خطأ فني في «الوطن» يفضح «قراصنة الإعلام»
الصحافة كانت وما تزال «مهنة المتاعب»، ولأنها كذلك فإن الوقوع في الخطأ احتمال موجود ما دام الصحافي يسعى وراء خبر متميز ويستقصي بحثاً عن معلومة تغني القراء ليبني بها مصداقية إعلامية وشفافية كانت دائماً شعار «الوطن» منذ انطلاقتها إلى اليوم، لتكون وبصدق «عين على الوطن».
ولأن الأمر كذلك وفي «خطأ فني بحت»، نشرت «الوطن» في عددها رقم /2206/ الصادر بتاريخ 10/8/2015م، مادة في صفحتها الثالثة تحت عنوان: «لافروف: دمشق مستعدة للمشاركة في الجهود الدولية لمكافحة داعش.. ويجب تقييم الرئيس الأسد كشريك والتخلي عن سياسة ازدواجية المعايير في محاربة التنظيم». وكان عنوان المادة مدعما بصورة للوزير لافروف، إلا أن متنها ورد «مكرراً» لخبر سابق يتحدث عن زيارة المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، التي حصلت بالفعل قبل أسابيع، إذ قام مخرج الصفحة وعن طريق الخطأ باستحضار خبر قديم من تاريخ 15/6/2015، ليضعه تحت عنوان الوزير لافروف بدلاً من الخبر الأصلي.
و«الوطن» إذ تعتذر لقرائها الأعزاء عن الخطأ «الفني» غير المقصود، تتوجه في الوقت نفسه إلى «لفت نظر» من يمكن أن نسميهم «قراصنة الأخبار» الذين طالما اعتادوا «سرقة» أخبار وتحليلات «الوطن» والبناء عليها دونما أي احترام لأصول وقواعد المهنة بإغفالهم الإشارة إلى مصدر الخبر، وذلك حرصاً منا أيضاً على «مصداقيتنا» أمام قرصنتكم.!!.
فبالأمس فوجئنا أن «قراصنة الأخبار» ومنهم عدة مواقع الكترونية وحتى قناة تلفزيونية قاموا بنشر الخبر من دون التدقيق ومن دون الإشارة إلى المصدر «كعادتها» ما أدى إلى فضح قرصنتها وأفقدها مصداقيتها أكثر فأكثر، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل استنفروا «محلليهم» ليستلوا أقلامهم ويبدؤوا بالتحليل والبناء عليه، وتوصلوا لنتائج وخلاصات من أن دي ميستورا الذي ذكرت «الوطن» بالخطأ أنه سيصل إلى دمشق «الاثنين»، إنما هو قادم برأيهم للاطلاع من القيادة السورية على تفاصيل ما سمعه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم في العاصمة العمانية مسقط، وليطلع من دمشق أيضاً على تفاصيل المبادرة الإيرانية الأخيرة، وليستندوا ويدعموا استنتاجهم بترجيحات أوردتها «الوطن» كذلك بأن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «قد» يزور دمشق اليوم الأربعاء، فكان مزيج التحليل بين الخبرين بقلمهم ووصلوا لنتائج كان منها، أن دي ميستورا قد يأتي إلى سورية يوماً وبيده المبادرة النهائية للحل..!؟
وإننا إذ نقول: إن النتيجة كانت «مفاجئة وصادمة»، لأن قراءة سريعة لخبرنا الخاطئ كانت ستبين بوضوح أن في الأمر لبساً، فعنوان الخبر تحدث عن وزير الخارجية الروسي والصورة كانت له أيضاً، في حين المضمون لم يذكره ولو لمرة واحدة وتحدث في المقابل عن زيارة لدي ميستورا حصلت سابقاً بـ«المصادفة» يوم الاثنين.
ولأن خبرنا مكرر من عدد سابق فلا يكفي تطابق اليوم «مصادفةً» ليكون القاعدة لبناء التحليل، فالاثنين يتكرر كل أسبوع، في حين لو تكبد هؤلاء مشقة القراءة «السطحية» وليس «المتأنية» الواجبة للتحليل لوجدوا أن المادة تحدثت عن لقاءات دي ميستورا بجنيف بأكثر من أربعين وفداً وشخصية معارضة، وهذه حصلت بالفعل وزار دمشق ليطلعها على نتائج لقاءاته فعلاً، بل لتذكر المادة وبالحرف بعد أقل من عشرة أسطر، أن «مكتب دي ميستورا قال في بيان نقلته وكالة «رويترز»: إن اجتماعات دي ميستورا ستستمر حتى تموز». في حين نحن اليوم قاربنا على منتصف شهر آب.
وبالخلاصة نقول: إن «الوطن» اعتادت استهداف موقعها الإلكتروني من قراصنة الشبكة العنكبوتية مراراً وتكراراً، ودائماً أخفق وسيفشل هؤلاء في إسكات صوتها، فكلمة «الوطن» دائماً ستظل الأقوى، ولكنها أمام «قراصنة» الأخبار لا تجد سوى «النصيحة» بأن احترام أصول وقواعد العمل الصحفي هي بوابة العمل الناجح، ومن أهمها الإشارة إلى المصدر، الأمر الذي أغفله الكثير من تلك المواقع وأقنية تلفزيونية ««نحترمها»، ومن قواعده أيضاً أن التحليل يبنى على المتابعة وقراءة ما بين السطور ولا يبنى على «خطأ فني».