أقل أهمية، وهما: أولاً نسب الإقبال على الانتخابات في مختلف المناطق، التي من شأنها أن تقلب معدلات وحسابات وتقديرات في حال جاءت منافية أو مغايرة لمستويات غير محسوبة سلفاً، الأمر الذي يؤثر تأثيراً حاسماً في النتائج بفعل تبدل أرقام الحواصل الانتخابية في كل دائرة انتخابية. وثانياً التحسب لمعارك قد تتجاوز التفاهمات الضمنية التي أجريت بين أعضاء اللوائح (القوائم الانتخابية) نفسها لتوزيع الأصوات التفضيلية التي تعد العامل الأكثر إثارة للحمى الانتخابية في هذه الانتخابات.
وفي ظل هذين العاملين ستقرر مصائر وتلوح حظوظ وتنهار فرص، الأمر الذي قد لا يبقي على الأرجح أي قوة سياسية أو حزب أو تحالف انتخابي في منأى عن مفاجآت هذا اليوم، أياً تكن حسابات القوى وماكيناتها الانتخابية دقيقة وجدية.
(روسيا اليوم- الميادين)