رياضة

السويد: عودة البلاغولت من دون ساحره

| خالد عرنوس

يعد المنتخب القادم من الشمال أكبر دول اسكندنافيا من المنتخبات القليلة التي ظهرت قبل الحرب العالمية الأولى، إلا أنه عاش فترته الذهبية عقب الحرب العالمية الثانية، فحقق أفضل إنجازاته في العقد التالي لها بين أولمبياد لندن 1948 ومونديال السويد 1958، قبل أن يغيب عن البطولات الكبيرة، ولم يعد ظهوره المتباعد فيها سوى من باب التمثيل المشرف لا أكثر، عدا حلوله ثالثاً في مونديال 1994، ووقتها اعتبر طفرة لأنه غاب عن المونديال التالي، ثم غاب عن مونديالي 2010 و2014 قبل أن يعود للنهائيات الحالية بطريقة تراجيدية.
أن تبعد بطلاً تاريخياً عن المونديال فذلك شرف كبير حمله المنتخب السويدي الذي انتزع التأهل الثاني عشر للبطولة من الآتزوري، بعدما هزمه بالملحق، وهو الذي تخطى قبله ثالث المونديال الماضي، وذلك بفضل حكمة مدرب مغمور يدعى يان أندرسون، وثلة من المحاربين الطامحين الذين سئموا عقدة النجم الأعلى إبراهيموفيتش وهي العقدة التي رافقتهم طوال 14 عاماً ليعودوا من الباب العريض.

حضور مبكر
كما كل الدول الإسكندنافية عرفت مملكة السويد التي انفصلت عن النرويج رسمياً 1905 كرة القدم مبكراً، فانتشرت اللعبة بمعظم تلك المنطقة أواخر القرن التاسع عشر، وفي 1904 تأسس الاتحاد السويدي، وأعلن انضمامه للفيفا مباشرة، وظهر بشكل رسمي بعد أربعة أعوام أمام الجار النرويجي، وفي أولمبياد لندن 1908 جاءت المشاركة الأولى خارجياً، وكانت البداية مخيبة بالخسارة القاسية أمام البريطانيين 1/12، وتلك الخسارة بقيت الأثقل تاريخياً، واستضافت السويد الدورة التالية للأولمبياد، فخسرت أمام هولندا 3/4 وأمام إيطاليا بهدف.
ورغم إعلانها الحياد في الحرب الأولى فإن نشاط الكرة اكتفى ببعض الوديات التي لا يمكن القياس عليها، وجاءت العودة أولمبياً، فخرج البلاغولت من ربع نهائي أنفرس 1920، ونال برونزية باريس 1924.

حضور مؤثر
ولم يشارك السويديون في أول نسخة لكأس العالم، لكنه كان أول متأهل لبطولة 1934، وأول فريق يفوز بمباراة تأهيلية على حساب إستونيا، وفي النهائيات استطاع إبعاد الأرجنتين قبل أن يقع فريسة لألمانيا بربع النهائي، وفي بطولة فرنسا 1938 خدمته الظروف فبلغ نصف النهائي بفوز يتيم لكنه تاريخي على كوبا 8/صفر لكنه خسر بقسوة أمام المجر، ثم مباراة الترتيب أمام البرازيل، وكان تخطى الدور الأول من دون لعب لانسحاب النمسا.
وشارك في مونديال 1950 مرشحاً للمنافسة بآمال عريضة عقب تتويجه بطلاً لأولمبياد لندن كأفضل إنجاز لكرة الفايكنغ، وقد فاز بالنهائي على يوغسلافيا 3/1 بعدما تخطى النمسا وكوريا الجنوبية والدانمارك، وفي البرازيل تجاوز بطل العالم الإيطالي، ثم تلقى الهزيمة الأقسى أمام صاحب الأرض وخسر بصعوبة من الأورغواي، وسجل فوزه الوحيد على اللاروخا الإسباني ليحتل المركز الثالث.

وصيف البطل
ثالث المونديال وثالث في أولمبياد 1952 لم يشفعا له بتصفيات 1954 عندما خسر مرتين أمام بلجيكا، ليستضيف نهائيات 1958 بعقل الإنكليزي جورج راينور الذي توافرت لديه تشكيلة رائعة أبرز عناصرها (ليدلهولم وغرين وهامرين وغوستافسون)، وبها وصل إلى المدى الأبعد، فتجاوز الدور الأول متصدراً قبل أن يبعد السوفييت من ربع النهائي، ثم أبطال العالم الألمان في نصف النهائي، وفي مباراة التتويج خسر أمام السيليساو الرائع فرضي بالوصافة.
ودفع البلاغولت ضريبة ذلك الإنجاز بتراجع طبيعي، فكان الغياب عن النسختين اللاحقتين، علماً أنه تعادل مع سويسرا في تصفيات 1962 قبل أن يخسر بالمباراة الفاصلة، وجاءت العودة إلى مونديال 1970، فخرج من دوره الأول وبقيادة هيلستروم وإيدستروم وساندبرغ تواصل الحضور لثلاثة نهائيات متتالية وأفضلها في مونديال ألمانيا 74 عندما بلغ الدور الثاني وحل ثالثاً ضمن مجموعته الثانية وراء ألمانيا وبولندا، وتجدد الغياب في عقد الثمانينيات من انلقرن الماضي، لكن نهايته شهدت عودة أخرى إلى بطولة 1990 حيث خرج من الدور الأول بمفاجأة كوستاريكية.
مربع وتراجع جديد
استضافت السويد يورو 1992، فسجل منتخبها حضور الأول في النهائيات القارية، ولعب نصف النهائي عندما خسر أمام الألمان 2/3، وتابعت تلك التشكيلة صحوة البلاغولت، فتأهل لنصف نهائي 1994 قبل أن يخسر أمام البرازيل بعد طرد قائده ثيرن، وفي مباراة الترتيب سجل إحدى أكبر النتائج وفاز على البلغاري 4/صفر محتلاً المركز الثالث للمرة الثانية بتاريخه، وتراجع من جديد فغاب عن يورو 1996 ومونديال 1998 قبل أن يعود في البطولتين التاليتين من دون أي بصمة، فخرج من الدور الأول للبطولة القارية ودور الـ16 للعالمية، ثم تكرر الأمر ذاته في مونديال 2006، وقبلها غادر يورو 2004 من ربع النهائي، قبل أن يخرج في النسخ الثلاث التالية من الدور الأول، منهياً حقبة النجم إبراهيموفيتش بأرقام رائعة على الصعيد الشخصي للاعب الملقب بالساحر، وبفشل ذريع على المستوى الجماعي، وآخره عدم التأهل إلى مونديالي 2010 و2014.

ما بعد «إيبرا»
بعد الخروج من الدور الأول ليورو 2016 واعتزال إبراهيموفيتش، ورحيل المدرب إيريك هامرين بدأ البلاغولت حقبة جديدة تحت قيادة مدرب يدرب منتخباً للمرة الأولى، ويدعى يان أندرسون وكان لاعباً مغموراً، واتبع سياسة خاصة بعدم الاعتماد على نجم بعينه، واضعاً عمل الجميع في بوتقة الفريق، وجاءت التصفيات المونديالية اختباراً قاسياً له ولفريقه المتجدد، وتخوف أنصاره من الخروج بخفي حنين، ولاسيما أنه وقع بمجموعة واحدة مع فرنسا (وصيف اليورو) وهولندا (ثالث المونديال) وبلغاريا الطامح للعودة إلى البطولات الدولية.
ورغم تبادله الفوز مع الديوك وخسارته وتعادله مع الطواحين، إلا أنه استفاد من نتائج الأخيرين والمجموعة بشكل عام، ليصل مباراته الأخيرة في أمستردام مطمئناً إلى مركز الوصيف، فلم تؤثر هزيمته، مع فارق الأهداف الشاسع الذي ضمن له خوض الملحق، حيث أوقعته القرعة بمواجهة الآتزوري بطل العالم 4 مرات، وصب لقاء الذهاب في استوكهولم في مصلحة صاحب الأرض الذي تقدم بهدف، قبل أن يذهب إلى ميلانو طالباً التعادل، وهو ما استطاع الوصول إليه بعد ملحمة بطولية من الفريق كاملاً، ليسجل البلاغولت عودته المظفرة من الباب الواسع.

آمال عريضة
الفريق الذي أبعد إيطاليا عن المونديال لاشك أنه سيدخلها مهيب الجانب، وهو ما يحاول أندرسون إثباته في روسيا حيث سيعتمد على تشكيلة محترفة خارج البلاد، وعلى رأسها المخضرمون: ماركوس بيرغ (العين الإماراتي) وأندرياس غرانكفيست (غراسنودار الروسي) ومايكل لوستيغ (سلتيك) وأولا تيفونين (تولوز)، والبقية من الشباب ومنهم: إيزاك كيزه وجون جيديتي وألبين إيكدال وفيكتور ليندلوف وماركوس رودين وجيمي دورماز، وكان المدرب رفض فكرة الاستعانة بالنجم العجوز ابراهيموفيتش الذي عرض نفسه للمشاركة لكنه أصيب بخيبة أمل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن