ثقافة وفن

كيف نواجه الشائعات ضد الفنانين؟ … زهير رمضان لـ«الوطن»: إذا لم تردعنا القيم الأخلاقية السائدة في المجتمع يكون واجباً الإذعان للقوانين والأنظمة

| سارة سلامة

تقضي حلا الفتاة ذات التاسعة عشرة من عمرها وقتاً طويلاً على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن تتعرض لمحاولة ابتزاز من أحد الشبان الذي قام بتهكير حسابها واستحوذ على صورها الخاصة ومحادثاتها، وقام بابتزازها، وعانت ما عانته بين الأخذ والرد والتهديد والوعيد، إلى أن توصلت لقناعة خاصة بها بالتخلي عن تلك المواقع التي تسببت لها بخوف وتوتر كبير، وإذا ما نظرنا إلى وضع حلا نجدها حالة موجودة بكثرة في مجتمعنا ونرى الكثير من ضعاف النفوس الذين يقومون بابتزاز الناس للحصول على مآربهم.
هذا إذا ما تحدثنا عن حالة المواطن العادي فكيف إذا نظرنا إلى المشاهير وما يتعرضون له من حالات كثيرة ومشابهة وربما بشكل أخطر من الحالات الفردية، فنجد حالة التشهير والإشاعات والتهكير والحسابات المزورة العديدة التي تقام بأسمائهم، فالقائمة تطول ولكل فنان عشرات الصفحات التي تقام باسمه وكلها حسابات وهمية أنشأها أصحابها للحصول ربما على مكسب معين أو تحقيق المتابعة من الناس.

تنظيم التواصل على الشبكة
ونرى اليوم أن القانون السوري في الآونة الأخيرة حقق نقلة نوعية تحمل الحداثة والتشدد في آنٍ معاً، فالأمور التي كانت مسموحة أصبحت اليومَ محرَّمة أو مقيَّدة، وهذا يعود بكل تأكيد إلى التطور السريع الذي تعيشه مختلف المجتمعات البشرية، وانطلاقاً من ذلك، كان لا بد من وضع قانون خاص يفرز منطق التعامل مع الشبكة العنكبوتية.
وبناء عليه صدر قانون خاص بذلك يدعى قانون «تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية» ذا الرقم (17) لعام 2012، ونظراً لأهمية هذا الموضوع ولاسيما في ظل جهل الكثيرين بوجوده أو العقوبات التي أفرزت عنه.
عملت وزارة الاتصالات بالتعاون مع وزارة الإعلام على إصدار مسلسل خاص للتعريف بالجريمة الالكترونية، فهل يوجد تقصير من وزارة الاتصالات في إيصال المعلومة للناس حتى لجأت للعمل التلفزيوني؟ وهل هناك إمكانية لتعديل هذا القانون نظراً للانتقادات التي تعرض لها؟ وهل من الممكن إضافة مادة خاصة بالمشاهير سواء أكانوا مسيئين أم مساء لهم؟ وما دور الوزارة بالمحاكم الخاصة في الجرائم الالكترونية التي تم إحداثها؟ وهل يجب تشديد العقوبة الخاصة بالجريمة الالكترونية لأنها أشد وأعم؟..
هذه الأسئلة كنا قد طرحناه على المهندسة في وزارة الاتصالات رانيا بوسعد التي قالت: «اللجوء للمسلسل جاء بمبادرة من وزارة الإعلام كوسيلة أكثر فعالية للتعريف بالقانون وهي طريقة أقرب للمواطن، وبالمختصر هو تعريف بالجريمة المعلوماتية بأسلوب محبب جاذب للمواطن، أما تعديل القانون فمن المبكر الحديث عن ذلك وعن الثغرات التي تتخلله قبل أن يأخذ مداه في التطبيق على أوسع نطاق، وبالنسبة لدور الوزارة في المحاكم التي تم إحداثها فهو دور سابق لعملية الإحداث باعتبارها الجهة المحركة لعملية تهيئة الكوادر القضائية اللازمة للعمل في هذه المحاكم عن طريق وضع المنهاج التدريبي وتمويل عملية التدريب بنسبة 50 بالمئة من كلفته، وهو دور لاحق عن طريق تقديم الخبرات اللازمة للقاضي عند الحاجة لطلب خبرة، أما بخصوص إحداث مادة خاصة بالمشاهير فبرأيي أن المشاهير يتساوون في الحقوق والواجبات مع أي مواطن ولا حاجة لنص خاص بهم، إلا أن الرموز الوطنية كان التعاطي بما يخصهم يتم في سياق نصوص وأحكام عامة، وبالنسبة لتشديد العقوبات الخاصة بالجرائم الالكترونية فإن قانون مكافحة الجريمة الالكترونية ضاعف الحد الأدنى للعقوبة في حال ارتكاب الجريمة باستخدام وسائل الكترونية».

القانون يعمل على حماية الجميع
عن دور النقابة في حماية الفنانين في حال تعرضهم لإساءة مباشرة إلكترونية كانت أم لها علاقة بالشبكة العنكبوتية وكم يحتاجون لقانون ناظم لهم اليوم في ظل تعدد الصفحات المزورة التي تستخدم أسماءهم تحدث نقيب الفنانين في سورية الفنان زهير رمضان الذي قال في تصريح خاص لـ«الوطن»: «إنه لطالما كان هناك قانون يجرم الناس بالجرائم الالكترونية ويوصفها، وتحدث عن تفاصيل هذه القضية ولا شك فهي تهمنا كفنانين عموماً، حيث لا يوجد تشريع خاص بالفنانين ونحن نعلم أن القانون يعمل على حماية الجميع والفنان مثله مثل أي مواطن، ولكنه كفنان يتعرض لشتى أنواع الإساءات والتشهير والتزوير وغيرها من القضايا، وغاية القانون بحد ذاته هي حماية كل أفراد الشعب ووضع حد للناس المسيئة عموماً».
وأضاف رمضان: «إنه في الآونة الأخيرة درجت عند أي شخص فكرة تخوين الآخر وأي شخص يتهم الآخر بكلام ما أنزل اللـه به من سلطان، وهذا الاتهام إذا لم يكن يعتمد على إدانات دامغة حقيقة يجب أن يتعرض مطلقه إلى مساءلة وأحكام قضائية وهذا أمر مهم، لأننا كفنانين نتعرض أكثر من غيرنا لمجموعة من الإساءات والتشهير، ولاسيما أن الناس ليسوا جميعاً على مستويات ثقافية وفكرية وعرفية وموضوعية واحدة، كما أنه من الممكن أن يحاسب فنان من خلال دور يؤديه وعلى سبيل المثال قد يؤدي أحد الفنانين دور خائن وهذا ما قد يعرضه لحملة من الشتائم ربما من أي شخص في الشارع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
ويؤكد رمضان: «أن هذا ما يجعلنا نحتاج إلى تنظيم العلاقة بين الناس والحاجة الملحة إلى وضع حدّ وقوانين صارمة، فإذا لم تردعنا القيم الأخلاقية السائدة في المجتمع يكون واجباً الإذعان للقوانين والأنظمة السائدة فيه، وعندما تحكم مجموعة من الأحكام القضائية بتجريم بعض الأشخاص الذين يسيئون في هذا المجال أعتقد أن الصورة ستكون أوضح بكثير واعتقد أننا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الإعلام وأخص بالذكر صحيفتكم «الوطن» فهم مطالبون في نشر كل من يجرم بجريمة إلكترونية ويأخذ حقه ويوضع بالسجن لأنه تجاوز الحدود ليكون عبرة لغيره ورادعاً للكثيرين، وهناك زملاء لنا تعرضوا لهذا الموقف ووضعوا في السجن لأن الفنان ليس معصوماً عن الخطأ ومن الممكن أن يكون هو من يسيء، والفنان كالمواطن مطلوب منه الحفاظ على القانون وهذا أمر مهم وضروري ولا أعتقد أن الفنانين وغيرهم بحاجة إلى قانون خاص لحمايتهم لأنهم يعاملون معاملة المواطن العادي».

جريمة ترتكب باستخدام الحاسوب
يقع نص القانون في ست وثلاثين مادة موزعة على خمسة فصول، حيث عرف الفصل الأول الجريمة الإلكترونية على أنها: «جريمة ترتكب باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة أو تقع على المنظومات المعلوماتية أو الشبكة».
والجريمة الإلكترونية بالقانون السوري هي جريمة ترتكب باستخدام الشبكة أو المنظومة المعلوماتية، وقد تكون المنظومة المعلوماتية ضحية لجريمة ما كمحاولة البعض الوصول لبيانات تخزنها مواقع الإنترنت لاستغلالها، وقد تكون وسيلة لارتكاب الجريمة كاستخدام الكمبيوتر للحصول على معلومات وبيانات لأشخاص آخرين».
أي للجرائم العادية مقابل ومشابه في الجرائم المعلوماتية فيقابل السرقة العادية سرقة إلكترونية إضافة للذم والقدح أو إشعال الفتن الطائفية والإساءة لرموز الدولة وقد ترتقي للقتل أحياناً، ولم يغفل القانون على تحصين الخصوصية مثل «حق الفرد في حماية أسراره الشخصية، والملاصقة للشخصية، والعائلية، ومراسلاته وسمعته» مصونة (كما في الدستور)، وتناول أيضاً موضوع «تنظيم التواصل على الشبكة».

شائعات كثيرة
ويتعرض الفنانون السوريون إلى العديد من الشائعات التي تأخذ حيزاً من يومياتهم، ويسمعون من الناس والأصدقاء أخبار وفاتهم أو طلاقهم أو مرضهم، كل ذلك يحتم على القانون اتخاذ إجراءات لتفادي ما يتعرضون له من مضايقات عديدة تطولهم، ومن الشائعات: نفي الفنّان القدير أيمن زيدان الشائعات التي تحدثت عن وفاته، معلّقاً على حسابه الشخصي على «فيسبوك»: (اقسم بالله لم أمت.. للمرة الألف أنا بخير).
وفي 2017 أيضاً انتشرت شائعة وفاة الفنان دريد لحام إثر نوبة قلبية تعرّض لها في أحد مستشفيات العاصمة اللبنانية بيروت، وبادر الكل بدوره على مواقع التواصل الاجتماعي بكلمات الرثاء ونعوا الراحل الكبير من دون التحقق من صحة الخبر، بينما كان قد أكد الفنان القدير أنه حيّ يرزق، وأن ما نشر لا يتعدى حدود الشائعة، وكذلك تعرض الفنان حسام تحسين بك لشائعة الوفاة نفسها.
كما أبدت الفنانة سحر فوزي عن انزعاجها ممن يروجون لخبر هجرتها من سورية وإقامتها في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قالت: «لم ولن أهاجر، باقية في سورية حتى آخر نفس، لأنها الأوكسجين الذي أتنفسه».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن