أسعى إلى نتجه للشباب الذين سيقومون ببناء سورية … وضاح شاهين لـ«الوطن»: الذهبية لا تعني لي شيئاً ما يهمني هو القادم بمشاريع سينمائية ووثائقية
| سوسن صيداوي
وأما بعد، ما حصل في الماضي شيء جميل، ولكن القادم هو الأهم كونه يجب أن يكون الأجمل. الجوائز والتقديرات- ولو كانت عالمية-هي أمر دافع ومحفّز، لكنه ليس الغاية، لأن الهدف هو سورية وتركيز الأبصار على الحقيقة السورية بصنّاع حضارتها، وفي الوقت الحالي بحراسها الصامدين والمحاربين، سواء أكانوا بالسلاح أم بالفكر، وماذا بعد، وحول القادم الأجمل، سيكون الشباب هم البنائين، وعلى الجهات المعنية احتواؤهم واستثمار أفكارهم وإبداعاتهم. من هذه المفردات انطلق حديث مخرج الفيلم الوثائقي «خبز وجرح» وضاح شاهين متمسكا بالإبداع الفني لقصص وحكايات من الواقع السوري يرويها أشخاص عاشوا المعاناة، والفيلم هو التعاون الثاني بين شاهين ومؤسسة «الوعد الصادق» وكان قد ذهب ريعه لمعالجة أكثر من ألف جريح مدني وعسكري كانوا ضحية الإرهاب، وجاء بعد فيلم «نصف القمر» الحائز الجائزة الذهبية في سيدني. الأخيرة التي لا تعني المخرج الشاب، لأنه ينطلق مع مجموعة من الشباب لتحقيق مجموعة من المشاريع الوثائقية، غايتها التركيز على الإنسان السوري وهمه وطموحاته، مع دعوة لكل من استطاع كي يقدم نفسه ويتعاون في المرحلة القادمة، وللحديث أكثر إليكم بالتفاصيل.
في نصف القمر
افتتح الفيلم الوثائقي «نصف القمر» في الأوبرا بمهرجان سيدني في أستراليا للأفلام العربية، وكان سعى المخرج شاهين في تجربته الثانية أن يقدم أمورا تلامس كل إنسان أينما كان بوطن أو من دون وطن، شارحا بتفصيل أكبر «الفيلم يوثق مرحلة بين عامي2015 و2016 كانت الحرب في سورية بذروتها، كما أنه توثيق حقيقي لشخصيات مدنية وعسكرية سورية قامت بأعمال بطولية. هنا أحب أن أشير إلى نقطة جد مهمة… للأسف هناك بعض المواقع وبعض الصفحات إضافة إلى بعض المحطات المحلية، قدمت الجريح السوري بطريقة الشفقة، ولكن هنا أؤكد أن هذا الطرح غير سليم. وبالعودة إلى فيلم «نصف القمر» نحن قلبنا المعادلة لأننا أردنا أن نوظف فكرنا بالطريقة الصحيحة». وحول اختيار التسمية أضاف المخرج إن التسمية جاءت بعد الانتهاء من التصوير ولوجود قاسم مشترك بين الشخصيات فيه، متابعا «كنت اتبعت أسلوب السرد في القصة من دون إظهار الإعاقة- أنا لا أسميها إلا وشوم السلام- للأشخاص، حيث كل فرد يمارس نشاطه اليومي بشكل طبيعي، مع الإضاءة على الجانب العاطفي بين كل واحد وشريكه وكيف تسببت الإعاقة في التخلي عنه. القصة الحقيقية للفيلم تبدأ مع بداية القسم الثاني عند لحظة الإصابة، والكشف عن سببها أو مكانها ومكان البتر، على حين في القسم الثالث يتحدث الفيلم عن العلاج للإعاقات وتطوير ذات الشخصيات، وأخيرا النهاية كانت بأن اثنين ممن أصيبوا وتعرضوا لبتر أطرافهم يسيران وقد سندا بعضهما، وهنا الرسالة الحقيقية للسوريين، بأننا يجب أن نمشي معاً ونتعاضد مع بعضنا كي نتجاوز كل العقبات والأزمات. أما بالنسبة للتسمية فلقد جاءت: إنه وبالرغم من أن نصف القمر هلال وهو مضيء إلا أن هناك جانباً مظلماً، ودائما هناك جانب مظلم ولولا هذا الجانب ما رأينا الجانب المضيء». لم ينس حاصد الجائزة الذهبية أن يتوجه بالشكر لكل من شارك معه في مشروعه «من خلال الفيلم أتوجه بالدعوة للجميع كي يتمثلوا بأبطال الفيلم لكونهم مبدعين وخلاقين رغم ظرفهم، كما أشكر هؤلاء الأبطال الذين شاركوا معنا، وكذلك أشكر الفنيين الذي هم من فنيي التلفزيون العربي السوري، ولجدارتهم ظن الحاضرون بالمهرجان أنهم من خبرات أجنبية ولكنني ركزت أنهم عملوا ضمن أبسط الوسائل والإمكانيات».
وعن الجائزة عبر عن سعادته بها ومشددا على أنها ليست بالأمر الجيد إن لم يواصل متابعته واهتمامه بمشاريعه التي يسعى لتحقيقها «الذهبية لا تعني لي شيئا على الإطلاق، لأن ما يهمني هو القادم بمشاريع سينمائية ووثائقية، فأنا أحاول أن أسعى للأفضل وأن نتجه للشباب الذين سيقومون ببناء سورية بعد حمايتها، وخاصة أن الحرب جعلتهم ناضحين أكثر ومكنتهم من توسيع مدارك معرفتهم وزيادة الثقة بالقيادة والجيش».
من سورية إلى العالم
ينطلق المخرج وضاح شاهين بأفكاره من فكرة بأن أي مواطن مهما كان مثقفا إلا أنه معرّض للإصابة بنوع الألم، لذلك يبحث عن منفذ للهروب عبر الدراما والسينما، التي برأيه يجب أن تأخذ منحى يتوافق مع التطلعات في التوثيق الدرامي والسينمائي لأشخاص عانوا واقع الحرب ومعاناته، متابعا «يهدف مشروعنا «من سورية إلى العالم» إلى إنجاز خط فني جديد بفكر وأيد سورية مبدعة بمشاركة فنانين سوريين وعرب لتقديم سورية بشكل صحيح والرد على الصور المشوهة التي قدمتها بعض الأعمال الدرامية والسينمائية، من خلال إنجاز أفلام ومسلسلات تحاكي الواقع السوري وتنقل الصورة، إذاً هذا المشروع يبدأ من أصغر تفصيل سوري، فيمكن أن نبدأ مثلا من عامل نظافة إلى أن نصل إلى كبار المفكرين والعلماء السوريين، هذا ويشمل المشروع أغاني وفيديو كليبات ومسلسلات وثائقية، وهو بمشاركة مجموعة كبيرة من الشباب وأيضا أصدقائي كالمخرج كُميت حيدر وبإشراف: شادي مرتك». دائما التنسيق مطلوب واليد الواحدة لا يمكنها التصفيق لهذا دعا الشاب شاهين كل الجهات المعنية للمساهمة والتعاون في تحقيق حلم الشباب السوري «لا أستطيع القيام بهذا المشروع وحدي، ومن خلال جريدة «الوطن» أدعو الوزارات والمؤسسات للتعاون معنا، لننقل الصورة الصحيحة عن سورية، وخصوصا أن مشروعنا يستقطب أكبر عدد ممكن من الشباب إذ يفتح المجال أمام كل شاب مبدع ويستقطب كل تجاربهم، ، فنحن بحاجة إلى دم جديد، والجدير ذكره أن المشروع سيقدم عملاً كاملاً عن الجيش العربي السوري، مع تسليط الضوء على هم المواطن وما يعانيه من مشاكل، من خلال لوحات تحمل طابعاً كوميدياً».
وحول ما تقدمه السينما من أفلام تمثل الأزمة كان للمخرج الشاب رأي «هناك الكثير من الأفلام السينمائية التي يُضخ عليها ملايين الليرات، أنا أجدها فارغة المضمون، أين رسالتها وما غايتها؟ وأنا أرى أن بعضها مهدت بأن جيشنا هو عبارة عن سلاح وبارودة وأغفلوا الجانب الإنساني، ثانيا اختصرت جدا من القيم العسكرية والأخلاقية والإنسانية، فأحد الأفلام تكلم مثلا عن سجن حلب المركزي، واختزلها بقصة بين شخصين أو ثلاثة فقط، على حين ما يجب أن يثق به الجميع ويدركه أن إمكانيات وعمليات تحرير سجن حلب العسكري تدرّس في روسيا. هذا كما أن توثيق النصر السوري وتوثيق نصر الجيش العربي السوري لم نره بأي عمل، بل يكفي ما يتم تقديمه بأن جيشنا يقاتل مجموعة من الشباب المتعاطين، فهذا تشويه للجيش، لأن جيشنا لا يقاتل شاباً حافي القدمين أو سكران ويتلفظ بألفاظ نابية، بل جيشنا يقاتل استخبارات العالم وجيوش العالم ومفكري العالم. ومن جهة أخرى وبالنسبة إلى عملية التسويق في العالم، الإعلام والإعلان يجعل المواد في مصاف المنتجات الرائعة، على الرغم من أن مضمونها فارغ. إذاً أنا أشدد على أن هناك شباباً في سورية قادرين على تحسين السينما والدراما وإعادتها لعرشها السابق».
القادم… إذا غنت فيروز
في المشروع القادم تحدث المخرج وضاح شاهين عن فيلم سينمائي بعنوان «إذا غنت فيروز» وهو من تأليفه، مشيرا إلى أن الفيلم يمثّل شخصيات ترمز إلى تفاصيل الواقع السوري، متابعا «مشروع (إذا غنت فيروز) تمت قراءته في لجنة كان، وقالوا إذا نُفذ النص كما كُتب فسيحصل على السعفة الذهبية. المشروع يختزل ما حدث في الحرب، فهو أول عمل عربي غير ناطق، ويوثق مرحلة سورية مهمة، وتجرأنا وكتبنا عن سورية في مرحلة ما بعد الحرب، بطريقة منطقية يقبلها كل عقل، ومن الشخصيات التي ستشارك بالفيلم: سعد مينا، نبيل فروج، كُميت حيدر، محمد حسن المشارك في التمثيل والكتابة. الفكرة عالمية ويمكن تسويقها، وهنا أطالب بأن نغيّر السوق، فليس من الضروري أن نبيع للخليج، بل يمكننا التوجه إلى آسيا مثلا وإفريقيا، هذا وبدلا من أن ندبلج أعمال الآخرين، لندع الآخرين يأخذوا أعمالنا السورية ويقوموا بدبلجتها، لأنني أتمنى وأطمح أن يصل صوتنا كشباب سوري عانى الحرب ولكنه لم يخسر».