كوريا الجنوبية.. سفير آسيا المعتمد بالمونديال
| خالد عرنوس
تتلخص حكاية منتخب كوريا الجنوبية الذي ظهر للعلن تحت هذا المسمى عام 1948 في شقين، الأول تزعمه لبطولة القارة الآسيوية في النسختين الأوليين عامي 1956 و1960 بعدما كان أول فريق من القارة الصفراء يبلغ نهائيات المونديال عقب الحرب العالمية الثانية، وهنا تبدأ حكاية الشق الثاني، ففي منتصف الثمانينيات عاد للمرة الثانية إلى العرس العالمي، وكانت فاتحة لسلسلة لم تنتهِ حتى الآن فها هو يبلغ النهائيات للمرة العاشرة بعد رحلة عصيبة شابت طريقه، ويأتي تأهل الشمشون الأصفر في وقت لم يعد إلى منصات التتويج القارية على الرغم من بلوغه مربع الكبار في ثماني نسخ كاملة، فاحتل الوصافة في أربع منها آخرها 2015، ويومها خسر من صاحب الأرض، وجاء ثالثاً في أربع أخرى، وفشل في بلوغ النهائيات أعوام 1968 و1976 و1992.
سفير دائم
منتخبات قليلة دأبت على حضور المونديال منذ عام 1986 ومنها الكوري الجنوبي، فأصبح ممثلاً شرعياً لآسيا بفضل ثبات مستواه على صعيد التصفيات المتباعدة على عكس البطولات المجمعة التي غالباً ما شهدت نتائج متذبذبة وخاصة فيما يتعلق بالمونديال، حيث قدم صورة سلبية جداً في حضوره الأول 1954 بهزيمتيه الكاسحتين أمام المجر صفر/9 وهي أقسى خسارة لفريق آسيوي في تاريخ كأس العالم وتركيا صفر/7 ليصبح صاحب أسوأ سجل تهديفي في الدور الأول.
بعد 32 عاماً كانت العودة المظفرة إلى العرس العالمي، وقد تغيرت المعطيات كثيراً فخاض الشمشون الدور الأول إلى جانب بطلين سابقين هما إيطاليا والأرجنتين، وقدم أمام الأول مباراة للذكرى خسر بنهايتها 2/3 وخسر من الثاني 1/3 وخرج بنقطة أمام بلغاريا، وتتالت مشاركاته في النهائيات فخرج من الدور الأول لثلاثة مونديالات أخرى، ولم يكسب سوى 3 نقاط منها اثنتان في مونديال 1994 بالتعادل مع إسبانيا وبوليفيا، أما خسارته الأقسى فكانت من هولندا 1998 بخماسية نظيفة.
رابع المونديال
انتظر الكوريون استضافة المونديال على أراضيهم (بمشاركة اليابان) والمشاركة السادسة والمباراة الخامسة عشرة ليحققوا فوزهم المونديالي الأول، وجاء على حساب بولندا 2/صفر ولم يكتفوا بالتأهل إلى الدور الثاني بل تصدروا المجموعة الرابعة عقب التعادل مع الأميركان 1/1 والفوز على البرتغاليين بهدف، ولم يتوقف الحلم الأصفر إلا مع نصف النهائي عندما خسروا أمام الألمان بصعوبة صفر/1 قبل أن يقنعوا بالمركز الرابع عقب الهزيمة من الأتراك 2/3، وكان الفريق الذي قاده الهولندي هيدينك نجح بتخطي الطليان بالدور الثاني 2/1 والإسبان بركلات الترجيح بعد التعادل السلبي وإن كانت عوامل عديدة ساهمت في تحقيق هاتين النتيجتين ليس أقلها التحكيم.
وعاد الشمشون إلى سيرته الأولى في المونديال التالي، فخرج رغم الفوز على توغو والتعادل اللافت أمام الفرنسيين، وفي جنوب إفريقيا 2010 بلغ الدور الثاني بالفوز على اليونان، لكنه اصطدم بالسيلستي الأورغوياني الذي فاز بصعوبة 2/1.
وفي المونديال الماضي عادت الأحلام لتداعب مخيلة الشمشون بتسجيل نتائج جيدة، وخاصة بعد البداية المعقولة بتعادل مع الدب الروسي إلا أن المباراة الثانية أذهبت الأحلام أدراج الرياح بالخسارة أمام محاربي الصحراء الجزائريين، ولم يستطع الكوريون مجاراة شياطين بلجيكا في
الجولة الختامية فكانت الخسارة بهدف معقولة أطاحت بهم خارج البطولة.
واقع أم سراب؟
الخروج من الدور الأول لمونديال البرازيل لم يحبط عزيمة الكوريين وباتوا مطالبين بالتعويض بعد ستة أشهر فقط في البطولة الآسيوية التي استضافتها أستراليا، وهو الحلم الذي انتظره أبناء القسم الجنوبي لشبه الجزيرة الكورية منذ أكثر من خمسة عقود يوم خسروا اللقب الذي كانوا أول من توج به، وعلى الرغم من اقترابهم منه في ثلاث مناسبات سابقة عندما خاضوا المباراة التتويجية فخسروها أعوام 1972 و1980 أمام منتخبي الدولة المنظمة (إيران ثم الكويت) وعام 1988 بفعل ركلات الأعصاب الترجيحية أمام السعودية.
هذا التاريخ المجيد كان بحاجة إلى التغيير، فجاءت نهائيات 2015 فرصة تاريخية بعد بطولة دفاعية رفيعة المستوى للفريق الكوري الذي اكتفى بثلاثة أهداف وثلاثة انتصارات بالدور الأول، ثم احتاج إلى وقت إضافي لتجاوز أوزبكستان، وفي نصف النهائي واظب على عذرية شباكه فتخطى العراق بهدفين، وفي النهائي جاء الهدف الأول لأصحاب الأرض الأستراليين ليعيد الذكريات الأليمة لبطولتي 1972 و1980 إلا أن هدفاً في الوقت بدل الضائع أعاد لهم الروح والحياة لربع ساعة فقط عندما سجل أبناء الكنغارو هدفهم الثاني وبه تحول الحلم الكوري إلى سراب.
العودة إلى الجذور
ما بين مونديالي 2010 و2014 تسلم أربعة مدربين كوريين الجهاز الفني للشمشون، وخلفهم عقب العودة من البرازيل أولي شتيلكه في تجربة ألمانية أولى إلا أن المدافع الدولي الأسبق ولاعب غلادباخ وريال مدريد لم يصمد أكثر من عامين فبعد دور ثان مثالي بالنتائج والأرقام (8 مباريات بالعلامة الكاملة وبشباك عذراء) جاءت ثلاث هزائم من إيران والصين وقطر ضمن منافسات الدور الثالث ليخيم شبح الغياب عن العرس العالمي فكان لابد من التغيير والعودة إلى الأصل فخلال مشوار المنتخب منذ 1948 وحتى 1994 تناوب المدربون المحليون على قيادته قبل أن يكون الروسي بيشوفتس أول أجنبي يتولى المهمة، وختم شتيلكه مسيرة 7 مدربين خارجيين (بينهم أربعة هولنديين) قادوا الشمشون.
لم يتحسن الحال تماماً فقد حقق المنتخب تحت قيادة المدرب الجديد شين تاي يونغ تعادلين سلبيين أمام إيران وأوزبكستان لكنهما كانا كافيين لحجز بطاقة المونديال الروسي من المركز الثاني وذلك عقب تعادل سورية في إيران.
أولوية المحترفين
عاش الكوريون طويلاً على أمجاد بوم كون تشا اللاعب الدولي في السبعينيات والثمانينيات والمحترف أيامها في ألمانيا، أما اليوم فالوضع مختلف، فعقب بلوغ المونديال استدعى المدرب تاي يونغ تشكيلة كاملة من المحترفين خارج البلاد، والمعلوم أن 15 منهم ينشطون في اليابان والصين والإمارات وقطر إلا أنهم محترفون بالنهاية، إلا أنه رجح كفة المحليين عند اختيار بعثة النهائيات فاكتفى بـ11 لاعباً ينشطون خارج كوريا وعلى رأسهم لاعب توتنهام الإنكليزي سون هيونغ مين صاحب 7 أهداف بالتصفيات الذي سيحتفل بميلاده الـ26 مع ختام المونديال، وإلى جانيه في خط الوسط لاعب هيلاس فيرونا لي سيونغ وو ومعهم في البريميرليغ كي سونغ هيون لاعب سوانزي وهناك هوانغ هيشان مهاجم سالزبورغ ومهاجم جونبوك (المحلي) كيم شين ووك.