الملف في عهدة «الرقابة والتفتيش» … 70 «تركس» مهرّباً تعمل منذ سنوات بأوراق مزوّرة!
| الوطن
جرت العادة أن تكون معظم المهربات في الأسواق المحلية ما خف وزنه وارتفع ثمنه، وذلك لسهولة التعامل مع السلعة ونقلها وإخفائها في حال لزم الأمر، لكن أن تكون المهربات مركبات ضخمة (جرافات) فهو ما يفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول منظومة العمل الجمركي وآليات تنفيذه، وربما تشكل القصة مفارقة عندما تشاهد دوريات الجمارك تدخل المحال أو تفتش المركبات على الطرقات العامة حتى الخاصة منها بحثاً عن أبسط الأمور (جوز ـ مكسرات.. الخ).
وفي التفاصيل، اشتكى أحد معقبي المعاملات لـ«الوطن» عدم مساواته من الجمارك في المصالحة على قضية تهريب «تركس»، مع قضايا مماثلة تمت المصالحة عليها، وبما أن المادة المهربة تثير الفضول، توسعت «الوطن» حول الموضوع ليتضح أن هناك جملة من هذه الآليات (التركسات) العاملة في البلد دخلت عن طريق التهريب، وتم تزوير أوراق خاصة بها وتسجيلها في مديريات النقل.
ولزيادة المتابعة للموضوع اتصلت «الوطن» مع مدير مسؤول في الجمارك ليكشف أن عدد «التركسات» المهربة زاد على 70 آلية، تم تهريبها بشكل متفرق على مدار سنوات سابقة، حيث يتم إدخال هذه الجرافات عبر الطرق غير الشرعية، ويتم تزوير وثائق خاصة بها مثل شهادة المنشأ والشهادة الجمركية، ويتم تسجيلها لدى دوائر النقل المختصة في المحافظات على أنها مستوردة وتحمل أوراقاً رسمية صحيحة، وبناء عليه تم منح هذه الآليات دفاتر ميكانيك نظامية، وتم تداولها في السوق وبيعها من مالك لآخر على أنها آليات نظامية، إلى أن قام أحد الأجهزة المختصة باكتشاف حالات التزوير والتلاعب وضبطها، حيث تم العمل على احتجاز الآليات وتنظيم الضبوط اللازمة بحق أصحابها.
وفي الحصيلة، تعرّض عدد من المالكين لهذه الآليات للغبن، إذ قاموا بشرائها على أنها نظامية، وتحمل أوراقاً صادرة عن مديريات النقل، حيث دخل البعض منهم في دوامة أنه لم يقم بالتهريب بالأصل بينما تصر الجمارك على تحميله قضية التهريب، وما يترتب عليها من حجوزات وغرامات.. وغيرها من الإجراءات الخاصة بمثل هذه القضايا.
وخلال متابعة الموضوع، تبيّن أن هيئة الرقابة والتفتيش دخلت على الخط، إذ أجرت تحقيقاً حوله؛ صنفت فيه المالكين لهذه الآليات بين حسن النية وسيئ النية، وحددت المقدار الذي يتحمله كل مالك حسب هذا التصنيف من الغرامات والإجراءات الخاصة في القضية.
وبالعودة للمدير في الجمارك لإيضاح المسألة بيّن أن المالك لهذه الآليات ممن ثبت حسن نيته وقام بشراء هذه الآلية بناء على الأوراق المرفقة معها والصادرة عن دوائر النقل، التي تبين لاحقاً أنها مزورة -والحديث هنا عن المالك الأخير- فيتم تكليفه دفع قيمة الآلية والرسوم الخاصة بها مقابل المصالحة عليها والتنازل عن مصادرتها من الجمارك، حيث يستطيع المالك بعد هذه التسوية، التصرف كما يشاء بالآلية «التركس» على اعتبار أنه تمت المصالحة على قضية التهريب، بينما يتم التعامل مع المالك السيئ النية -والحديث هنا عن المالك الأول- أي من قام بالتهريب والتزوير، بعد أن يتم تنظيم ضبط خاص بحقه يتحول لقضية تهريب تعالج بالجمارك وفق الأنظمة المعمول بها لمثل هذه الحالات حيث يتم تغريمه بنحو 3 إلى 4 أضعاف قيمة الآلية، وتحميله كل الرسوم الواجبة على الآلية إضافة لتطبيق كل الإجراءات الخاصة بقضايا التهريب.
وفي الحديث مع المدير عن مصدر هذه الآليات، لم يقدم معلومات وافية، واكتفى بالقول: إنها دخلت بطرق غير شرعية، وإن هناك بعض المهربين يستغلون بعض الظروف وحاجة السوق المحلية لمثل هذه الآليات والقيام بتهريبها ومن ثم تزوير الوثائق وبيعها في الأسواق المحلية، بينما علمت «الوطن» عبر بعض اللقاءات مع العاملين في الجمارك أن معظم هذه «التركسات» ذات منشأ أوروبي، دخلت إلى البلد بطرق غير شرعية، وعدد منها كان في بعض المناطق الحرة وتم تزوير أوراق لها وتسجيلها والتنقل بها والعمل خارج هذه المناطق، بينما تحفظ المدير على أن تكون المناطق الحرة مصدراً لهذه المهربات، مبيناً أن هناك عدداً من الحالات المشابهة لتهريب مثل هذه الآليات الضخمة مثل تهريب مركبات الشحن القاطرة والمقطورة، والتي دخل معظمها عبر البادية السورية، حيث كان يسمح لمثل هذه المركبات التنقل ضمن البادية لتسهيل حركة نقل المواشي والأعلاف الخاصة بها دون أن يسمح لها الخروج من هذه المناطق لعدم امتلاكها أوراقاً وشهادات جمركية إلا أنه تم العثور على عدد من هذه المركبات وضبطها تحمل أوراقاً مزورة وتم تشكيل لجنة خاصة وتسوية الموضوع من وزارة النقل، بعد استكمال شروط التسوية التي تم تحديدها من اللجان الحكومية.