ثقافة وفن

الحرب غيرت مسيرة حياتي وخياراتي كفنان ومخرج ومواطن … عارف الطويل لـ«الوطن»: لا أعتقد أن أي عمل فني أكان درامياً أو تشكيلياً أو موسيقياً يمكنه تجاهل الحرب

| سارة سلامة

منذ الأيام الأولى للحرب التي تعرضت لها بلاده نراه يحسم أمره ويحزم حقائبه ويترك وراءه غربة تمتد إلى 20 عاماً، قرر العودة إلى وطنه الأم سورية، هو عاد بعكس الكثيرين الذين اختاروا في الوقت نفسه الابتعاد ووضع نصب عينيه العمل الميداني والتطوعي، وربما استشهاد والده وهو صغير كان بمنزلة لقاح جعله يتحصن بعشق وطنه ويتنفس معاني الأصالة وقيمة الشهادة التي دفعت من والده ليقدم أثمن ما يملك على هذه الأرض، وهذا ما جعل عارف الطويل يقف إلى جانب دولته كإرث يحمله من أبيه ويتباهى ويتفاخر بانتمائه عندما عجز الكثيرون.
هو مواطن سوري بامتياز وممثل أثبت جدارته في الكثير من الأعمال ومخرج برصيده ما يتجاوز 20 عملاً تلفزيونياً، اليوم ودمشق تنفض أحزانها وتهرع لأمنها واستقرارها نرى عمل «روزنا» يشهد عودته مجدداً إلى خضم العمل الدرامي مجسداً فيه الواقع السوري ومتطرقاً به إلى المعاناة الحلبية كنموذج يقدمه عن المدن السورية التي تعرضت لأبشع أنواع الحروب، وعلى الرغم مما تتعرض له الدراما السورية من انتقادات فإنه يراهن عليها وعلى مستواها ويراهن على المعهد العالي للفنون المسرحية الذي يخرج خبرات لا بد لجدارتها من تصدر المشهد الدرامي العربي.
وهو عاشق لمهنة التمثيل نراه يراقب من خلف الكاميرا عمل الممثلين بشغف كبير يحن مراراً ويسترجع ذاكرته منتظراً فرصة جيدة تعيد إقحامه مجدداً إلى أمامها. عارف الطويل فنان اتسع قلبه ليطوق حدود الوطن السوري زار «الوطن»، وفتح لنا قلبه متحدثاً عن عمل «روزنا» وعن غربته وأعماله وآماله وما ينتظره.

عمل «روزنا» يحقق اليوم نجاحات كبيرة، تحدث لنا عن العمل واختيارك للنجوم وتعاونهم؟
بعد قراءتي لنص «روزنا»، بدأت أتخيل الشخوص وبدأنا بفرز الشخصيات كل منها على حدة ووضعنا الخيارات الملائمة حتى تتناسب مع بعضها كل على حدة وتناسق العائلة بالشكل العام، واخترنا الفنانين من حلب لسهولة استخدامهم للهجة الحلبية، وكانت المهمة الأصعب هي اختيار الشخصية الأساسية في العمل «وفا» التي لعبها بسام كوسا لأنه بناءً عليها تم اختيار بقية الممثلين، وكل دور وضعت له عدة احتمالات إلا شخصية «وفا» لم أستطع أن أضع إلا احتمالاً واحداً وهو الفنان بسام كوسا، ومنذ قراءتي لأولى حلقات العمل رأيت أنه الأنسب لهذا الدور، وبدوره هو أيضاً عندما عرضت الفكرة عليه استحسن وأحب الشخصية والحدث وأحب حكاية حلب.
أما اختيار باقي الشخصيات ولظروف تتحكم بالممثل والإنتاج فكان الواجب علينا وضع عدة خيارات وهنا أقصد الشخصيات الأساسية أو البطلة والمحورية في العمل.

نلاحظ أن هناك مزاوجة بين الجيل المخضرم والجيل الشاب؟
في كل أعمالي التي قدمتها وحتى في الخليج أحرص دائماً على أن يكون هناك وجوه جديدة، لأنني أرى في ذهابنا للشخصيات المكررة والمعروفة لا نستطيع تحقيق الغاية من الاستمرارية، وأحث كل مخرج وشركة إنتاج وكل مسلسل أن يستعين بالوجوه الجديدة والشابة لأن هذه الاستمرارية والديمومة هي التي تطور العمل الفني.
وقدمت في «روزنا» ثلاث شخصيات جديدة تقريباً ولأول مرة وسميتهم على الشارة النجوم الشباب، فهؤلاء وغيرهم من الشباب الذين ظهروا في الأعمال الأخرى سيكونون النجوم القادمين، لأن سورية لا تتوقف على 10 نجوم فقط، بل هي ولادة للكثير من النجوم في كل المجالات الثقافية والفنية والموسيقية والدرامية والسينمائية وغيرها.

ألا تتحمل قدراً من المجازفة بقيادتك وتقديمك لنجوم للمرة الأولى ليكونوا أبطالاً في عملك؟
لا أعتبر نفسي مجازفاً لأنني أصلاً ممثل ولست مخرجاً والإخراج لم يكن دراستي، لذلك أجد نفسي قريباً من الممثل وأتعامل معه بالمفردات نفسها التي درسناها معاً، وأقود الممثل الصغير ليقع بأقل الأخطاء الممكنة وأكون أميناً عليه، فعندما يؤدي الممثل أمام الكاميرا أراه من خلفها على «المينتور»، وأعتبر ما أراه أمانة وواجبي إيصاله إلى الناس بأفضل حالاته، ولكن لا نستطيع نفخ الموهبة فيمن هو غير موهوب، بل يمكنني أن أخرج أفضل ما لدى الممثل من أداء وأقدمه بصورة مقبولة وجيدة وهكذا أتعامل مع الممثلين الذين أختارهم في أعمالي.

كان من المقرر أن تقدم عملاً سابقاً من كتابة جورج عربجي، هل الحنين ما دفعك لتقديم نص «روزنا»؟
تعرفت على عربجي في نص «امرأة من رماد»، وكان من المفروض أن أقدمه، ولكن بآخر المطاف حدث سوء فهم وخلاف بيني وبين المؤسسة آنذاك، وكان ذلك قبل يومين فقط من قدومي إلى سورية وبدأت العمل ولم يتسن لي الظرف.
ووجدت عند عربجي بذرة موهبة بالكتابة وفي اختيار الحكاية وصورتها وعملها بقالب درامي ورأيته مختلفاً وجديداً وعصرياً، ولم أر في كتابته شيئاً تقليدياً أو كلاسيكياً، ومن أجل كل ذلك عدت إليه فيما بعد وتحدثنا عن نص «روزنا» الذي كان بذوراً واتفقنا على أن مدينة حلب تستحق الكتابة عنها كنموذج للمدن السورية وتم تقديم النص للمؤسسة وقبوله.

اتهم العمل بأنه يقف إلى جانب الدولة السورية؟ وهناك ممثل يعمل كمراسل حلبي في الجيش السوري، ما رأيك في ذلك؟
بالتأكيد يقف إلى جانب الدولة السورية، ومع سبق الإصرار والترصد أنا مع الدولة والمؤسسات مع مدنية هذه الدولة وعلمانيتها، ومع الوقوف إلى جانب دولتي ضد أي شكل من أشكال العصبيات والتطرف والإرهاب، وموقفي كان واضحاً للجميع منذ بداية الحرب، وكنت مغترباً وعدت وأعلنت موقفي وكل ما كتبته مذيل باسمي، وإذا وجه النقد للعمل لأنه يتضمن مواقف وطنية لها علاقة بالأزمة فلا أعتقد أن أي عمل فني داخل سورية سواء أكان درامياً أم على مستوى لوحة تشكيلية أو مقطوعة موسيقية يستطيع تجاهل حرب ثماني سنوات.
الحرب في بلدي دخلت إلى كل منزل من منازل سورية وجرحت كل أم وكل عائلة سورية، والكثير من السوريين تهجروا واستشهدوا وجرحوا فلا يمكن في عمل درامي تجاهل هذا الحدث الذي أحاط بنا، مثله مثل الخبز الذي نأكله كل يوم، أما انحيازي فهذه وجهة نظر والذي يملك وجهة نظر أخرى فليقدمها وهناك شركات ممكن أن تنتج له أعمالاً أخرى.
ووجود الشاب قسورة في العمل المراسل الحربي في الجيش السوري هو لأنه في الأساس ممثل ولكنه يؤدي خدمة العلم كمراسل حربي، ووضعته في العمل بدور مراسل حربي أيضاً، ووضعت مجموعة من الشباب السوريين الذين يمثلون مختلف الأطياف من الجزيرة، وكذلك آخرون من الساحل وحلب والشام، هؤلاء الرفاق الشباب الأربعة طلاب جامعيون اجتمعوا في الجيش لمحاربة الإرهاب وهذا أمر واقع.
ومن الانتقادات التي وجهت أيضاً للعمل هو استعراضه بياناً من الإدارة السياسية يتضمن تحرير مدينة حلب، وهذا البيان هو أمر واقع حيث كانت مدينة حلب مهددة ووصل فيها الخطر إلى أقصاه حيث وضع العدو كل ثقله السياسي والعسكري والإعلامي لينتزعها من تحت الإرادة والهوية السورية لمعرفته بمكانة حلب في الخريطة السورية لكونها ذات مكانة توازي مدينة دمشق.

«روزنا» كاسم كم لعب دوراً كبيراً في تسويق العمل لخصوصيته عند السوريين؟
برأيي: إن واحداً من أهم مفاتيح نجاح العمل هو الاسم وتسويق الاسم والمعنى الذي تنضوي حوله هذه السفينة والحكاية المعروفة ووقفة تجار حلب مع أهلنا في لبنان والإنقاذ الذي حدث في ذلك الوقت، ونتكلم عن وقفة أخوة ووقفة كرم وطيبة وعزّ لتجار حلب تجاه أشقائهم في لبنان، كما نشاهد في العمل ماذا فعلت الحرب بواحد من نماذج هؤلاء الطيبين والكرماء الذين يمثلهم بسام كوسا ووضعته بموقع هو وعائلته لا يمكن أن يتصوره عقل، حيث وصل إلى حد التشرد والنزوح والضياع والعمل بأعمال بسيطة، ولكنه على الرغم من ذلك بقي ثابتاً لم يغير معتقداته وأفكاره ولم يهرب خارج بلده.

توجه ووطنية العمل ألم تربككم تسويقياً؟
«روزنا» يحمل رسالة اجتماعية وطنية سورية والمحطات التي تأخذ منا موقفاً كسوريين أو تأخذ موقفاً من الإنتاج السوري، ويكون الموقف على وطنيتنا، لا نريدها ولا نعمل على مجاملة محطات الإعلام والإنتاج لتشتري الأعمال السورية، ولا أستطيع تقديم عمل لا يحمل أي شيء ولا يوجد فيه نكهة ورائحة من الواقع الذي حدث، أو تقديم عمل سوري خارج الأراضي السورية حتى يتقبلوه، وإذا كان لا بد لي أن أعمل عملاً سورياً يجب أن يكون على أراضي الجمهورية العربية السورية، ذلك شأنهم سواء أخذوه أم لا ونحن نؤدي رسالة لا نقصد بها الربح ولو كان هدفنا الربح إنتاجياً لما عملنا عملاً كهذا.

نظرتك كمخرج هل فندت نقاط الضعف في العمل من الناحية التقنية مثل عدم ذكر اسم ميادة بسيليس على الشارة وعدم ذكر جملة مرور 5 أشهر؟
هذه أخطاء تقنية وهي موجودة وأعترف بها وأتحملها وربما في الحلقات القادمة ستظهر كذلك بعض الأخطاء البسيطة، وبالعموم عندما أنظر إلى أعمالي أرى سلبياتها ولا أرى إيجابياتها، وأنتقد نفسي في كل مرة، ورأيت الكثير من الأخطاء الصغيرة التي لا تؤثر في المقولة الكبيرة وفي المسار الأساسي في العمل، ولا أعتقد أن هناك عملاً يصل إلى حدّ الكمال بكل جوانبه، ونحن نمشي في طريق واضح ونتعامل مع الحدث بكثير من التفاصيل الواقعية وعدم المبالغة، وأنا مخرج لا أحب المبالغات في الأحداث والأداء ولا أحب الصراخ العالي والبكائية المفرطة، وحتى الحرب لم أتناولها بشكل مباشر وهناك معركة وحيدة في العمل قدمناها من دون عنف ودم مغال به، وألاحظ أن الكثير من الأعمال سواء السورية أم غير السورية تحتوي مشاهد مبالغاً بها سواء بطريقة الأداء أم في حلول بعض المشاهد لدرجة تنفر المتلقي، و«روزنا»، لا يحمل مشاهد كهذه لأننا نوصل الفكرة ضمن حدث واقعي ومتقن قدر الإمكان، وأرجو من الجمهور أن يغفر لي بعض الأخطاء التي ظهرت أو التي ستظهر في العمل وأعدهم في الأعمال القادمة بالعمل على تلافيها.

نلاحظ طاقة حب كبيرة يحملها العمل، لماذا؟
هي طاقة جمعت كل العاملين في مسلسل «روزنا» الذين يتوزعون بين 70 و80 فنياً وفناناً والحقيقة كل منهم قدم ضمن مهنته واختصاصه كل الحب والالتزام في أداء موهبته أو دوره، ولا أبالغ إذا ما قلت إننا كنا عائلة حقيقية، والممثلون جميعهم كانوا في غاية الالتزام من أكبرهم وأكثرهم نجومية إلى أصغر ممثل بهم، وهذا كله عكس حقيقة أن العمل مشغول بطاقة حب كبيرة.

ما يعني لك التمثيل؟ وهل تحن إلى العودة إليه مجدداً؟
أحن للتمثيل كثيراً وعندما أكون وراء «المينتور»، وأشاهد الممثلين أشعر أن مكاني أمام الكاميرا وليس خلفها، والسبب في ابتعادي عن التمثيل هو إقامتي في الخليج وصعوبة إتقاني للهجة الخليجية لذلك اكتفيت بأن أكون وراء الكاميرا، وشاركت العام الفائت بعمل «قناديل العشاق»، لسيف الدين سبيعي، ولدي نية في الرجوع بقوة عند توفر الدور المناسب.

ما تأثير الحرب في الدراما وفيك نفسياً؟
الحرب أثرت في كل مواطن سوري ليس فقط على الدراما وأثرت في المجتمع والاقتصاد السوري بشكل عام، ولا شك أنها أثرت فيّ نفسياً، وأنا كمواطن كنت مقيماً في بلد خليجي ومغترب، وكان عملي بمحطات أخرى وذاهباً باتجاه آخر، ولكن الحرب شكلت انعطافاً حقيقياً في حياتي، ولولا الحرب لبقيت مغترباً وأعمل بخريطة إنتاجية وفنية أخرى، كما أنها غيرت مسيرة حياتي وخياراتي كفنان ومخرج ومواطن، ومنذ الأيام الأولى للحرب أعددت العدة لأعود لبلدي واتصلت بإحدى المحطات الوطنية وأعلنت موقفي بصراحة وكان موقفي واضحاً، ونتيجة هذا الموقف دفعت ثمناً كبيراً.
ورجعت إلى بلدي وكانت الأولوية للعمل الميداني والوطني والتطوعي لأنني شعرت أنه أهم من أي شيء آخر، وهو واجب على كل المدنيين والشباب في الشارع السوري الاجتماع وعمل فعاليات ومسيرات مليونية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لنقف بوجه الفكر الآخر الإرهابي الإعلامي المغرض الذي كان يسوق لحالة كاذبة عما يحدث في البلد.

كم خسرت أصدقاء بسبب موقفك؟
لن أقول ماذا خسرت ولكن سأقول إنني ربحت ناساً آخرين وطنيين فقدوا كل شيء في سبيل رسالتهم ومحبتهم لبلدهم، وما خسرته لا يعنيني لأن هؤلاء الذين خسرتهم بدؤوا الآن باسترجاع مواقفهم واكتشفوا مؤخراً أن المشهد كان مختلفاً.

ما الحلول التي من الممكن اتخاذها وخاصة أنك عضو في مجلس الشعب لدعم الدراما السورية؟
الدراما السورية حوربت لأنها رُبطت بالموقف السياسي والوطني، ولكن على الرغم من ذلك بقيت محافظة على ألقها من فنيين وفنانين وكتّاب وشركات الإنتاج، ونستطيع القول إن مستواها تخلخل ولكنه لم يتغير، والمستوى باقٍ مادامت الكوادر البشرية والفنية موجودة، ومادام المعهد العالي للفنون المسرحية يخرج ممثلين وممثلات فستبقى سورية رائدة في مجال الإنتاج الدرامي، لأننا نمتلك أرضية ثقافية وفنية وموسيقية منذ 60 أو 50 سنة وهذا ما عمل لنا تراكماً، وهذا التراكم يسمح لأي خريج من هذا الجيل بأن يكون نتيجة وولادة طبيعية لهذا الإرث المتراكم، لذلك أرى أن الحرب أثرت قليلاً في الدراما وخلخلتها من خلال غياب بعض الفنانين الذين غادروا واتخذوا موقفاً، ولكن الأساس الإبداعي ما يزال موجوداً، والآن سورية تستعيد أمانها وأمنها واستقرارها وبرأيي إن المشهد الدرامي السوري سيعود ليتسيد باقي الدراما العربية.

ما الحلول الممكنة؟
واحد من الحلول زيادة فتح القنوات الخاصة في سورية وإقامة المهرجانات السنوية التي تنصف الدراما السورية وتسوق لها ويجب أن نقوم بها كل عام لأننا في كل موسم نقدم 20 أو 30 عملاً، وتقديم جوائز لأفضل مخرج وممثل وكاتب وهذا مهم تسويقياً، ويجب أن تتضافر شركات الإنتاج الخاصة مع مؤسسة الإنتاج التلفزيوني لإنتاج أعمال ضخمة جداً ويكون لدينا عدة مستويات إنتاج من الضخمة إلى المتوسطة والصغيرة بعدد الحلقات أو قليلة التكلفة الإنتاجية، ونحتاج في بداية إنتاج العمل إلى الإعلام والإعلان عنه والمراسلة مع كل شركات الإنتاج والتلفزيونات الأخرى لتسويق العمل، وإيجاد شركات تسويق مختصة لأننا نفتقر في سورية إلى مختصين بتسويق العمل السوري، وهناك مسوقون سوريون لا ننكر قدرتهم ولكن ما تزال التجربة التسويقية في سورية بدائية، يجب أن تكون أكثر اختصاصية لأن عملية التسويق تماثل عملية الإنتاج، وبرأيي إن التلفزيونات التي ربطت المواقف السورية الوطنية بالدراما ستتغير قريباً وتنفتح مجدداً على الأعمال السورية.

ماذا يعني لك أنك ابن شهيد؟
هو ظرف خاص لا يمس شريحة واسعة من الناس لأنه وعند استشهاد والدي ذهبت أنا وإخوتي ودرسنا بمدارس أبناء وبنات الشهداء، وهي مدارس داخلية حتى حصولنا على شهادة البكالوريا، وربينا في مناخ خاص غير المدارس الأخرى فنحن ندرس ونأكل وننام بالمدرسة نفسها، وأصبحت المدرسة هي عائلتي ولدي رفاق أبناء شهداء سواء أكانوا من السويداء أم درعا وحمص واللاذقية وحلب وحماة، وأتصور أن هذا المجتمع ذابت فيه كل القيم التي لها علاقة بالشيفونية والعصبية والتعصب، وخرجنا أكثر انفتاحاً من غيرنا وأكثر تقبلاً للآخر ومن هنا تأتي هذه الخصوصية.
ولا شك أن رسالة الشهادة هي أنبل رسالة عرفها التاريخ البشري ونحن نرى شبابنا شباب الجيش العربي السوري الذين ضحوا بأرواحهم، لهم عوائلهم ومجتمعهم.
وزهرة شباب سورية هم الذين ذهبوا للدفاع عنها لأنهم كانوا يعلمون بأنها ذاهبة إلى مشهد من الخراب أكبر من الخراب الذي طال أفغانستان، وكان مشهداً يعدّ إلى التقسيم والخراب، وبقيمة الشهادة نجلس الآن ونتحدث وتعرض أعمالنا وأصبحت الشام وريفها آمنين، ونعيش ازدحام وفرح وأجواء رمضان مجدداً بفضل هذا الجيش وهؤلاء الشهداء، لذلك أعتبر الشهادة شيئاً مقدساً يوازي قدسية الأنبياء.

تحدث لنا عن تجربتك في الإخراج التاريخي والخليجي؟
بدأت الإخراج بمسلسل اسمه «زمان الوصل»، وهو مسلسل تاريخي تم تصويره بين إسبانيا والمغرب وسورية مع نجوم كبار منهم المرحوم عبد الرحمن آل رشي، ومنى واصف، وجهاد سعد، وكوكبة من النجوم السوريين والعرب، وحصدت جائزة الإخراج التقديرية آنذاك في مهرجان القاهرة الدولي، وبعدها تم استدعائي إلى الكويت لإخراج عمل كويتي، وأقمت في دولة الإمارات العربية المتحدة حوالى العشرين عاماً قدمت خلالها عدة أعمال بيئية إماراتية وخليجية تصل إلى حوالى 20 عملاً تلفزيونياً.
واستطعت مع الفريق الفني والفنانين الذين عملت معهم تقديم أعمال مهمة، ولا أنكر أي تجربة خليجية كانت قبلي، ولكننا كمجموعة عملنا أعمالاً خليجية حققت نسب مشاهدة كبيرة على الشاشة الخليجية والعربية، ومنها عمل «بين الماضي والحب»، وكان أول عمل عربي يتم إنتاجه من 100 حلقة لكاتب برازيلي، وصورته بين لندن ودبي والكويت والبحرين.

ما الأعمال التي تشاهدها هذا العام؟ وما تقييمك للمستوى الرمضاني الحالي؟
لم أتابع مسلسلاً بحذافيره ولكن من الملاحظ أن الأعمال السورية تحمل جهداً كبيراً هذا العام، والجهد واضح من المخرجين والفنانين والفنيين، ووجدت محاولة حثيثة لإيصال رسالة اجتماعية ووطنية بكل المشاهد التي رأيتها وبكل الحلقات التي تسنى لي أن أراها، ولو أن بعض الأعمال يمكن أن تتحمل تساؤلاً في جانب صغير هنا أو هناك لكن المشهد بشكله العام يقول إن هناك جهداً كبيراً مبذولاً من صناع هذه الدراما والدراميين السوريين لعكس صورة الواقع.

الخطوة القادمة هل رُسمت ملامحها عند عارف الطويل؟
بين يديّ نص لم أتحدث عنه إلى الآن مع أي شخص وهو نص نسائي يتحدث عن نماذج نسائية في سورية ضمن مجتمعنا، وهي حكاية ضمن مسلسل اجتماعي بالمطلق، وهذا العمل فيه نسيج متقن وربما يكون هو مشروعي القادم لعام 2019، وهو من تأليف رانيا بيطار.

للموسم الرمضاني القادم؟
لا أشترط في أعمالي أن تعرض في شهر رمضان لأنني أعتبره محرقة للأعمال، فمسلسل «روزنا» بدأ بفترتي إعلانات والآن تجاوز 6 فترات إعلانية أي أصبحنا نرى الإعلانات أكثر من المسلسل.

في كلمة أخيرة ماذا تقول؟
ألاحظ مسألة مهمة في وسطنا وأحب الإضاءة عليها حيث كنت وقبل 10 أو 15 عاماً أرى اللحمة والعلاقة الجميلة بين الزملاء والعاملين في القطاع الدرامي من فنيين وفنانين، وكانت علاقة مبنية على الاحترام ومسافاتها متقاربة، أما الآن فلا أدري أكانت الحرب أم غيرها ما أثر في النفوس وأحدث التشتت والبعد.
وأرجو من كل العاملين في هذا الحقل وفي الصناعة الدرامية الاجتماعية الوطنية الرجوع إلى التماسك والألفة والمحبة لأنها من أهم أسباب عودة الدراما إلى ما كانت عليه في سابق عهدها.
وبلدنا لن يغلق الباب بوجه أحد حتى على المسلح الذي حمل السلاح فكانت هناك مصالحات، ما لم يكن القضاء السوري مطالباً به لأن القضاء هو الجهة الوحيدة المخولة محاسبة أي شخص ارتكب جرماً بناء على أدلة ووثائق وإدانات وماعدا ذلك فإن البلد مفتوح لأي شخص من مواطني الجمهورية العربية السورية يرجع لبلده ويعمل بها سواء كان مثقفاً أم عاملاً أو في أي حقل من حقول الدولة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن