رياضة

المكسيك.. التريكولور يبحث عن فك عقدة الدور الثاني

| الوطن

عاشت الكرة المكسيكية في الظل (مونديالياً) رغم أنها من أوائل الذين ظهروا في العرس العالمي حتى إن منتخبها لم يغب سوى خمس مرات لكنه لم يمشِ بعيداً في مشاركاته الخمس عشرة فأبعد من ربع النهائي عندما استضاف البطولة عامي 1970 و1986 على الرغم من تفوقه في أميركا الشمالية والوسطى قبل أن يدخل أبناء العم سام على الخط منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، وفي عام 1999 حقق التريكولور أفضل إنجازاته الدولية على الإطلاق عندما توج بكأس القارات عقب فوزه التاريخي على البرازيل فأصبح أحفاد الأزتيك من القوى الكروية العالمية إلا أنه بقي «مكانك راوح» مونديالياً رغم أن الكرة المكسيكية عاشت أياماً ذهبية على صعيد الفئات العمرية فتوج منتخبها للناشئين بطلاً للعالم عامي 2005 و2011 قبل أن يظفر منتخبها الأولمبي بذهبية أولمبياد لندن 2012 وهو ما رفع مطالب وطموحات المكسيكيين نحو مقارعة الكبار.

حضور دائم
في عام 1923 خاض التريكولور أولى مبارياته الدولية وفي مونديال 1930 كان بين الحاضرين في النسخة الأولى ومنذ 1950 أصبح الممثل الدائم لأميركا الشمالية في الحدث العالمي حتى عام 1970 عندما استضاف النهائيات، غير أن حضوره بقي شرفياً فخسر 9 مباريات متتالية قبل أن يحصد نقطته الأولى بالتعادل مع ويلز في مونديال 1958، وفي البطولة التالية سجل فوزه الأول على الأراضي التشيلية وجاء بشكل مفاجئ على تشيكوسلوفاكيا (3/1) ولم يكن يومها مؤثراً فالخاسر بلغ النهائي، وفي النسخة التالية خرج بتعادلين.
بعد أربع سنوات وعلى أرضه أنهى التريكولور الدور الأول بأفضل مشاركة له حتى ذلك الوقت فحقق فوزين وتعادلاً وحافظ على شباكه نظيفة فتأهل إلى الدور الثاني للمرة الأولى بتاريخه وهناك واجه الآتزوري الإيطالي الذي أعاده إلى حجمه الطبيعي.

عقدة الدور الثاني
دفع التريكولور ضريبة 1970 بعدم التأهل إلى المونديال التالي ومع العودة إلى الأرجنتين 1978 عاد سيرته الأولى مع الهزائم الكاملة بالدور الأول وفشل ببلوغ نهائيات إسبانيا 1982، وبعد تعذر إقامة بطولة 1986 في كولومبيا استضافت المكسيك النهائيات للمرة الثانية بمشاركة 24 فريقاً هذه المرة ونجح أصحاب الأرض كما في المرة الأولى بتصدر المجموعة الثانية والبارغواي والعراق وفي ثمن النهائي تخطى نظيره البلغاري بهدفين اعتبر أولهما تاريخياً لنيغريتي بضربة مقصية من حافة الجزاء، وفي ربع النهائي أنهى 120 دقيقة بتعادل سلبي مع المانشافت الألماني قبل أن تبتسم ركلات الترجيح للأخير وتنهي المغامرة المكسيكية عند إنجاز أصبح حلماً لكل أجيال التريكولور اللاحقة.
فغاب عن مونديال 1990 لعقوبة إدارية وكان ذلك الغياب الأخير للمكسيك إلا أن الحضور التالي اقتصر على الدور الثاني فخلال 6 نسخ أخيرة من المونديال اختلف المنافسون والأمكنة ورغم ذلك نجح أحفاد الأزتيك بتجاوز الدور الأول لكن طريقه دائماً توقف عند دور الستة عشر فخسر 1994 أمام بلغاريا بالترجيح وأمام ألمانيا في 1998 بهدفين لهدف وأمام الولايات المتحدة عام 2002 بهدفين، واحتاج إلى وقت إضافي ليخسر 1/2 من التانغو الأرجنتيني عام 2006 وتجددت الخسارة من الفريق ذاته في 2010 خلال الوقت الأصلي 1/3 وكاد الأمر يصل إلى وقت إضافي أمام هولندا في البرازيل 2014 لولا الدقيقة 90+4 وركلة الجزاء التي أنهت اللقاء بفوز الطواحين 2/1.

بين الكبار
سلسلة المشاركات الأخيرة بالمونديال منذ 1994 وكذلك المشاركة كضيف شبه دائم في كوبا أميركا والتتويج بسبعة ألقاب على مستوى الكأس الذهبية جعل من الكرة المكسيكية إحدى القوى الكروية العالمية وتعزز هذا الأمر بلقب كأس القارات والذهبية الأولمبية إضافة إلى لقبين على صعيد مونديال الناشئين واستقطبت بطولة الدوري المكسيكي العديد من اللاعبين الأجانب خلال العقدين الأخيرين وشكلت حالة الانتعاش للأندية هناك عملية هجرة معاكسة للكثير من اللاعبين الدوليين الذي كانوا يفضلون اللعب في أوروبا حيث مازال البعض يزاول اللعبة هناك، وتعززت من ثم فرصة مشاركة الأندية في مونديال الأندية على غرار المنتخبات المكسيكية التي تشارك عادة في مونديالات الرجال والشباب والناشئين وها هي شاركت في 8 نسخ من كأس العالم للأندية.

تخبط وتراجع
التتويج بذهبية لندن وضع التريكولور في بؤرة الضوء وجعله مرشحاً للمنافسة على كل البطولات التي شارك فيها إلا أن ذلك الفوز التاريخي كان وبالاً، فبعد الخروج من الدور الأول لكوبا أميركا 2011 عاد وتكرر الأمر في البطولة التالية عام 2015 وبينهما لم يكن الأمر أفضل فخسر لقب الغولدن كاب عام 2013 وسقط من الدور الثاني في المونديال البرازيلي كما ذكرنا، ووسط توقعات المراقبين بعودة سريعة للتريكولور فقد جاء لقب الكأس الذهبية 2015 ليعزز هذا الاعتقاد لكن الخروج من ربع نهائي كوبا أميركا (المئوية) أعاد المكسيكيين إلى أرض الواقع.
وفي خضم خوض المنتخب تصفيات 2018 جاءت المشاركة بكأس القارات 2017 لتكون فرصة حقيقية من أجل اللقب الثاني وقد دخل روسيا مرشحاً له إلا أن السقوط في نصف النهائي كان قاسياً أمام شباب المانشافت ليكتفي التريكولور بالمركز الرابع بالخسارة الثانية من البرتغال وهو ما اعتبر خيبة كبيرة لأولاد المدرب أوزريو فشارك الأخير بتشكيلة محلية بعد أسابيع قليلة في الغولدن كاب ليخسر لقبه أيضاً مكتفياً بالمركز الثالث.

قوة تاسعة
خلال العقد الأخير تنبأ البعض بأن يكون منتخب المكسيك أو أميركا البطل الجديد لكأس العالم بعيداً عن الأبطال السابقين إلا أن اللاروخا الإسباني كان سباقاً وضاعت أحلام زعيمي الكونكاكاف، واليوم تعود هذه التوقعات وخاصة بالنسبة للتريكولور الذي تألق بالتصفيات المونديالية فتخطاها بثقة وبنتائج مثالية حيث لم يخسر خلال 16 مباراة، ويعتمد المدرب (الكولومبي) أوزريو الذي سيحتفل بميلاده الـ57 في روسيا على خليط من ثلاث تشكيلات مختلفة خاض بها التصفيات العالمية وكأس القارات والكأس الذهبية، إلا أن الثابت أن تشيشاريتو (خافيير هيرنانديز) وكارلوس فيلا وخيسوس كورونا والحارس المخضرم أوتشوا والأخوين جيوفاني وجوناثان دوس سانتوس سيشكلون نواة الفريق هناك.
ومن أبرز الوجوه أيضاً أندريس جوردادو صاحب أكثر من 140 مباراة دولية وربما استعان مجدداً بالعجوز رافاييل ماركيز الذي تخطى هذا العدد وقد بلغ الـ39 من العمر والمخضرم الآخر بيرالتا (34 عاماً) ومن الشباب الصاعدين هيرفنغ لوزانو (22 عاماً).
إذاً التريكولور مرشح لدور أساسي في البطولة إلا أن تجاوز عقدة الدور الثاني يشكل الهاجس الأكبر لعشاقه ومدربه ولاعبيه وتخطيه سيعد إنجازاً قد يرضيهم جميعاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن