السعودية… عودة الروح أعادتها إلى المونديال … الصقور الخضر بذكريات أميركا 1994
| الوطن
احتاجت السعودية لأكثر من ربع قرن لتجد لنفسها مكاناً في بطولة كبيرة بتأهل منتخبها الذي خاض مباراته الدولية الأولى عام 1957 إلى نهائيات آسيا عام 1984 وجاء حضوره القاري الأول أقوى مما توقع أشد المتفائلين فسار بعيداً وتوج بطلاً وكان قبلها بأشهر قليلة سجل إنجازاً آخر بالتأهل إلى نهائيات مسابقة كرة القدم لأولمبياد لوس أنجلوس وهناك خرج من الدور الأول أمام البرازيل وألمانيا.
اللقب الآسيوي الذي احتفظ به الصقور في الدوحة 1988 لم يكن ليشبع نهم السعوديين وبات همهم الوصول إلى العالمية والفوز بكأس الخليج لوضعها الخاص، وبعد 10 سنوات على التتويج القاري والظهور الأولمبي تحقق الحلمان الآخران بخوض المونديال والظفر بالكأس الخليجية، ولم تتوقف ماكينة المملكة عند هذه الإنجازات وهي التي كانت أول دولة من خارج القارتين (أوروبا وأميركا) تظفر بلقب عالمي عندما توج فراخ الصقور بكأس العالم للناشئين عام 1989، وتوج المنتخب الأول بكأس آسيا 3 مرات وخسر النهائي مثلها وها هو سيظهر للمرة الخامسة مونديالياً.
فوز وخسارة تاريخيان
مثلما فعل الأخضر بمشاركته الأولى قارياً بوصوله إلى منصة التتويج جاءت مشاركته المونديالية الأولى للتاريخ، ففي بلاد العم سام وبعد خسارة افتتاحية بصعوبة أمام طواحين هولندا بهدف لهدفين عاد من بعيد فسجل فوزين على شقيقه المغربي بهدفين لهدف قبل أن يباغت البلجيكي ويتغلب عليه بهدف يتيم جاء بطريقة رائعة عبر سعيد العويران واعتبر يومها كأحد أجمل أهداف كأس العالم وبه تأهل إلى الدور الثاني وهناك خسر أمام الفايكنغ السويدي 1/3.
ولأن الحفاظ على القمة أصعب من الوصول إليها فقد خرج المنتخب السعودي من الدور الأول للمونديال التالي ثم خسر نهائي آسيا 2000 وهو الذي توج بلقبه الثالث في الإمارات 1996، وفي مونديال 2002 خرج بلا نقاط للمرة الأولى من دون أن يسجل لاعبوه أي هدف وبهزيمة تاريخية أمام المانشافت هي الأقسى لمنتخب عربي وبلغت صفر/8، ولم تأتِ المشاركة الرابعة توالياً على الأراضي الألمانية 2006 بجديد فكانت شرفية واكتفى الخضر بنقطة التعادل 2/2 مع الأشقاء التوانسة وخسارتين من الإسبان والأوكرانيين من دون أن ينجحوا بالتسجيل مجدداً.
تراجع طبيعي
جاءت المشاركة بمونديال ألمانيا ختاماً لعهد سعودي أخضر أثمر العديد من البطولات على المستوى القاري وعلى الصعد كلها (منتخبات وأندية)، وفي العام التالي عاد ليخوض نهائي كأس آسيا إلا أنه خسر أمام أسود الرافدين بهدف، وشهد العقد المنصرم تراجعاً كبيراً للمنتخب الذي أخفق بالتأهل إلى مونديال 2010 لمصلحة كوريا الشمالية وفي تصفيات المونديال الفائت لم يقوَ كما غيره من المنتخبات العربية على مجابهة الرياح الصفراء القادمة من شرق القارة ومن أستراليا الضيف الثقيل وكذلك إيران.
وحتى على صعيد بطولات آسيا فقد حقق أسوأ مشاركة في 2011 بخروجه بثلاث هزائم من الدور الأول أمام اليابان وسورية والأردن ولم يكن الوضع أفضل كثيراً إلا بتحقيق فوز وحيد في النسخة الفائتة عام 2015 على الأراضي الأسترالية، وجرب الاتحاد السعودي خلال هذه الفترة سبع مدارس تدريبية فأشرف على الخضر تسعة مدربين بينهم برازيليان وبرتغالي وهولندي وإسباني وروماني وسعوديان أحدهما ناصر الجوهر الذي رأس الجهاز الفني فترتين، وعقب السقوط الأخير في كأس آسيا عاد السعوديون لتجربة المدرسة الهولندية فعين بيرت فان مارفيك مدرباً على أبواب الدور الثالث الحاسم من التصفيات العالمية ليكون الهولندي الخامس في هذا المنصب وبعد ضمان التأهل جاء التغيير بتعيين إدغاردو باوزا مدرباً ليكون الأرجنتيني الثاني في هذا المنصب بعد كالديرون الذي درب الأخضر بين 2004 و2005.
طريق الشوك
ولم يكن مشوار الأخضر إلى روسيا سهلاً فدخل التصفيات المشتركة المؤهلة إلى المونديال ونهائيات آسيا 2019 من الدور الثاني فوقع بالمجموعة الثانية إلى جانب الإمارات وفلسطين وماليزيا وتيمور الشرقية وواجه منافسة من الفريقين العربيين ففاز على الإماراتي والفلسطيني ذهاباً بصعوبة وتعادل معهما إياباً وحقق أربعة انتصارات على ماليزيا وتيمور ليتأهل مترئساً المجموعة برصيد 20 نقطة ضامناً التأهل إلى الإمارات 2019 ومكاناً في الدور الثالث للتصفيات العالمية واللافت أن لاعبيه سجلوا 28 هدفاً نصفها لنجمه محمد السهلاوي.
منذ وضعته القرعة إلى جانب اليابان وأستراليا والإمارات والعراق وتايلاند تخوف عشاقه وأنصاره من عدم مقدرته على تجاوز هذه المجموعة الصعبة إلا أن 10 نقاط من أول 4 جولات منحت الصقور دفعة معنوية كبيرة نحو إحدى بطاقتي التأهل المباشر وتأكد هذا الوضع مع نهاية الجولة السابعة بحصد 16 نقطة لكن تلقيهم هزيمتين متتاليتين في أديلايد والعين وضع البطاقة على كف عفريت ومن حسن حظ السعوديين أن الخسارة الأخيرة ترافقت مع خسارة أستراليا المنافس المباشر أمام اليابان ليتطلب الوضع فوزاً محتماً على الساموراي في ختام التصفيات وهو ما كان بفضل هدف فهد المولد الذي منح السعوديين تأشيرة الصعود إلى النهائيات العالمية للمرة الخامسة.
أجنحة متجددة
قدمت الكرة السعودية وخاصة في الثمانينيات وبعدها نجوماً كباراً سطروا ملامح كبيرة في البطولات الآسيوية والإقليمية (العربية والخليجية) من ماجد عبدالله إلى ياسر قحطاني مروراً بالدعيع وفؤاد أنور والعويران وسامي الجابر والقائمة تطول.. ولا يمكن إغفال الجيل الحالي إلا أن المشكلة على ما يبدو في خيارات المدرب الأرجنتيني أو في تراجع مستوى البعض ونذكر على سبيل المثال محمد السهلاوي الذي سجل 14 هدفاً في 8 مباريات بالمرحلة الثانية لكنه أخفق بتسجيل أكثر من هدفين في 10 مباريات بالمرحلة الثالثة وسيعتمد عليه باوزا بالتأكيد إلى جانب ناصر الشمراني كمهاجمين وكلاهما تجاوز الثلاثين.
ومن ورائهما كتيبة من لاعبي الوسط وهم رباعي نادي أهلي جدة سليمان المعشر وحسين المقهوي وعبدالفتاح العسيري وأبرزهم المخضرم تيسير الجاسم صاحب 33 عاماً وأكثر من 125 مباراة دولية، وإلى جانب رباعي الهلال سالم الدوسري وسليمان الفرج وعبدالملك الخيبري ونواف العابد وهناك نجم الاتحاد فهد المولد ولاعب النصر يحيى الشهري، وفي خط الدفاع تقتصر الأسماء على لاعبي الهلال والأهلي والنصر وأشهرهم الـهوساوي (أسامة ومعتز وعمر) وسعيد المولد وياسر الشهراني.
إذاً عاد الصقور إلى صفوة البطولات العالمية بشق النفس وبفريق أثار الكثير من الجدل وهناك في روسيا سيختلف الأمر كلياً فالمنافسون لن يكونوا أقل قوة وطموحاً من الآسيويين الذي اصطدموا بهم في التصفيات، أما أهداف خلفاء ماجد عبدالله فهي تجاوز الإنجاز الذي سجله أول جيل خاض المونديال.
السعودية والمونديال
* ظهرت السعودية في 4 بطولات خاضت خلالها 13 مباراة ففازت بمباراتين وتعادلت باثنتين وخسرت 9 وسجل لاعبوها 9 أهداف وتلقت 32 هدفاً وأبرز إنجازاتها بلوغ دور الـ16 في مونديال 1994.
* خاضت 18 مباراة في الطريق إلى روسيا ففازت بـ12 وتعادلت بـ 3 مباريات وخسرت 3 مرات وسجل لاعبوها 45 هدفاً وتلقت شباكها 14 هدفاً.