من دفتر الوطن

نديم الندم

| عبد الفتاح العوض 

ثمة من يقول إنه لم يندم على شيء فعله..
ورغم أنه يبدو صارماً في طريقة التعبير عن عدم شعوره بالندم، إلا أنني لا أصدق الكثير من الأشخاص الذين يقولون إنهم لم يشعروا بالندم على شيء فعلوه سابقاً.
منظومة القيم الدينية والاجتماعية تجعلنا بين خيارين:
الندم على ما فات يعتبر شيئاً سلبياً أحياناً..
فكثير من النصائح الاجتماعية تحذرك من الوقوع في مشاعر الندم مثل لا تندم ولكن تعلم، وكذلك في القرآن الكريم «لكيلا تأسوا على ما فاتكم».
بالوقت ذاته يعتبر الندم حالة إيجابية في مواقف أخرى من سلم القيم الأخلاقية والدينية.
فالتعبير عن الندم هو بحد ذاته اعتراف بالخطأ سواء كان هذا الخطأ بحق نفسك أم بحق الآخرين.. أو كان خطيئة دينية تستوجب إظهار الندم وإعلان التوبة حتى إنه من شروط التوبة الندم على الفعل.. ثم إنه في القيم الاجتماعية يعتبر الندم رفيقاً لإعلان الأسف والاعتذار عن الخطأ.
وثمة من يعتبر الندم تطهيراً للنفس والتخلص من آثار الخطأ أو الأذى الذي سببه الشخص لآخر.
اذاً نحن أمام موقفين متناقضين من حالة الندم.
هناك أوامر أو نصائح أو حكم تدعوك ألا تندم على ما فاتك وأن تنظر إلى الأمام، وأن ما فات مات وما هو آت آت! وكل تلك الأفكار التي تحضك على عدم الندم على اعتبار أنه شعور سلبي مؤذٍ ويؤثر في سلوك الشخص، وبالمقابل هناك موقف آخر يقول لك إن حالة الندم هي حالة طبيعية لأنها تساعد على الشفاء من آثار الخطايا والأخطاء التي يرتكبها الفرد، إن كانت تلك الأخطاء دينية فإن الندم يرادف التوبة والاستغفار والاعتراف.
وإن كانت تلك الأخطاء بشرية فإن الشعور بالندم يساعدك على تصحيحها لأنها ترادف الاعتراف بها والأسف على ارتكابها.
وكل شخص لاشك أنه عاش في كثير من المرات في الموقف الأول وحاول نسيان «ما فاته» والنظر إلى الأمام، لكنه في مرات لاحقة شعر بالندم والذنب وحاول بشكل أو بآخر التطهر بالندم.
وعلى أي حال فإن بعض الأخطاء ترافقك طول العمر ومن ثم فإن العيش مع الندم في كل وقت بحيث تصبح نديم الندم أو يكون الندم نديمك سيكون أمراً صعباً وشاقاً.
بينما هناك قضايا أخرى يجدر بنا أن نتجاوزها ونتعامل معها بمبدأ سامح نفسك.
هناك مفارقة غريبة وهي دراسات إحصائية لا أستطيع أن أؤكد ما جاء فيها، لكن هذه الدراسات تظهر نسبة أعلى بالشعور بالندم عند النساء على الرجال، وكذلك فإنه كلما تقدم بك العمر أكثر تصبح نسبة الندم أقل، مثلما لم أستطع التأكد من هذه الدراسات علماً أنها دراسة في بلدي عربي وتعرف «بدراسة الأنصاري» إلا أن المشكلة الأكبر في تفسير النتائج.
فلماذا تشعر النساء أكثر من الرجال بالندم؟
ولماذا يشعر الأصغر سناً بالندم أكثر من الأكبر سناً؟
هذه أسئلة تحتاج إلى تحليل أعمق من هذه الزاوية للحصول على أجوبة مقنعة.
أخيراً.. كثير من السوريين عليهم أن يندموا على ما فعلوه ببلدهم.. ندماً لا يكفي معه مجرد عض الأصابع!

أقوال:
– لا تندم أبداً.. فلو كان الماضي جيداً فهذا رائع وإن كان سيئاً فهذه خبرة.
– كلما تقدمت بالعمر وجدت أن ما تندم عليه هو ما لم تفعله.
– من علامات الغباء إطالة الندم على شيء مضى وانتهى.
– لم تعد في يدي أصابع لكثرة ما عضضتها من الندم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن