مع كل تجربة لديّ لهفة متجددة كي أقدم الأفضل … فادي مارديني لـ«الوطن»: ما يقيّد حريتي هو جهل المنتج أو المخرج لهذا أنا منتق لأعمالي
| سوسن صيداوي
الموهبة سورية بامتياز وفي أصلها حلبية. تدّرجت الموهبة وكبرت بانتظام وتصاعدت كنغمات السلم الموسيقي، ولأن صاحبها شاب يتمتع بالذكاء والمسؤولية مع حسن الاطلاع والإصغاء والانفتاح على الآخر، استطاع بطريقة عفوية أن يكون الأول في سورية ممن يلفت النظر بأن تكون شارة المسلسل أقرب إلى أغنية ألبوم، تُسمع دائماً ويمكن أن تنافس على المراتب الأولى في سباق الأغاني. ما ذكرناه يعود للمؤلف الموسيقي فادي مارديني، الذي يمكننا أن نضيف عنه بأنه كاتب وملحن، أولى أعماله التصويرية مسلسل (سيرة الحب) الذي وضع له الموسيقا التصويرية وكتب ولحن ووزع الشارة، وعلى ذكر شارات المسلسلات من أبرزها: أبو جانتي (ألحان وتوزيع)، الخبز الحرام (تأليف وتوزيع موسيقي وقامت بغنائها الفنانة كارول صقر)، الشام العدية (غناها الفنان عاصي الحلاني وباللهجة السورية). أما من أبرز أعماله في الموسيقا التصويرية الدرامية فهي: مسلسل شيفون، مسلسل غداً نلتقي، مسلسل علاقات خاصة، ومسلسل عشيقة سابقة.. بالطبع القائمة تطول ولكن في الموسم الرمضاني الحالي دخل المنافسة في مسلسل تانغو. للحديث أكثر عن أهمية الموسيقا التصويرية وأثرها في شد البصر مع تشويق وحبكة المسلسل، هناك الكثير من النقاط التي نزودكم بها في حوارنا مع المؤلف والملحن الموسيقي فادي مارديني.
بداية… هل تتذكر كلام أو لحن أول أغنية قمت بتأليفها؟ وبأي عمر كانت؟
أول أغنية كنت قد كتبتها ولحنتها ورأت النور، هي أغنية اسمها «شو بحبك». كان عمري وقتها ثمانية عشر عاماً. أحب هنا أن أشير إلى أن مشواري في التأليف والتلحين بدأ وأنا بعمر ثلاثة عشر عاماً، وبالطبع هناك الكثير من المشروعات التي كتبتها ولحنتها ولكن لم تنفّذ لهذا لا أتذكر تفاصيلها.
هل يمكننا القول إنك السبّاق في سورية بتقديم وتأليف شارة المسلسل.. بأن تكون أقرب إلى الأغنية المتداولة منها إلى ما هو متعارف عليه كشارة مسلسل؟
على ما أعتقد أن هذا الأمر صحيح، لأنه قبل مسلسل «سيرة الحب» الذي قدمته في عام ٢٠٠٦ كان في وقتها الكثير من شارات المسلسلات الرائعة للأساتذة على الساحة، لكنها لم تقدّم بالخلطة المطلقة والمنتشرة اليوم، كأغنية بمواصفات الأغاني المتداولة بألبومات النجوم، لهذا… نعم أعتقد بأن التجربة السورية الأولى كانت من خلال شارة مسلسل «سيرة الحب» وبصوت الفنان هادي أسود.
نبقى في المحور نفسه… كيف يعكس هذا الأمر على المسلسل؟
بالطبع إن شارة المسلسل هي مدخل وعنوان أو يمكننا القول إنها واجهة، وأنا في الحقيقة لا أعتقد بأن سوء الشارة أمر يضر بالمسلسل الجميل أو الشارة الجميلة يضرها المسلسل غير الجيد، لكن دائماً ما أتمناه وأسعى إليه في هذه النقطة بالتحديد، بأن تكون الشارة جميلة ومكمّلة للمسلسل.
برأيك ألا تزيد الشارة من انتشار المسلسل والترويج له.. وخاصة أن قام بأدائها نجم عربي محبوب؟
بالنسبة إلى آلية تسويق المسلسلات وبيع المحطات، تبدأ بأشواط وقبل التفكير بموسيقا العمل أو حتى قبل البدء أو الانتهاء من التصوير. إذاً المنتج يبدأ بالتسويق لعمله عن طريق «تريلر» أو الشريط الدعائي للفيلم، أو التسويق من خلال النص أو عبر عقود الممثلين ومدى نجوميتهم. أما بالنسبة إلى شارة المسلسل والتعويل على كون المطرب محبوباً، فهذا أمر يساعد المنتج على دعم العمل، ولكن في مرحلة ما بعد البيع للمحطات، كي يحقق المسلسل أكبر مشاهدة ممكنة، الأمر الذي يدفع بالنهاية المحطة إلى الحفاظ على تعاملها مع المنتج نفسه بسبب ارتفاع نسبة مشاهدة أعماله.
برأيك إلى أي مدى يكون للموسيقا التصويرية دور فاعل ومؤثر في عمق الذاكرة البصرية؟
في العمل الدرامي تكون الموسيقا أحد أركانه الأساسية التي لا غنى عنها بتاتاً، بل هي عنصر يستطيع رفع مستوى المادة البصرية أو حتى العكس، وبالعموم العمل الدرامي عمل جماعي ونجاحه يعتمد على مدى اتفاق جميع هذه العناصر.
من الماضي حتى الآن… أي عمل كان متعباً أو معقداً واستغرق منك جهداً أو وقتاً؟
في الحقيقة أنا أعطيت كل الأعمال الدارمية التي شاركت بها الجهد نفسه، ومع كل تجربة لديّ لهفة متجددة كي أقدم الأفضل. أما بالنسبة للتعب والضغط، فهو مرهون بظروف وقت العمل وضرورة تسليمه ضمن إطار زمني، وهنا أحب أن أؤكد أنه ومن جهتي فأنا عادل ووفي لجميع الأعمال التي برصيدي.
في الموسيقا التصويرية… حدثنا عن آليتك في التأليف.
في البداية يكون لدينا ما أحب أن أسميه (المايسترو) وهو المخرج، ومن خلال وجهة نظره بالنص، نحن نبني معه الأفكار، وبطبيعة الحال أنا أبدأ بالتأليف بعد أن أقرأ النص وأفهم مكنونات العمل وكما أسلفت ضمن الرؤية الإخراجية.
ما الذي يمكن أن يقيّد حريتك في التأليف الموسيقي للمسلسل؟
ما يقيّد حريتي في التأليف أمران هما: جهل المنتج أو المخرج، وفي هذه الحالة يكون الأمر معقداً لهذا السبب أنا منتق نوعاً ما لأعمالي، وحتى لو كانت قليلة، لأن ما يهمني بأن أحافظ على المستوى الذي اعتدت أن أقدم به موسيقاي.
ما حصل معك في مسلسل «الدبور» من حيث عدم وجود ضمان بالعقد أو استيفاء أي حقوق.. هل هو أمر واقع ويمكن أن يتكرر؟
في الوطن العربي وبأغلب الشركات -وليس جميعها- يكون هناك ظلم بمضمون العقد لطرف المبدع ولمصلحة المنتج، وفي الحقيقة هذا الواقع يتطلب إعادة صياغة للعقود كي تحمي كل الأطراف. وفي الوقت الحالي نحن نعمل على أساس الثقة التي هي عقدنا، إضافة إلى سمعة الشركة المنتجة مع تجاربها السابقة فقط.
حدثنا عن مشاركاتك في مسلسلات رمضان لهذا العام؟
أنا مشارك في هذا العام في مسلسل «تانغو» من إخراج رامي حنا وتأليف إياد أبو الشامات، وكذلك شاركت في شارة مسلسل «جنون الحب» عبارة عن مجموعة خماسيات لعدد من الكتّاب والمخرجين. هذا وأيضاً أنا مشارك في مسلسل أُنجز في الموسم السابق وعرض على قنوات مشفرة، وفي اليوم الثاني من رمضان قرر عرضه على المفتوح، وهو مسلسل «مذكرات عشيقة سابقة» من تأليف نور شيشكلي وإخراج هشام شربتجي.
هل تابعت الأعمال الحالية؟ وهل هناك منها ما لفت نظرك أو أحببته؟
في الحقيقة لم أتابع أي عمل، لأننا ما زلنا مشغولين بالتصوير لمسلسل «تاتغو»، وعلى ما أظن أننا سننتهي من المسلسل في أواخر الشهر الفضيل، ولكن بصدق هناك مشاهد رأيتها وأحببتها كثيراً من مسلسلات مشتركة سورية ومصرية، وهي: مسلسل الرحلة ومسلسل ليالي أوجيني.
حدثنا عن تعاونك مع نجوم العرب والسوريين للعام الحالي في ألبوماتهم.
بالعموم إن تجاربي قليلة ومتواضعة بصناعة أغان شخصية لمطربين، ولكنني لا أتمنّع عن مساعدة أي مطرب صديق عند طلبه أغنية خاصة -هذا إن كانت الظروف مناسبة- ولكنني بطبيعة الحال أنا أفضل أن أبقى مركزاً على عملي الأساسي في الموسيقا التصويرية والدراما، كما وإن رغبت في أن أغنية خاصة لنجم ما أفضل أن تكون شارة لمسلسل، لأن الشراكة الفنية بيني وبين النجم ستكون هنا حقيقية وعادلة، وستخولني بأن أكون معروفاً للجمهور، إذاً الدراما ستساعدني وخاصة أن وجودي فيها سيبقى أمراً واقعاً، على حين الأغنية الخاصة لا تمنحني هذا الانتشار.
من الأصوات السورية الحاضرة مع من ترغب في التعاون؟ وبمن تحلم – محلياً أو عربياً- بأن تقدم لحناً أو كلمة؟
للأمانة ليس لدي حلم بتقديم أغان أو شارات مع نجوم معينين، إنما ما يهمني حقاً هو أن يكون النجم أو الفنان مناسباً للعمل بكل المقاييس.
في السؤال الأخير هل اطلعت على النسخة الأرجنتينية لمسلسل «تانغو».. حدثنا عن آلية وظروف العمل؟
ليس لدي أي فكرة عن النسخة الأرجنتينية، كما أن المسلسل تم تغييره عما كان عليه في السابق، وحتى إن خطة العمل على هذا المشروع انطلقت من إعادة صناعة العمل الأرجنتيني، بمعنى أنه تم العمل على الاقتباس والتأليف الشخصي من الكاتب إياد أبو الشامات، وخاصة كون الخطوط الموجودة بالعمل الأساسي من المستحيل أن تُقدم بمجتمعاتنا، وأخيراً أختم بأننا خرجنا تماما عن العمل الأساسي ويمكننا أن نعتبر بأننا قدمنا عملاً جديداً.