قرار عبقري
| محمود قرقورا
جاء قرار استقالة زين الدين زيدان من تدريب الملكي المدريدي صادماً للمتابعين الإسبان والملكيين على وجه الدقة، إذ كيف يقدم مدرب لم يعرف إلا النجاح خلال عامين ونصف العام رباناً لأهم معقل كروي في العالم على الاستقالة بعد ساعات من ريادته القارة العجوز للمرة الثالثة على التوالي؟
الجواب واضح وهو حب المغادرة بكبرياء القمة، وهذا ليس جديداً على ابن الصحراء الجزائرية الذي غادر المستديرة لاعباً برأس مرفوع، ومن يرجع إلى شريط المباريات الإقصائية لمنتخب فرنسا في مونديال 2006 يتأكد أن زيزو درّس الإسبان والبرازيليين والبرتغاليين والطليان فنون السحر، ولا نعتقد أن هناك لاعباً تمتع بأعصاب فولاذية أثناء تنفيذ ركلة جزاء في نهائي المونديال أمام عملاق الخشبات الثلاث بوفون.
لم تعرف سجلات مدربي الشامبيونزليغ حالة كهذه، وكان هاينكس مضرب المثل في هذا الاتجاه ولكنه عاد عن اعتزاله فضاعت بهجة الثلاثية التاريخية التي حققها مع البافاري 2013.
ما دمنا على أبواب المونديال نتذكر حالات تاريخية لهفوات المدربين الذين لم يحافظوا على كبريائهم، فمدرب البرازيل فيولا المتوج بالكأس العالمية 1958 غادر مرفوع الرأس ولكنه عاد في مونديال 1966 ليخرج من الدور الأول.
الألماني هيلموت شون أحرز اللقب 1974 ولكن اللوحة لم تكتمل في المونديال التالي.
الإيطالي ليبي غادر عقب التتويج في مونديال 2006 ولكن غروره أعاده للدفاع عن اللقب 2010 وليته لم يدافع لأنه خرج من الدور الأول مطأطئ الرأس مخذول الوجدان، وهي صورة مشابهة لما كان عليه المدرب بيرزوت قاهر الأرجنتين والبرازيل وألمانيا في مونديال 1982 ولكنه أخفق في قيادة الآتزوري لنهائيات يورو 1984 ثم كان الخروج المبكر من مونديال 1986.
البرازيلي كارلوس ألبرتو بيريرا فاز باللقب 1994 وعندما عاد 2006 بمنتخب أقوى ولاعبين أعظم يمتلكون الومضات الفردية سقط من علٍ.
الإسباني ديل بوسكي لم يخرج عن هذا الإطار فبعد الزعامة الاستثنائية للماتادور 2010 ظهر لاعبوه أشباحاً فخرجوا من دور المجموعات في المونديال المنصرم، وربما توقف كأس العالم بسبب الحرب العالمية الثانية حمى الإيطالي بوزو من دهاليز البقاء وهو المدرب الوحيد المتوج مرتين بكأس العالم 1934 و1938.
الكلام سابق لأوانه ونتمنى لزيزو الذي حاز كل الألقاب التي يحلم بها اللاعبون والمدربون الثبات على موقفه وألا ينجرف وراء تجربة جديدة مع أندية ومنتخبات كبيرة، أما قيادة منتخبات وأندية نامية فلا أحد سينعته بالفشل حينها.