قضايا وآراء

آخر استحقاقات الانتصار

| تحسين الحلبي

يخطئ من يعتقد أن واشنطن أخطأت حين كانت تنقل شحنات الأسلحة والذخائر والمتفجرات لميليشيات المعارضات السورية في بداية سنوات الحرب على سورية عام 2011 فمن الطبيعي أن تدرك المخابرات الأميركية ووزارة الدفاع أن هذه الأسلحة ستستخدم ضد الجيش العربي السوري حتى لو وقعت بأيدي مجموعات «القاعدة» و«داعش» فيما بعد، فالمهم ألا تقع بأيدي الجيش السوري وما عدا ذلك سيظل مفيداً لمصالح الولايات المتحدة.
جزء مما سبق كشفت عنه مجلة «فوكس نيوز» الإلكترونية الأميركية في 15 أيار الجاري حين استشهدت بما ذكره أحد العملاء الذين استلموا أسلحة أميركية وسلموها لمجموعات القاعدة، ولذلك سيظل أي إعلان عن توقف وزارة الدفاع الأميركية عن إرسال أسلحة لما يسمى «المعارضة» مجرد كذبة لا يمكن لأحد تصديقها.
مازالت الولايات المتحدة وإسرائيل تعدان خططاً لفرض حالة فوضى في سورية، بعد هزيمتها في ميدان المعارك وفي مثل هذه الخطط سيظل موضوع تهريب السلاح والمتفجرات لأي مجموعات متبقية في شمال سورية يحتل أهمية على جدول العمل الأميركي ضد سورية، بل إن هذا ما يكشفه معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي حين يطلب في أحد أبحاثه العميد المتقاعد من سلاح المخابرات سابقاً أودي ديكيل أن تعمل القيادة الإسرائيلية على استغلال لـ«استمرار الفوضى داخل سورية» لأطول فترة ممكنة تتوافر فيها فرص إسرائيلية لزعزعة قوة القيادة والجيش السوري.
إذا كان جدول عمل سورية ما بعد الانتصار الميداني سيركز على إعادة الإعمار والبناء والاستقرار، فإن الحصانة والمنعة والقوة التي يتطلبها تنفيذ جدول عمل كهذا، ستكون في مقدمة أولويات الجيش وقوات الأمن لأن كل زيادة في هذه القوة والحصانة ستشكل عاملاً متصاعداً في ميزان قدرة الردع السورية في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة، فعجلة القوة السورية لا يمكن أن تتراجع إلى الخلف بعد الانتصارات الميدانية وتطهير مساحات ومدن وقرى كثيرة من المجموعات الإرهابية، وهذا العامل سيفرض استحقاقاته على المهام القتالية التي سيتطلبها عمليات ومعارك تحرير شمال سورية من كافة المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون وستظل مسألة حماية حدود الدولة في الشمال والشرق والجنوب من أهم أولويات الجيش العربي السوري في هذه المرحلة بكل ما تستلزم من عمل سياسي وعسكري ومشاركة للحلفاء، فقد كان خرق هذه الحدود من بين أهم العوامل التي أدخلت إلى ساحة سورية الداخلية عشرات الآلاف من الإرهابيين بأسلحتهم وأموالهم في الأعوام الأولى للحرب العالمية على سورية، وفي هذه الظروف بالذات يبدو أن جميع حلفاء وأصدقاء سورية سيضعون تحت تصرف دمشق كل إمكاناتهم ودورهم في تحصين هذه الحدود بعد القضاء على المجموعات الإرهابية من الشمال وإخراج كل الوحدات العسكرية التي تسللت إلى سورية أثناء الحرب عليها.
يبدو أن إسرائيل تعترف الآن بهزيمة مخططها العدواني على حدود الجولان بعد أن أحبط الجيش السوري وحلفاؤه خطتها في إنشاء منطقة تضع فيها مجموعات إرهابية، بل أصبح أي اختراق لسلاح الجو الإسرائيلي فوق سماء سورية يخضع لحسابات كثيرة بعد تدمير الجيش السوري لنسبة كبيرة من الصواريخ التي أطلقتها من فوق الأراضي المحتلة على سورية.
على الحدود الشرقية الجنوبية لسورية بدأ الأردن يتطلع إلى التجاوب مع الغاية من وجود حدود مستقرة وآمنة بينه وبين سورية وتباعد تنسيق أرادت إسرائيل فرضه عليه منذ بداية الحرب، ولذلك يتوقع المحللون في إسرائيل أن يبدأ العد التنازلي لاستحقاق الجولان المحتل على الساحة الدولية وساحة المنطقة لأنه سيحتل أهمية في الساحتين الإقليمية والدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن