صوتٌ رخيم وشخصية قوية ووعيٌ ثابت … الفنانة ثراء دبسي لـ«الوطن»: عندي بريق أمل في قلة من الشباب الواعي والمثقف
| أحمد محمد السح
سيدةٌ مهيبة ذات صوتٍ رخيم، دخلت الوسط الفني وهي في المرحلة الإعدادية، ووقفت أمام الكاميرا في بداية مشوار الفن في البلاد، تحدّت انغلاق المجتمع في سورية بشكل عام وقتها، وفي حلب بشكلٍ خاص، واختطت طريقها في الفن بمثابرة واجتهاد، تحضر اليوم في الإخراج الإذاعي وهي التي بصمت بصوتها المدهش «الظواهر المدهشة» سنوات طويلة، وفي التلفزيون كانت «أم عسير» في «غضب الصحراء 1989» مع هيثم حقي وهاني السعدي، وكانت الأم الضعيفة في «حي المزار1997» لها مسيرةٌ طويلة في المسرح والإذاعة والتلفزيون، لكنها تبدو مؤخراً أنها تعتكف الظهور الإعلامي، وتكتفي بالاجتهاد في عملها، ظهرت في (أصوات خافتة 2009، ابن قزمان 2008، كوم الحجر 2007.. وقبلها الكثير) شخصية قوية ووعيٌ ثابت، تتسم به شخصية الفنانة الكبيرة ثراء دبسي.
ثراء دبسي والإعلام
ما سبب المقاطعة مع الإعلام، هل هي مقاطعة من الطرفين أم مقاطعة من طرف واحد؟
أولاً أودّ أن أشكرك على هذه المقدّمة التي لخّصت فيها بعضاً من مسيرتي الفنية، ويسعدني أن يكون لي لقاء مع هذه الجريدة الإعلامية الراقية. بالنسبة للسؤال.. هي ليست مقاطعة إعلامية إنما يمكنك القول إني لا أحب ظاهرة البهرجة، ولا أحب الظهور، ولكن عندما تقتضي الضرورة فأنا حاضرة.. ولكن للأمانة أنا أتهرّب في كثير من الأحيان.
لا يمكن الحديث مع الفنانة ثراء دبسي من دون الوقوف أمام بصمة صوتك الرخيم، كيف تحافظين على هذه التقنية الفنية الخاصة إن جاز التعبير؟
الحفاظ على الصحة بصورة عامة، ومن ثم الحفاظ على صوتي هو هاجسي، فأنا لا أدخّن ولا أشرب، وأنام باكراَ وأستغلّ نهاري كله في العمل، مع الابتعاد عن القهوة والشاي، بالمختصر أنا أتناول كل ما أحتاج إليه من طعام وشراب في البيت، أما عن طبيعة الصوت فهي منّةٌ من الله سبحانه وتعالى.
حضورك في المسرح كان باكراً جداً وفي سن مبكر جداً، أما آخر عرض مسرحي لك كان (الوجع قبل ثلاث سنوات) ماذا تنتظر ثراء دبسي من المسرح اليوم، وكيف تنظر إلى ما يقدم على الخشبة؟
في مسرحية الوجع كنا نتحدث عن وجعنا في هذه السنوات العجاف الموجعة، أما ما أنتظره من المسرح اليوم فهو كثيرٌ وكثير، لأن المسرح هو مرآة أوجاعنا وآلامنا.. إيجابياتنا وسلبياتنا، لذلك عليه أن ينشط كثيراً في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها شعنا، والتي من واجبنا نحن المسرحيين أن نخوض هذه الحرب الأصعب لإعادة التأهيل ولملمة الجراح والنهوض بمجتمع إنساني متحضر، والمهمة ليست سهلة أبداً، أما بالنسبة لما يقدم على المسرح فأنا مع المحاولات الشبابية لأنها تؤسس لجيلٍ مسرحي بدمٍ جديد. ولكن المسرح القومي يظل له مسيرة طويلة من العطاءات ويجب أن يستمر فيها.. أي عليه أن يحافظ على المسرحيين الأصيلين ويتبنى أعمالهم لكي يتعلم منها الجيل الجديد، فكثير من هذا الجيل لا صلة له بالمسرحيين القدامى، وهذه نقطة ضعف كبيرة.. لأن التواصل غير متاح.
حياة إذاعية
أنتِ من أوليات المخرجات الإذاعيات، وكان لك البصمة الخاصة في برنامج ظواهر مدهشة، لماذا اتجهت إلى هذا الخيار بينما كانت العيون تتجه إلى الدراما التلفزيونية؟
كما قلت سابقاً أنا لم أعمل في الفن من أجل حبّ الظهور أو النجومية أنا عملت في الفن من أجل الفن ومن أجل إيصال رسالة إلى الجمهور.. لذلك اتجهت إلى الإذاعة لأنني وجدت نفسي فيها، ورأيت أنني أستطيع من خلالها أن أقدّم ما أعتقد أنه أكثر إيجابية.
يتفق النقاد والمختصون أن الدراما السورية اليوم في حالة انحدار في الإنتاج والمستوى الفني، ما وجهة نظر ثراء دبسي في مشكلة الدراما السورية؟
المشكلة ليست فقط في الدراما التلفزيونية. نحن في عصر الانحطاط، وهذا ما ينطبق بالضرورة على الدراما التلفزيونية، التي تمر في أكثر مراحلها سوءاً، ولن أعلّق أكثر من هذا.
الفن والثقافة
تنتمين إلى جيل الفنان المثقف الفنان القدوة في المجتمع بحضوره ومنطوقه وثقافته، هل تلاحظين تراجع الحالة الثقافية في الوسط الفني؟
في زماننا– الزمن الجميل– كان طموحنا أن نتعرف ونقرأ ونبني، كنا نخوض كل المحاولات الفنية والثقافية، وكان أصدقاؤنا أهم الشعراء والفنانين التشكيليين والموسيقيين، كنا نتحاور ونختلف ونتفق ونخلق بداية المشاريع التي هي أهم الأعمال الفنية والثقافية والموسيقية والمسرحية والتشكيلية في تاريخ بلدنا، طبعاً لن أذكر الأسماء لأنها قامات كبيرة في شتى النواحي وتشكل الآن تاريخ الفن والثقافة في سورية، أما الآن فعندما تسألهم عن طموحهم يقولون: أريد أن أصبح نجماً في التلفزيون، وأجنى المال ويكون عندي سيارة حديثة ومنزل فخم،- للأسف– إن سألتهم عن هذه القامات يقولوا لك: من هو!!!! بصراحة في قلبي وجع أليم من هذه الظاهرة، ولكن يظل عندي بريق أمل في قلة من الشباب الواعي والمثقف الذي همه بناء الوطن وإرساء قاعدة الثقافة والوعي في هذا المجتمع المريض.
ما مشاريعك الفنية القادمة؟
أما عن مشاريعي فهي كبيرةٌ كبر وجعي، وما أكثرها وأصعبها، ولكن أغلبيتها تصب في المسرح. وفي الختام أشكر صحيفة «الوطن»، على هذا اللقاء الذي أتاحته لي في أسطرها.. كما أشكرك أنت أحمد، أحد المثقفين الذي أرى فيه وجه سورية المشرق، فالخلاصة أنا فنانة يتملّكها الفن الحقيقي، وأين تجد مرساها وتطمئنّ إليه، تُنزِل مرساتها فيه.