ثقافة وفن

فنانة رقمها صعب في الدراما السورية … دانا مارديني ترقص «التانغو» باحترافية عالية على إيقاع النفس والجسد

| سوسن صيداوي

من الضحك والمرح تنتقل إلى الكآبة والحزن، من اللعب والخيال بإمكانها أن تحوّل فرشاة شعرها إلى لعبة باربي، من المسؤولية وحسن الإدراك والإنصات إلى ملاحظات أساتذتها انطلقت مسرعة كي تكون رقما صعبا بين الأسماء السورية الصاعدة في التمثيل. دانا مارديني منذ الانطلاقة في دور «تماضر» في مسرحية «سيليكون»، رحابة المسرح وفضاؤه أشعراها للوهلة الأولى بضيق الكادر أمام كاميرا الدراما، لكن سرعان ما تنفست لتنطلق محلّقة، ولتلبس أي شخصية تقدم إليها، رافضة أن تتم قولبتها بشخصية نمطية، مستندة على الحظ- بالرغم من أنها تخافه لكونه حليفها- وتهاديه لأنها هي من توقد شعلته في طريقها. الممثلة شابة ولا تسعى لأضواء الشهرة المغرية ولا تجري مقابلات أو حوارات صحفية أو تلفزيونية أو إذاعية، بعيدة ولكن أدوارها- القليلة العدد والجيدة النوعية- هي الأقرب لجمهورها ومتابعيها. اليوم وفي الموسم الرمضاني تطل هذه النجمة بدور في مسلسل «تانغو» كي تؤكد وتصر على الرهان بأنها نجمة سورية من العيار الثقيل.

في النشأة والمسرح
الخطا مقسومة للسير على درب الفن، ولأنها موعودة منذ تولدها من عام1988، دانا مارديني سعت بكل جد والتزام لتكون فنانة سورية مسؤولة فيما تقدمه من رسالة. الفنانة تخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية- قسم التمثيل عام 2010-وانخرطت مباشرة في عدد من الأعمال المسرحية والدرامية. إذاً الانطلاقة من «أبو الفنون» المسرح، من خشبته في «المعهد العالي للفنون المسرحية»- المعهد الذي جعل موهبتها غنية ومنظمة بشكل أكبر- بمشروع التخرج في الفصل الأول «سيليكون» الذي قدّمه طلاب السنة الرابعة «قسم التمثيل» في نهاية شهر تشرين الأول 2010، وأخرجه الفنان عبد المنعم عمايري المشرف على الدفعة. من تلك الأثناء تمكنت مارديني من شد الانتباه إليها، والتنبؤ بمستقبلها المهم من خلال شخصية «تماضر» التي بنظرها هي الأهم لأنها حققت لها جميع الصفات التي يجب أن يشعر بها الممثل. بعدها كان اللقاء مع الجمهور- الذي تعتبره الفنانة ضرورة لابد منها- من خلال تقديم مشروع التخرج النهائي على خشبة مسرح القباني، في خطوة مهمة خارج أضواء المسرح الدائري في المعهد، في عرض «حكاية السيدة روزالين» من إخراج: فايز قزق- الذي قدم العديد من النصائح والخبرات- وبالطبع من تمثيل دانا مارديني وزملائها التسعة في الدفعة، هذا الاعتلاء كان في عرض اعتمد بشكل كبير على الأداء الصوتي، وتعابير وحركات الوجه، التي كانت السمة الأبرز للعرض، الذي جاء بأداء متميز وواثق للطلبة.

في السينما
شاركت دانا مارديني في فيلم «دمشق مع حبي» من إخراج محمود عبد العزيز، ولكن يمكننا القول إن أول تجربة سينمائية فعلية للفنانة هي في فيلم «رسائل الكرز» وهو التجربة الإخراجية الأولى للفنانة سلاف فواخرجي. حيث جسّدت دانا شخصية «سيماز» التي تجمعها قصة حب مع «عمر» فيتبادلان رسائل الحب المكتوبة بحبر الكرز.

في مشوار الدراما
عندما نقول المسلسلات، ونحدد، مسلسل «الولادة من الخاصرة» مع ذكر اسم دانا مارديني، سرعان ما تذهب الذاكرة بنا إلى شخصية «حنين»، هذا الدور الذي طغى لأن الممثلة أجادت وبرعت في تملّك مفاتيح الشخصية، بالطبع هنا أول مشاركة درامية لمارديني، وحظها الحليف مكّنها من الوقوف أمام كاميرا المخرجة رشا شربتجي التي تتميز بالجدية والالتزام، الأخيرة التي تعاونت مع الفنانة حديثة التجربة إلى أقصى حد، وبالمقابل الفنانة التزمت وتقبلت الملاحظات برحابة صدر، متمسكة بعفويتها، موجهة تركيزها على أدوات الدور والشخصية، ومتناسية ضيق الكادر وكثرة الكاست اللذين لا يوجدا كعناصر في المسرح. هذا كما نجحت بدور (نهلة) في مسلسل أرواح عارية مع المخرج الليث حجو، عندما أدت دور المراهقة التي تقع في الكثير من الأخطاء، رغم محاولتها تجنّبها. من «نهلة» إلى شخصية «مريم»- للمخرج نفسه- التي أدتها مارديني في مسلسل سنعود الذي عرض عام2013. بعدها بعام برزت في مسلسل «قلم حمرة» للمخرج حاتم علي (2014)، ثم تصدرت في المسلسل العربي المشترك «حلاوة الروح» في المشهد الأول لمدة ثلاث دقائق ونصف الدقيقة، حين شرحت مارديني في مشهدها الافتتاحي معنى كلمة «حلاوة الروح» في شخصية «سارة» التي لعبتها بإيقاع لافت، في العمل الذي أخرجه شوقي الماجري، لتظهر هذه الفنانة اليافعة، متخلية عن جمالها في المشهد نفسه وتظهر شاحبة وحزينة، وتروي معاناتها أمام الكاميرا في غرفة مظلمة وكئيبة. مستحوذة على لقب النجومية إلى جانب فنانين سبقوها في النجومية والخبرة منهم: غسان مسعود، خالد الصالح، نسرين طافش، عبد المنعم عمايري، جلال شموط، رافي وهبة.
وفي فترة ليست ببعيدة وفي مسلسل ليس من السهل نسيانه، كان انتبه المخرج الليث حجو إلى نجاح دانا في فيلم «رسائل الكرز» وإلى الحالة بين مارديني وبين الممثل محمود نصر، الأمر الذي دفعه لاختيارهما في مسلسل «الندم» بالدورين اللذين أثارا حالة وجدانية عند كل من تابع المسلسل الذي وقفت النجمة خلاله أمام كاميرا الليث للمرة الثالثة. وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن من أعمال دانا مارديني أيضا: العراب، تحت الحزام، أهل الغرام 3، غدًا نلتقي.

في رقص التانغو
في السباق الرمضاني الحالي وأمام زحمة عروض الأعمال الدرامية، تخوض دانا مارديني بطولة مسلسل «تانغو» إلى جانب: ​باسل خياط​، باسم مغنية​، ​دانييلا رحمة​، ​طلال الجردي​، و​يوسف حداد​. والمسلسل من إخراج ​رامي حنا​، وتأليف وسيناريو وحوار إياد أبو الشامات.
تؤدي دانا فيه دور زوجة البطل (باسل خياط)، الأخير الذي يقع في حب راقصة التانغو، الذي تقوم به دانييلا رحمة. وتحاول مارديني الدفاع عن زواجها والاحتفاظ بزوجها إلى أن تتصعد الأحداث، وتحاول الانتحار، بعدها يدخل الزوج في غيبوبة، لتموت عشيقته إثر حادث سير، ضمن زوبعة من الشكوك والغموض، في القصة التي تثير الخيال والتشويق ضمن أحداث بوليسية عاطفية، يسردها المخرج والكاتب في عرض يتباين بين «في الماضي» و«الآن». وبالطبع الفنانة كما عودتنا، هي مستعدة لتأدية جميع الشخصيات باختلاف أنماطها، ولو كانت الشخصية لا تشبهها أو قريبة منها، انطلاقا من أنه على الممثل أن يقدم شيئا بعيدا عن قناعته ليقنع الجمهور بما يمتلكه من موهبة، بعيدا عن تصنيفه كممثل كوميدي أو تراجيدي. إذاً بمثابرتها استطاعت أن تحجز مكانا واسعا لها في الصف الأول، مستفيدة من خبرة أساتذتها، تنسى نفسها وتدخل بالشخصية، وتستفيد من كونها مسرحية الهوى والإعداد، تمكيج شخصيتها وتلبس الدور والزي معتمدة على ملامح وصوت وحركات جسدية وانفعالات وأحاسيس، ورطتها إلى حدّ إعدام «دانا» وتصديق شخصية «لينا».

إشادات على دور
كل ما سبق ليس كلامي بل هو استعراض لما قدمته وحققته ونالته الفنانة الشابة ذات المشوار الفني القصير ولكنه المستحق التقدير- وفق كلامها على المرء أن يكون قوي الإرادة كي يحقق حلمه- وهي اليوم تحقق حلمها، وبالرغم من أنها زُجت في مسلسل- كما اعتبره الكثيرون- يحكي خيانة زوجية مطروقة وساذجة ومأخوذة عن مسلسل أجنبي، فإن ما يشير إليه ويؤكده النقاد، أن دانا مارديني سرقت كل الأضواء في هذا الموسم، وهي من الممثلات اللواتي تتحدث أعمالهن بفخر عنهن، وبحسبهم كل الأدوار في رمضان ٢٠١٨ توضع مجتمعةً في كف، ودور دانا مارديني المنفرد لهذا الموسم في «تانغو» في كف آخر.
هذا وتلقى دانا إشادات هائلة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمئات التعليقات المعجبة بأدائها بشكل لافت جداً، فعلى مواقع التدوينات القصيرة «twitter» قال أحد متابعي «تانغو»: (مش من هلق بعرف هالشي، من أيام «سنعود بعد قليل»، دانا_مارديني تتنفّس تمثيلاً.. ممثلة من الرأس إلى القدمين.. بـتانغو رائعة كامرأة مخدوعة، تخرجها الخيانة عن طورها.. ممتازة).
وأضاف آخر: (تانغو مباراة شرسة في التمثيل! دانا_مارديني مشهد الانتحار وحده تستاهل عليه الأوسكار.. دانا_مارديني أداء متميّز وباهر، أبعاد بعمق بعيد في النظرات والعيون تخرق قلوب الحجارة.. دانا مارديني كيف في هيك موهبة شهرتها مش بحجم العالم العربي؟ وهي كل عضلة من عضلات وجّا بتحكي).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن