1700 عملية قلب مفتوح و8 آلاف قسطرة في مشفى الباسل في عام 75 بالمئة منها مجاني … الفاعوري: رغم الحرب كلفة عملية القلب المفتوح لدينا 350 ألف ليرة وفي دول الجوار 10 ملايين ليرة
| محمود الصالح
رغم الحصار والحرب استمرت عمليات جراحة القلب المفتوح من دون توقف في مشفى الباسل لأمراض وجراحة القلب بدمشق، وتم إجراء أكثر من 1700 عملية جراحة قلب مفتوح و8 آلاف قسطرة قلبية، والأهم أن جزءاً كبيراً من هذه العمليات بشكل مجاني وحتى المأجور منها بشكل رمزي، هذا ما أوضحه المدير العام للهيئة العامة لمشفى الباسل لأمراض وجراحة القلب في دمشق الدكتور دياب الفاعوري في إجابته عن تساؤلات «الوطن» عن واقع أداء هذه المؤسسة الصحية.
اليوم بعد مرور سبع سنوات على الحرب المدمرة على سورية، ما واقع المشفى من حيث الكوادر، الأعمال، التطور الطبي؟
استطعنا خلال سنوات الحرب الحفاظ على هذه المؤسسة الطبية المهمة، وأن نرتقي في الأداء، وأن نستوعب الأعداد المتزايدة من المرضى نتيجة تهجير الجماعات الإرهابية في معظم المناطق وتركز المهجرين في دمشق التي بقيت آمنة، واستطعنا أن نحافظ على استمرار استقبال معظم المرضى بشكل مجاني، وأن نجري العمليات الجراحية بمختلف أنواعها والحفاظ على مستوى الأعمال لتوازي أفضل مشافي جراحة القلب في المنطقة.
لدينا 5 غرف عمليات لجراحة القلب المفتوح تنفذ فيها 7-8 عمليات يوميا، و3 غرف عمليات للقسطرة، تنفذ فيها جميع أعمال القسطرة القلبية وتوسيع الشرايين وتركيب البطاريات القلبية، واستطعنا خلال العام الماضي إجراء 1700 عملية قلب مفتوح وأكثر من 8 آلاف عملية قسطرة قلبية بعد أن كانت في بدء الأزمة 4700 عملية قسطرة، ثلث عمليات القسطرة القلبية الآن تضمنت وضع شبكات دورانية ومعدنية وممتصة، ونوفر أفضل أنواع الشبكات (VD-CD) التي تتمتع بمواصفات عالية الجودة، ونستخدم في عملياتنا (المؤكسج) المتطور الذي يستخدم في كبرى مشافي جراحة القلب في العالم، حيث نوفر هذه المواد عبر الدول الصديقة وبجهود كبيرة من وزارة الصحة.
هذا وزاد عدد المراجعين للعيادات الخارجية منذ عام 2012 إلى العام الماضي من 3267 مراجعاً إلى 11139 مراجعاً ونتيجة الأعمال الكثيرة والناجحة للمشفى اكتسب المشفى وكوادره سمعة وشهرة دولية، ويصنف اليوم كأحد أهم مشافي أمراض وجراحة القلب في منطقة الشرق الأوسط، اليوم لا يوجد أي عمل جراحي للقلب لا نستطيع القيام به خصوصاً بعد أن قمنا بإجراء عمليات (تسلخ الأبهر وقوس الأبهر) التي لم تكن تجرى إلا في الدول المتطورة طبيا، كما نستعد لإعادة التأهيل المدني والفني للمشفى للبدء بإجراء عمليات جراحة القلب التنظيرية مع بداية العام القادم، حيث نقوم بتجهيز عدد من غرف عمليات جراحة القلب التنظيرية.
قلتم إن أغلب الخدمات التي تقدمونها مجانية، ماذا عن الأعمال المأجورة؟ ما التكاليف مقارنة مع دول الجوار؟
نحن لا نضع أنفسنا بمقارنة مع أي دولة خصوصاً بما نقدمه للمواطن، سواء في الجودة أو السعر، لأن معظم الخدمات التي نقدمها مجانية 100 بالمئة أما المأجور منها لا يشكل أكثر من 25 بالمئة من نسبة الخدمات وهذا لا يقارن في الدول الأخرى حتى التي تتفاخر أنها تقدم خدماتها بأسعار منخفضة لأن إجراء أي قسطرة مأجورة لدينا لا يتجاوز 35 ألف ليرة في وقت تصل إلى أكثر من 3 ملايين ليرة في أي دولة مجاورة، وأما عمليات القلب المفتوح فلا تتجاوز لدينا 350 ألف ليرة في حين تصل لدى دول الجوار إلى عشرة ملايين ليرة، حتى في القطاع الخاص في سورية تصل تكاليف القسطرة والقلب المفتوح إلى أربعة أضعاف الأسعار الموجودة في مشفى الباسل، كل ذلك نتيجة الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة والذي يتجاوز ملياري ليرة سنويا في وقت لا تتجاوز واردات المشفى سنوياً 500 مليون ليرة من الأعمال المأجورة.
البعض يشكو من طول فترة انتظار إجراء الأعمال الجراحية للقلب المفتوح المجانية، ما السبب وراء ذلك؟
نعم صحيح هناك فترة طويلة بالنسبة لإجراء عمليات جراحة القلب، قياسا بواقع هذه الأمراض، والسبب في ذلك الضغط الكبير على المشفى ومحدودية غرف العمليات، هذا بالنسبة للمجاني وغير الإسعاف، أما عمليات الإسعاف فيتم إجراؤها بشكل مباشر من دون التقيد بالدور لأن حياة المريض أهم من أي اعتبار وجميع عمليات الإسعاف مجانية، وبالمجمل هناك 75 بالمئة من عمليات المشفى وخدماتها مجانية. اليوم دور القسطرة هو شهر وعمليات جراحة القلب المفتوح ثلاثة أشهر، وبشكل عام الآن بدا الضغط يخف على المشفى نتيجة عودة العمل في مراكز جراحة القلب في المحافظات الأخرى.
بإعادة تأهيل المشفى، ما التطور الذي سنشهده في إعادة التأهيل وهل سنشهد تطوراً في الخدمة الفندقية؟
الآن وخلال الأيام القليلة القادمة سيزيد عدد الأسرة في المشفى بعد عمليات التأهيل 90 سريراً جديداً وسيصل العدد إلى 300 سرير منها 70 سريراً للعناية المشددة فقط، وسيتم إضافة 6 غرف عمليات جديدة ليصبح عدد غرف العمليات 11 غرفة منها غرفتان (هايبرد)، وهذا الأهم بالنسبة لنا في الدرجة الأولى، نحن لا ننكر أهمية الخدمة الفندقية، لكن لا نستطيع أن ننافس القطاع الخاص في ذلك بسبب تطبيق الروتين في مؤسسات الدولة والتزامها بقوانين وإجراءات كثيرة يتحرر منها القطاع الخاص ونعمل على تعويض ذلك من خلال التفوق الطبي الذي لا يستطيع أحد منافستنا فيه.
هل هناك تصنيف للخبرات الطبية لديكم، وهل تعرضت الهيئة لاستنزاف في الأطباء بسبب الأزمة؟
نعم لدينا بالتأكيد تصنيف للأطباء فهناك الدرجة الأولى هم الأطباء الذين لديهم خبرة 10 سنوات في الاختصاص و250 عملية في السنة وهم يسمون «السينو» وهناك الأطباء ممن لديهم خبرة بين 5-10 سنوات والفئة الثالثة هم الأطباء الجدد، واليوم تعمل وزارة الصحة على انجاز مشروع تصنيف الأطباء وهذا من المشاريع المهمة جداً في تطوير الخدمة الطبية. أما بخصوص خسارتنا للخبرات بسبب الأزمة لم نخسر أكثر من 10 بالمئة من الكوادر بسبب الأزمة وهناك 90 بالمئة من الأطباء لدينا استمروا في المؤسسة رغم المعاناة ورغم الإغراءات الخارجية لكن أجزم أن أياً من أطباء جراحة القلب لم يغادر المشفى لأسباب مادية.
الى أي مدى يمكن أن يثق الأثرياء وأصحاب الإمكانات الكبيرة في وضع قلوبهم بين أيديكم؟
الحقيقة نحن لا نتحدث عن أنفسنا، لكن عندما يصر رئيس الحكومة السورية السابق وهو في منصبه على إجراء العملية التي يحتاجها في مشفى الباسل وهو يستطيع إجراء هذه العملية في كبرى مشافي العالم وهو في الوقت ذاته طبيب، فهذا دليل على مدى الثقة بعمل المشفى من جميع المستويات، ناهيك عن إجراء معظم أطباء البلد للعمليات الخاصة بهم أو بذويهم في هذه المشفى وكذلك أصحاب الإمكانات المادية الكبيرة، النتيجة أن من يقوم بإجراء الأعمال الجراحية القلبية خارج البلد أو في مشفى خاص ليس بسبب قلة الثقة وإنما بسبب « البريستيج « لأن البعض يقيس أهميته في مدى ارتفاع أجر المشفى الذي أجرى العمل الجراحي فيه.
بصراحة ما عدد العمليات التي تجريها؟ وهل هي على حساب العدد لباقي الزملاء من الأطباء وما العملية النوعية التي تفخر بها؟
** الحقيقة أنا اليوم لا أجري إلا العمليات النوعية والصعبة وكنت في عام 2015 قد أجريت 500 عملية جراحية تراجعت في عام 2016 إلى 360 عملية وفي العام الماضي 265 عملية والسبب هو لإعطاء الفرصة للزملاء لإجراء المزيد من العمليات والتفرغ للعمليات النوعية والخطيرة. من العمليات المهمة التي أجريتها والتي أصبحت بيني وبين المرضى أصحابها علاقة مستمرة هي عمليات القوس الابهر، والعمل الأهم هو أنني استطعت أن أوقف الدوران في العملية وأبرد الجسم إلى درجة 18 درجة وتأمين تروية كاملة للدماغ،
اليوم نحن نعمل في الهيئة أسرة واحدة لدينا يوميا اجتماع صباحي للكوادر نجري تقييم لأعمال الأمس ونتعرف على واقعها ونتباحث في أعمال اليوم ونضع خطة لأعمال الغد، يشارك في ذلك جميع الأطباء والممرضين والكوادر الفنية والهندسية، لأن عملنا متكامل ولا يستطيع أحد مهما كان مبدعا أن يعمل بمفرده.
ما اللافت للنظر في مرضى القلب؟ وهل هناك مراجعات كثيرة من المناطق المحررة؟
نعم ما يلفت الانتباه ارتفاع نسبة مرضى القلب من الشباب، حيث تتجاوز النسبة 70 بالمئة من مرضى القلب من عمر 50 سنة وهناك مرضى قلب أعمارهم 35 سنة، والسبب في ذلك هو التطور العلمي نتيجة وجود إجراءات يمكن القيام بها، حيث يكتشف المريض أنه بحاجة لإجراء طبي قلبي معين ومنها عمليات القسطرة وتحاليل الشحوم والكولسترول وكذلك التصوير للشرايين وغير ذلك، كل هذه التقنيات أدت إلى ارتفاع أعداد مرضى القلب واكتشافهم للمرض قبل وفاتهم، لأنه في السابق يتوفى الشخص ولا يعرف السبب.
أما بالنسبة لوصول مرضى من المناطق المحررة، فمن المؤكد أن هناك عدداً كبيراً من المرضى ممن كانت تحتجزهم المجموعات الإرهابية، كانوا يأتون فور تحريرهم إلينا وكانت يقدم لهم العلاج المطلوب كاملاً وبشكل مجاني.