رياضة

كرواتيا: ذكريات الظهور الأول تلاحق رفاق مودريتش

| الوطن

منذ تفكك الاتحاد اليوغسلافي مطلع تسعينيات القرن المنصرم، اعتبر الصرب الورثة الشرعيين رياضياً، وخاصة على مستوى اللعبة الشعبية الأولى، لكن الصيت بقي للأخيرين والفعل للكروات الذين أثبتوا أنهم الأفضل بين دول يوغسلافيا على مستوى الحضور في البطولات الكبرى القارية والعالمية، ويبقى حلول المنتخب الناري ثالث العالم قبل عقدين الإنجاز الأبرز الذي يفتخر به أبناء بلاد الجبال الشاهقة التي بقيت أربع سنوات في حرب ضروس عقب إعلان استقلالها عن الإمبراطورية عام 1991.
منتخب كرواتيا سيخوض مشاركته الخامسة بالمونديال، بفضل جيل زاد خبرة عما كان عليه في البطولة الأخيرة التي انتهت رحلته فيها منذ الدور الأول كما جرت العادة في ثلاث مشاركات.

تعارف مبكر
كما معظم أوروبا ظهرت كرة القدم في كرواتيا باكراً، فقد جاءت عبر المغتربين الإنكليز العاملين في بعض المشاريع الصناعية برييكا وزوبانيا، ولاقت صدى طيباً لدى الشباب الذين مارسوها بشغف هناك، ومطلع القرن العشرين بدأت اللعبة تأخذ طابعاً رسمياً بظهور الأندية، ولاسيما في زغرب، ومع نهاية الحرب العالمية الأولى ظهر أول منتخب كرواتي بشكل ودي، ثم انضم تحت لواء المملكة اليوغسلافية حتى اندلاع الحرب الثانية، وخلالها عاد المنتخب الكرواتي للظهور مستقلاً، وخاض عدداً من المباريات الودية حتى نهايتها التي شهدت انضواءه تحت الاتحاد اليوغسلافي مجدداً، وظل لاعبو كرواتيا كذلك حتى انفكاك الإمبراطورية، ليعود منتخب كرواتيا (الأحمر والأبيض) إلى الحياة مرة جديدة، وقد بدأ فعلياً قبل إعلان قيام الدولة، فلعب عام 1990 ضد أميركا وغيرها، قبل أن يصبح أحد أعضاء الفيفا عام 1992، والويفا (الاتحاد الأوروبي) في العام التالي.

على خط الشهرة
شكل اللاعبون الكروات جزءاً لا يتجزأ من منتخبات يوغسلافيا المتعاقبة، حتى إنجاز دولة الاتحاد العالمي الوحيد (بطل مونديال الشباب 1987) كان معظم أبطاله من مواهب كرواتيا، ومنهم سوكر وبوبان وبروزينسكي ويارني وستيماك، ولهؤلاء حكاية مع التألق في أول ظهور مونديالي للمنتخب الناري عام 1998، ففي المشاركة الأولى بالتصفيات حل ثانياً بالمجموعة الأولى التي ضمته إلى جانب الدانمارك والبوسنة واليونان وسلوفينيا، ليخوض الملحق المؤهل إلى نهائيات فرنسا، وفيه تخطى نظيره الأوكراني.
وفي المونديال قاده المدرب بلازيفيتش ضمن المجموعة الثامنة ففاز على جامايكا 3/1، وضمن التأهل إلى الدور الثاني بالفوز على اليابان بهدف، قبل أن يخسر مباراة هامشية ومعها الصدارة أمام الأرجنتين بهدف، وفي ثمن النهائي كانت ركلة جزاء من سوكر كافية لتجاوز رومانيا، وفي ربع النهائي حقق أفضل نتائجه المونديالية عندما أطاح بالمانشافت الألماني بثلاثية نظيفة في إحدى مفاجآت هذا الدور الكبيرة تاريخياً.
بسمة الناري توقفت عند حدود النهائي عندما خسر أمام صاحب الأرض الفرنسي بصعوبة، ليقنع بمباراة الترتيب، وفيها كسب طواحين هولندا محتلاً المركز الثالث، وهو إنجاز كبير لمنتخب يظهر للمرة الأولى مع بسمة تتويج هدافه دافور سوكر هداف.
تراجع طبيعي
لم يكن أحد يدري أن ذلك الإنجاز سيبقى فريداً للكرواتي الذي تأهل إلى مونديال 2002، لكنه فشل بتجاوز الدور الأول رغم الفوز اليتيم على الطليان، ثم تكرر الحال في ألمانيا 2006 وهذه المرة دون فوز، فغادر بعد تعادلين وخسارة بهدف من البرازيل.
وجاء التراجع طبيعياً لذلك الجيل الذي شارف معظمه على الاعتزال، وبدأت مقدماته بفشله في التأهل إلى نهائيات أمم أوروبا 2000، وهو الذي بدأ مشاركته فيها بطريقة مثالية 1996 عندما بلغ دور الثمانية، وخسر أمام المانشافت 1/2 بصعوبة، ومع تجديد دماء الفريق بلغ نهائيات يورو 2004، لكنه اكتفى بتعادلين مغادراً البرتغال من الدور الأول، وتجدد الحضور في يورو 2008 بإقصاء الإنكليز من التصفيات تحت قيادة المدرب بيليتش أحد عناصر الجيل الذهبي، واكتفى الناري بالدور الثاني الذي خسر فيه بالترجيح أمام تركيا، وجاء الغياب عن مونديال 2010 ليثير تساؤلات حول لاعبين كبار ينشطون في كبرى الدوريات الأوروبية، لكنهم لا يقدمون الكثير دولياً.

إعادة حسابات
جاءت المشاركة في يورو للمرة الثالثة على التوالي 2012 لتعيد البريق للناري، لكن لسوء حظه وقع في مجموعة اللاروخا الإسباني والآتزوري الإيطالي (طرفا النهائي فيما بعد)، وبعد الفوز على إيرلندا والتعادل مع الطليان كانت الخسارة الصعبة أمام الإسبان، لتضعه خارج البطولة، وتنتهي حقبة المدرب بيليتش، وعاد المنتخب إلى المونديال ليشارك في البرازيل 2014، إلا أنه اكتفى بفوز يتيم وهزيمتين وخروج معتاد من الدور الأول، وكان التأهل ليورو 2016 طبيعياً مع رفع عدد منتخبات النهائيات إلى 24 منتخباً، فحل ثانياً بالمجموعة الثامنة وراء إيطاليا.
وفي فرنسا احتل صدارة المجموعة تحت قيادة مودريتش والمدرب شاشيتش متقدماً على البطل السابق الإسباني بالفوز عليه 2/1 عقب الفوز على تركيا بهدف والتعادل مع تشيكيا 2/2، وفي الدور الثاني خاض مباراة للذكرى مع البرتغال الذي فاز بهدف الدقيقة (117).

من عنق الزجاجة
وقع المنتخب الناري في إحدى أصعب مجموعات تصفيات مونديال 2018، وبدأها بتعادل مزعج على أرضه مع تركيا، وبعد أربعة انتصارات متتالية أنهى النصف الأول من منافسات المجموعة التاسعة متصدراً، لكنه بدأ رحلة الإياب بخسارة أولى بأرض آيسلندا، ثم استعاد الصدارة بفوز ضئيل على كوسوفو، قبل أن تنقلب المعطيات بالهزيمة أمام تركيا والتعادل في زغرب مع فنلندا، وبات رفاق مودريتش بحاجة إلى الفوز على أرض أوكرانيا من أجل الوصافة، وهو ما فعلوه بثنائية كراماريتش التي أهلتهم للملحق، وكان من نصيبهم المنتخب اليوناني ففازوا ذهاباً 4/1 ليضعوا قدماً ونصف في روسيا، قبل أن يبلغوا النهائيات بالتعادل إياباً.

العازف وجوقته
أشرف المدرب أنتي شاشيتش على الفريق منذ 2015 وحتى الجولة قبل الأخيرة من التصفيات ليستغني عنه الاتحاد الكرواتي الذي يرأسه الهداف الشهير دافور سوكر، ويحل مكانه زلاتكو داليتش البالغ من العمر 51 عاماً، وهو اللاعب المغمور في عدد من الأندية الكرواتية، والمدرب صاحب التجارب الخليجية والذي يدرب منتخباً للمرة الأولى.
داليتش الذي كان مدرباً إسعافياً سيعتمد في روسيا على النجوم الكبار أمثال المخضرم لوكا مودريتش الذي كان أحد الحاضرين في مونديال 2006، ويعتبر لاعب وسط ريال مدريد رمزاً للجيل الحالي، ومعه مهاجم اليوفي ماريو ماندزوكيتش، ومدافع سامبدوريا إيفان سترينتش وثلاثتهم تجاوز كل منهم الثلاثين.
وتضم تشكيلة داليتش أيضاً بعض الأسماء المتألقة أمثال: لاعب البرشا (راكيتيتش) وثنائي إنتر (بيريسيتش وبروزفيتش)، ومهاجم ميلان (كالينيتش)، ومدافع ليفربول (لوفرين)، ومهاجما فرانكفورت وهوفنهايم (ريبيتش وكراماريتش) وسواهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن