رياضة

أسباب إخفاق القلعة الحلبية .. غياب التخطيط والمزاجية أهدرا اللقب

| حلب – فارس نجيب آغا

في أي مشروع كان حينما تقدم عليه يجب عليك أن تخطط وتعد له بشكل جيد ولا تدع شيئاً للصدف وتستعين بطاقم عمل خبير يعرف مكامن وثغرات قد تصادفك يستطيع تذليلها ناهيك عن ضرورة وضع إستراتيجية يمكن السير عليها كما يفترض أن تصحح الأخطاء السابقة التي واجهتك فالأساس يجب أن يكون متيناً وإلا مهما صمد البناء فمصيره إلى الانهيار وهو ما ينطبق على كرة الاتحاد، والشيء الغريب أن ما حدث الموسم الماضي لم يكن كافياً لدى المسؤولين حتى يتجنبوا تلك الإخفاقات ويعملوا على تفاديها بل عمدوا السير على النهج نفسه وهذا أمر محير جداً ويدعو للوقوف حيال بطولة كانت في متناول اليد وتم التخلي عنها، المشكلة الكبرى التي لا تخفى على أحد هي انفراد مشرف اللعبة بكل مقاليد الأمور وتحييد مجلس الإدارة الذي بقي شاهداً على العصر نتيجة سياسة غير واضحة المعالم وسط ضياع الملامح التي بقيت مجهولة في ظل فوضى اعتيادية نبهنا إليها كثيراً، لكن العقلية التي تدار بها الأمور بعيدة جداً عن العمل الاحترافي وهو ما أدخل النادي في تقلبات بأوقات حرجة ولوحة رسمت ذات ألوان باهتة رغم الخدمات الجليلة التي قدمها فريقا الحرفيين وتشرين للاتحاد بإهدائه اللقب على طبق من ذهب لكنه رفضها لتندب جماهير الاتحاد حظها العاثر.

سياسة فاشلة
أول ما يمكن الحديث عنه طبيعة العمل التي خلت من أي تخطيط والعاقل من يتجنب ما وقع به ويستفيد من أخطاء الماضي وتبدو مشكلة التعاقدات معضلة كبرى فمشرف الكرة هو الذي يقرر من دون العودة للمدرب، لذلك شهدنا هذا العام تعاقدات هدرت حيالها ملايين الليرات ولم تقدم شيئاً وأدت لهجيان جماهيري مطالبة برحيلهم، وقضية جلب لاعبين من خارج النادي سياسة انتهجها مشرف اللعبة حين قدومه ولم تكن موجودة بتلك الصورة وضخامتها مفضلاً إعارة الأغلبية والاستعانة بلاعبين من الخارج، ما أفقد النادي هيبته وهذا شيء أشار له المدرب ماهر البحري عملياً مفضلاً زج أبناء النادي في الأمتار الأخيرة من الدوري ناهيك أن أغلبية العقود المبرمة لموسم واحد وهذا خطأ لا يغتفر ولا أحد يعمل بهذه الصيغة.

غياب العدالة
ما بني على باطل فهو باطل وذلك ما حدث بالضبط مع كرة الاتحاد التي بدأت بتعاقدات غير منطقية فنال بعض أشباه اللاعبين عقوداً خيالية لا يحلمون بها وظلم بالمقابل لاعبون هم أعلى منهم مستوى ومن هنا بدأ الشرخ الذي شق الفريق لعدة كتل، فغابت العدالة والمساواة وسادت المزاجية في العمل والتي كانت بعيدة عن المنطق وبعيداً عن أعين الإدارة ما أدى لاستقالة أحد الأعضاء، وتصوروا أن مهاجم الفريق رأفت مهتدي الذي تم الاعتماد عليه يسجل ثلاثة أهداف على مدار مرحلتي الذهاب والإياب وينال عقداً أكبر من أبرز اللاعبين ومن هنا نرى مدى الفوضى وتغييب المنطق في العمل الذي جاء على مستوى الهواية.

ضغط واستقالة
بعد رزمة التعاقدات وقبل بداية الدوري بأيام قليلة تم الاستغناء عن المدرب أنس صاري وتسريبات تؤكد التفاوض مع المدرب عمار الشمالي وسط صدام بين الجماهير ومشرف الكرة نتيجة رفضهم استقدام أي مدرب من خارج النادي ومع حملة الضغط التي انطلقت تم الرضوخ والاستعانة بخدمات مهند البوشي، وسار الاتحاد بشكل جيد في رحلة المنافسة مع بعض الشوائب التي لم تظهر على السطح إثر الانتصارات التي كانت تغطي عليها بالنهاية لإن الفوز هو الأهم حتى جاءت الفرصة المناسبة بعد خسارة الفريق بالأسبوع الثالث عشر مع الجيش في دمشق أتبعه التعادل مع حطين بحلب وهو ما كشف عن النيات المبطنة نتيجة افتعال مشكلة مع البوشي الذي فضل التقدم باستقالته والرحيل معتبراً أن هناك شيئاً كان يحاك ضده وهو غير قادر على الاستمرار لعدم حل الكثير من المشاكل.

البحري بديلاً من البوشي
إدارة الاتحاد اجتمعت بعد استقالة البوشي وقررت البحث عن بديل ولم تدرك أن الوقت حساس ويجب الحفاظ على هيكل الجهاز الفني لأن الدوري لم يحسم لكن الكلام شيء والواقع شيء آخر، البحري كان المنقذ وتم جلبه على جناح السرعة وترتيب الأوراق مع بعض الجماهير التي كانت تثير الجدل بغية القبول به وسط مؤتمر صحفي غاب عنه معظم مراسلي الصحف تكريساً للفوضى التي تعم النادي، البحري سجل نتائج مقبولة وبات الفريق منافساً على اللقب نتيجة تعثر الوحدة والجيش ليتربع الاتحاد على الصدارة لكن المعضلة التي بقيت محيرة هي عدم الثبات على تشكيل معين، وربما اعتقد البحري أن تلك العملية التي نجحت ضد الوحدة في حلب قد تبقى سارية المفعول مع فجوة حدثت بينه وبين اللاعبين على حين تحدث البعض عن تدخلات تفرض عليه لإشراك أسماء معينة.

نقاط مهمة
حتى نغلق ملف فقدان البطولة وما أسبابها الرئيسية بعد شرح مستفيض لابد لنا من تحديد نقاط أساسية اجتمع عليها أغلبية الجماهير من خلال متابعتنا للصفحات الاتحادية على الشبكة العنكبوتية والحوارات التي دارت مع الخبرات وجاءت على النحو التالي:
تفرد مشرف أو مدير الفريق بكل مفاصل اللعبة ومن دون الاستعانة بأحد والعمل وفق عقليته الخاصة التي ثبتت فشلها للموسم الثاني على التوالي، تغيير المدرب بمرحلة حرجة من عمر البطولة وهو شيء لم يكن بمحله، عدم الثبات على تشكيلة رئيسية وخاصة في المراحل الأخيرة، الاعتماد على مهاجم واحد في مجمل المباريات لم يكن بقرار صائب لفريق يسعى لنيل البطولة في ظل افتقاد الاتحاد لقناص ينهي الهجمات بالشكل الأمثل، الإصرار على مشاركة المهاجم رأفت مهتدي وهو من أضاع الكثير من الأهداف المحققة في جميع المباريات التي خاضها بدليل تسجيله ثلاثة أهداف وهي نسبة ضعيفة جداً مقارنة مع عدد الدقائق التي منحت له نيابة عن غيره من اللاعبين، والنقطة الأهم غياب التنظيم من دون وجود آلية وبرمجة عمل يرتكز إليها وغياب المحاسبة الفعلية وإحلال الفوضى التي أتت على كل شيء من دون استثناء، عدم المتابعة الإدارية وتفقد حال الفريق بين الحين والآخر والوقف على الجوانب السلبية والإيجابية ومفرزاتها وتقديم تقرير مفصل من الجهاز الفني وهو شيء مهم غاب عن ذهن الإدارة التي لم تطالب بهذا الأمر وبقيت تعمل بمنظور الهواية ولم تصل مرحلة الاحتراف بمفهومها الذي كان يتوجب عليها المتابعة الدقيقة لكل ما يدور لتدارك السلبيات التي واجهت الفريق، إخفاق الجهاز الفني بإخراج الفريق من حالة الضغط التي لازمتهم قبل مباراة الشرطة المصيرية وتوعيتهم وتراخي البعض معتبرين أن الدوري حسم، كل تلك الأمور كان لها الأثر في خروج الاتحاد من الدوري بمركز الوصافة فقط وضياع حلم ربما يطول تحقيقه لسنوات أخرى ليست بالقريبة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن