من دفتر الوطن

المستشار الديكور!

| عبد الفتاح العوض 

لماذا لم ينجح العقل الاستشاري في سورية؟
حتى الآن لم ترافق محاولات خلق مجالس استشارية في الجهات الحكومية أي عملية نجاح تذكر، وكذلك فإن القطاع الخاص لم يجرب حتى الآن فكرة «المستشار» إلا بحدود ضيقة وتكاد تكون غير واضحة للعيان لأنها تتم بطريقة شخصية وغير مؤسساتية.
لن أتحدث كثيراً عن عدم رغبة القطاع الخاص بالدخول في حقل الاستشارات إلا بقضايا فنية بحتة إنما أريد أن أركز هنا على فشل العملية الاستشارية في القطاع الحكومي.
كلمة «مستشار» في الجهات الحكومية تكاد تكون ملازمة لعبارة «المستشار الذي لا يستشار» والأسباب كثيرة وراء هذه الحقيقة المرة.
أول هذه الأسباب أنه يتم اختيار المستشار كنوع من «تنفيعة» لشخص ما، وهذه «التنفيعة»، إما تكون لأن الشخص يهمنا لسبب أو لآخر وأقول «يهمنا» بشكل شخصي وليس بما يفيد العمل، وإما نريد أن نؤمن «عملاً» شكلياً لشخصية كانت تعمل في موقع عام في فترة من الفترات.
بمعنى آخر اختيار المستشار لا يكون بسبب الحاجة إلى خبرته وتجاربه وفكره بما يقدم قيمة مضافة للعمل بل مجرد سبب شخصي يتعلق «بالمستشار» وليس بالجهة التي من المفترض أنها تحتاج لاستشارته.
ننتقل من المستشارين الشخصيين إلى مرحلة أفضل تتعلق بالمجالس الاستشارية، وحتى الآن تبدو هذه المجالس في الوزارات مجرد «ديكور» إداري لا أكثر ولا أقل، ورغم وجود بعض الأسماء ذات القيمة المهنية والعملية فإن الاستفادة من المجالس الاستشارية لا تكاد حتى الآن تذكر، وقلة من الوزراء الذين «يجتمعون» مع مجالسهم الاستشارية وبصورة نادرة يتم مناقشة قضايا مع هذه المجالس.
لعلنا لا نؤمن بفكرة «الشورى» وهذا يعود إلى «الغرور» المفرط الذي ينتاب الكثير منا عندما يصلون إلى مواقع مسؤولية عليا، إذ يجد الكثير من هؤلاء المسؤولين أنهم لا يحتاجون إلى من يقدم لهم استشارات لأنهم يعرفون أكثر من مستشاريهم، ومن ثم لا يتوقعون منم الكثير من الفوائد.
بالمقابل كانت هناك آمال على المجلس الاستشاري الوطني التابع لرئاسة مجلس الوزراء وحتى الآن لم نجد ملامح مبشرة، لعل من أسبابها أن معظم «المستشارين» يمثلون جهات تشارك في صناعة القرار مثل رؤساء اتحادات غرف التجارة والصناعة والزراعة وغيرها.
ما نحتاج إليه هو إيمان بمبدأ العقل الاستشاري.. فمن شاور الناس شاركهم في عقولهم.
حتى على مستوى الأفراد فإننا في كثير من الأحيان لا نقوم بطلب المشورة من أحد.
رغم الاجتهادات في الأدبيات العربية عن صفات الأشخاص الذين ينبغي مشاورتهم وهي صفات نبيلة وحكيمة، وكذلك عن صفات الأشخاص الذي يجب عدم مشاورتهم مثل البخيل والجبان.
لكن.. من أشهر ما في الأدبيات ما يقال عن النساء: شاورهن وخالفهن!

أقوال:
•إذا صدئ الرأي أصقلته المشورة.
•المشورة لقاح العقول.
•عليك برأي الشيوخ فقد مرت على وجوههم عيون العبر، وتصدّعت لأسماعهم آثار الغِيرَ.
• لا تستشر جبانا فيخوفك ، ولا حريصاً فيعدك بما لا ترتجي.
•إذا شاورت العاقل صار عقله لك.
•الأحمق من قطعه العجب عن الاستشارة ، والاستبداد عن الاستخارة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن