قضايا وآراء

ترامب وحافة الهاوية والاتفاق النووي الإيراني

| أنس وهيب الكردي

يعيش العالم أجواء ترقب لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن «خطة العمل الشاملة المشتركة» الخاصة بملف إيران النووي.
بنى ترامب حملته الانتخابية عام 2016، على انتقاد سياسات سلفه باراك أوباما، لكنه كال أعنف الانتقادات للاتفاق الذي قاد وزير خارجية الأخير جون كيري الجهود الدولية للتوصل إليه عام 2015، ما بين إيران ومجموعة (5+1) أي بريطانيا، فرنسا، الصين، روسيا، الولايات المتحدة إلى جانب ألمانيا، ومضى ترامب في طريقه الخاص حول الاتفاق في الخريف الماضي، عندما اعتبر أن إيران غير ملتزمة بالاتفاق، ثم وصل بالأمر إلى عنان الأزمة عندما مدد رفع العقوبات النووية لكن فقط كـ«فرصة أخيرة» منحها حلفاؤه الأوروبيون للتوصل إلى اتفاق تكميلي مع الإيرانيين يأخذ بعين الاعتبار مطالب إدارته، وإلا سينسحب من الاتفاق، وليعزز خياراته في مواجهة شركاء بلاده الدوليين وإيران عزل الرئيس الأميركي وزير خارجيته ريكس تيلرسون ومستشاره للأمن القومي ريموند هيربيرت ماكماستر وعين بدلاً عنهما جورج بومبيو وجون بولتون على التوالي، المعروفين بمواقفهما المتشددة ضد إيران والاتفاق النووي.
نجحت الجهود الدبلوماسية التي قادها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بلورة حل وسط باسم الترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، جرى عرضه على الدول المعنية بالاتفاق، ولفت في هذا الصدد، أن ماكرون همش دور الممثل الأعلى لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني التي سبق أن لعبت دوراً كبيراً في بلورة «خطة العمل الشاملة المشتركة» مع كيري ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
التسوية الأوروبية تقوم على المحافظة على «خطة العمل الشاملة المشتركة» كجوهر في أي عملية لتوسيع التفاهمات الدولية مع إيران، على أن تتناول المفاوضات مع إيران قضايا جديدة، هي: مدة القيود على النشاط النووي في إيران وتشديدها، الهواجس الدولية من الصواريخ البالستية الإيرانية، نفوذ طهران الإقليمي ودورها في ساحات الصراع الشرق أوسطية، وبموجب خطة ماكرون يمكن لدول إقليمية بالأخص السعودية وتركيا، أن تشارك في المفاوضات الدولية مع إيران، التي قد تتسع لتشمل 15 طرفاً.
لا يمكن لروسيا أو الصين إلا أن توافق على الحل الوسط الأوروبي، فمصالحهما تتعارض وامتلاك إيران القنبلة النووية، نظراً لأنه سيقود إلى سلسلة من التفاعلات الإقليمية والدولية تنتهي إلى تصنيع ألمانيا واليابان قنابلها النووية الخاصة، وبالتالي، الانهيار الكامل لنظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي قام على هزيمة طوكيو وبرلين.
موسكو وبكين أيضاً لا تستسيغا وجود صواريخ إيرانية بعيدة المدى، وكلتاهما معنيتان بإرساء حوار دولي إقليمي يعيد الاستقرار إلى الشرق الأوسط، وربما هذا ما دفع الكرملين إلى اتباع نهج مرن إزاء المقترحات الأوروبية.
وبصرف النظر عما إذا كان الرئيس الأميركي سينسحب من الاتفاق أو سيوافق على إعطاء الجهود الأوروبية فسحة جديدة من الوقت لبلورة مبادرتها على الأرض، سيتصاعد التوتر في طول الشرق الأوسط وعرضه، فاختبارات القوة سواء التي ستصاحب خروج الولايات المتحدة من «خطة العمل المشتركة الشاملة»، أو إعادة التفاوض على الاتفاق، ستجري فصولها على مسارح الخليج العربي وسورية واليمن ولبنان والعراق، وربما غيرها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن