ثقافة وفن

عفيف بهنسي خرج من المحلية لينشر دراساته في العربية والعالمية … معاون وزير الثقافة: هذا التكريم مهم جداً لأنه يعطي مؤشراً إلى رقي المجتمع الذي يكرّم رموزه … تكريم لم يعد له أي نوع من البوسترات والبروشورات والدعوات!

| سوسن صيداوي

رجل بألف عام، رحل عنا ولكنه باق بكل ما تركه لنا من علوم وترجمات وأبحاث تدرّس في الجامعات وترجمت بعدة لغات كي تخبّر عن الحضارة السورية وجماليتها بكل عناصرها لكل العالم، رحل عنا العلامة والدكتور عفيف بهنسي ولكنه سيبقى حاضرا بكل حرف وبكل كلمة كتبها لتكون منارة علم للأجيال القادمة. ولأن عطاءه يستحق التكريم والتذكير بمنجزاته كان لابد من إقامة مبادرات تُنشّط كي توظف غايتها من حيث الجانب الاجتماعي والثقافي والفني، وانطلاقاً من هذا أقام فرع دمشق لاتحاد الفنانين التشكيليين معرضاً بصالة لؤي كيالي في الرواق العربي بمشاركة 39 فناناً بعنوان: (تحية لروح الفنان والباحث د. عفيف بهنسي) متضمناً أعمالاً تنوعت ما بين النحت والغرافيك والتصوير الزيتي. المبادرة كانت خجولة لأنها قصّرت تنظيمياً من حيث الدعوات وطبع البروشورات أو تمثيل الدكتور عفيف بفنه ولو بلوحة من أعماله لتكون حاضرة بين ما قدمه الفنانون الآخرون في المعرض. وحول تفاصيل المعرض والمشاركين ونقاط أخرى مختلفة إليكم المزيد.
نكرّم من قدم لنا معروفاً

قام بافتتاح المعرض معاون وزير الثقافة علي المبيض، الذي أبدى سروره بهذه المبادرة التي شارك بها الفنانون بأعمال جميلة، متابعاً «د. عفيف بهنسي هو قامة فنية ثقافية مهمة جداً، وكان قد مثّل سورية بشكل لائق وجميل في العديد من المحافل ومن خلال ما قدمه من أبحاث ومعارف وعلوم سوريّة أرّخها كي تبقى مرجعاً مهماً للأجيال القادمة، وفي الحقيقة هذه المبادرة جدّ جميلة شارك بها الفنانون التشكيلون لتقديم التحية لروح الدكتور بهنسي، وهذا النشاط- وأقصد به التكريم-تقوم به وزارة الثقافة باستمرار وتلجأ إليه كي تكرس الثقافة بكل مجالاتها هذا من جهة، ومن جهة أخرى كي يبقى ببال الجميع والأجيال القادمة أن هذه القامات الفنية هي منارتنا في المستقبل ولا يمكننا أن نجرؤ على التفكير بنسيانها، وأيضاً هذا التكريم مهم جداً لأنه يعطي مؤشراً إلى رقي المجتمع الذي يكرم رموزه الثقافية والفنية وهذا حقيقة كما أسلفت وزارة الثقافة تدأب باستمرار وتسعى إلى نشرها بمختلف صنوفها. والدكتور عفيف بهنسي هو صاحب التكرمة في هذا المعرض من خلال تداعي الفنانين لإقامة مثل هذا المعرض تحية له وهو عرفان وتقدير لقامته سواء أكان باحثاً أم مؤرخاً، ويمكننا أن نقول من خلال استعراض مسيرة حياته، إنه خرج من المحلية كي ينشر علمه وأبحاثه في العربية والعالمية محققاً حضوراً مهماً جداً، لهذا من واجبنا كمؤسسات رسمية وأفراد أن نكرّم من قدم لنا معروفاً ود. عفيف بهنسي جاء في المقدمة».
وفي سؤالنا عن مشاركات الفنانين حدثنا معاون الوزير «الأعمال جميلة وهي لأسماء فنانين مهمين تنوعت أعمالهم بين الرسم والنحت، وأنا أدعو الجميع حتى الفنانين كي يزوروا المعرض ليروا تطور الحركة التشكيلية، وأيضاً ليلمسوا الحالة الإنسانية والإبداعية فيه».
وفي إشارتنا له عن وضوح التقصير في تنظيم المعرض من حيث إرسال بطاقات الدعوة ونشر البروشورات وطباعتها على الرغم من قدرة الاتحاد المادية، أفادنا المعاون «الملاحظة صحيحة وفي مكانها وكان لي الحديث نفسه مع القائمين على المعرض حول هذه الأمور، ولكن يبدو أن هناك ظروفا خاصة طرأت على هذا الموضوع ما أدى إلى افتقار المعرض إلى بوسترات وبروشورات أو دعوات أو ما يمكنني قوله الدعم اللوجستي، ولكن أؤكد أن كل تلك الأمور لن تنفي أهمية المبادرة، بل علينا أن ننظر بإيجابية إليها ولكل بادرة نقول فيها شكرا لكل قامة من قاماتنا الثقافية والفنية».

المعرض عربون لأستاذ
من جانبه تحدث رئيس فرع دمشق لاتحاد الفنانين الدكتور نبيل رزوق عن الأعمال المشاركة في المعرض وأضاف: «نحن كخطة عمل ثقافية وفنية لفرع دمشق لاتحاد الفنانين، قررنا أن يكون أول أول نشاط لنا في الخطة لعام 2018 هي هذه المبادرة من فناني فرع دمشق وأن يقدموا تحية لروح الفنان والباحث عفيف بهنسي، عربون وفاء لكونه أستاذاً لأغلب الأجيال من الفنانين، وأحب أن أشير أنه إضافة إلى إقامة هذا المعرض، ستقام ندوة توثّق حياة الفنان، وبالعودة إلى المعرض فهو يشمل مجموعة بارزة من الفنانين وكلّهم من فناني فرع دمشق وتمحورت المواضيع واختلفت باختلاف رؤية الفنانين وأسلوبهم، وتمثلت باختصاصات مختلفة تنوعت بين فن التصوير وفن الغرافيك وفن الحفر، إضافة إلى فن النحت».

الأوصاف العلمية لا تكفي
بدوره أشار رئيس اتحاد التشكيليين السوريين الدكتور إحسان العر إلى أهمية وضرورة مبادرات كهذه على الصعيدين الاجتماعي والفني متابعاً «بافتتاح المعرض وإقامته نكون قد قمنا بالإضاءة على الجانب الاجتماعي بتكريم العلامة الدكتور بهنسي، ونحن قمنا بتكريمه كمربٍ وأستاذ في كلية الفنون الجميلة وهو على قيد الحياة، وأيضاً أقمنا له ندوة تكريمية في صالة الرواق في العام الفائت قبل الوفاة وكانت الصالة مكتظة بمحبي دكتور عفيف. وبالنسبة إلى هذه المبادرة فإنها تأتي في نطاق تكريم الراحل، وحتى لو أقمنا له عشرات الندوات والمعارض لتكريمه فهو أمر قليل، لأنه باحث ومربّ وفنان تشكيلي، وحتى إن الأوصاف العلمية التي نلقيها عليه لا تكفي. ودور النقابة كفرع دمشق تشجع كل الفروع لإقامة مثل هذه المبادرات والأنشطة التي من خلالها نرى أعمال الفنانين المشاركين وهم من النخبة، كما تنشط الدور الاجتماعي الذي أشرت إليه».

مشاركة بميدالية
من جهته تحدث النحات الدكتور سمير رحمة عن مشاركته بالمعرض والتي تمثلت بالنسخة الأساسية لميدالية تجسد الدكتور بهنسي متابعاً حالة التكريم جد مهمة للفنان والمؤرخ أو أي شخصية، والأهم أنها يجب أن تكون بحضوره، ونحن بالنسبة للميدالية المشاركة كنت قدمتها له خلال تكريمه في عام2008، وبالطبع دكتور عفيف هو أستاذي، وعندما قررنا تكريمه على مسرح كلية الفنون الجميلة فكرنا بأن نقدم له شيئاً واتفقنا على تقديم الميدالية وأنا لدي تجربة جيدة بهذا الخصوص، فأخذنا له صورة وكنا قدمنا له نسخة برونزية على المسرح، وفي الحقيقية الذي يعزيني أننا كرمناه في حياته وبأنه أعجب بالميدالية وخصوصاً لكونه أستاذاً بها وبأنه من الصعب بأن يعجب المرء بعمل يخصه، ولكننا استطعنا تحقيق الشخصية والتعبير عنا بشكل جيد. مشاركتي في المعرض التكريمي من خلال النسخة الأصلية للميدالية وأيضاً مشاركة الفنانين هي دليل حبهم للدكتور عفيف بهنسي وتأكيد ضرورة القيام بمبادرات كهذه لأشخاص بذلوا كل عطاء لبلدهم».

الكلمة الأخيرة في الفن
على حين بيّن الفنان التشكيلي الدكتور محمد غنوم أن آخر رأي فني بتجربة فنان، كان كتبه الراحل بهنسي وهو يخص الفنان غنوم مضيفاً «يحار الإنسان عندما يصف هذا العملاق عفيف بهنسي، فهو دكتور بالفن وفنان تشكيلي مهم جداً وهذا ما لا يعرفه الناس وبأن لديه المئات من اللوحات، وهو نحات مهم وباحث ومترجم وناقد فني، وكان أستاذي في كلية الفنون وأستاذاً لجيلي كله. دكتور عفيف لن يموت لأنه حاضر بعلمه وأبحاثه معنا دائماً، وكان كُرم الراحل ويجب أن يكرم باستمرار. وهنا أفتخر وأعتز وأحزن بالوقت نفسه، لأن الكلمة الأخيرة التي كتبها دكتور عفيف بهنسي في الفن، كانت حول تجربتي بالحرف العربي، كتبها بيد متعبة ولكن بذهن متفتح وبعمق ما بعده عمق، وقد تكون هذه الكلمة هي أهم ما قيل عن تجربتي لأنها ضاربة في العمق ومهمة جداً ورافقت تجربتي منذ كنت طالباً عند د. بهنسي».

تجدر الإشارة
سيقام على هامش المعرض في صالة لؤي كيالي يوم الأحد القادم في الساعة السادسة مساء، ندوة يتخللها عرض لفيلم وثائقي عن حياة الدكتور عفيف بهنسي وسيشارك فيها كل من الفنان التشكيلي الدكتور محمد غنوم، والناقد سعد القاسم، ويديرها الفنان التشكيلي الدكتور نبيل رزوق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن