درج الأحلام!
| عصام داري
الصعود إلى عالم السحر والخيال يبدأ بخطوة على درج الورد..
ربما ذكرتني أغنية فيروز «درج الورد مدخل بيتنا» بهذه الرغبة في الولوج في حلم يريح صباحي من هموم يومي، ومن حرارة الطقس وبرودة العواطف وندرة الحب.
درج الورد هو سبيلي إلى الحلم الذي غاب عنا حتى أثناء النوم لتحل مكانه كوابيس الواقع والخيال، وكأننا أصبحنا أسرى لتوحش الطبيعة والإنسان، وحضارة التكنولوجيا والحاسوب.
نمشي على دروب وردية، نغوص في بحر التخيل، تقودنا خطواتنا نحو بيت الورد، شيء مذهل أن تعيش وسط قارورة عطر، كما وصف شاعرنا نزار قباني بيته الشامي.
الحلم وحده من ينقلنا ولو لثوان معدودات من دوامة الموت إلى حياة ظلت تراودنا في الخيال طوال سنوات عمرنا، ونعرف أن تحقيقه في ظروفنا الراهنة هو المحال ذاته.
درج ملون يقود إلى فردوس أرضي محرم: ألوان من الطبيعة ترسم لوحات لا دخل للإنسان بها. فينهمر شلال جمال أخاذ يخلب الأبصار، وما بين الأحمر والأخضر والأبيض تسكن الفرحة الهاربة من زمن الرعب والحزن والعتمة، تهرب من تغول فاق الخيال، لكنه في كل مكان، يحيط بنا، يحاول كسرنا وهزيمتنا، وبأيدي أناس منا أحياناً!
ندخل عالم الخرافة من بوابات أسهمنا في صنعها ودشناها وسط فرحة لا توصف، كيف صارت الخرافة حلمنا والمخرج الذي يقودنا إلى عالم مسحور ينتشلنا من واقع مرير يشوبه حزن لا حدود له؟ لكننا دخلنا عالم الخرافة بملء إرادتنا، والخروج صعب، لكنه ليس مستحيلاً.
نؤجل النهاية، ربما يحدث ما نتمناه، نصعد درجاً سحرياً نحو قمة الجمال والخيال، وأظن أننا سنصل قريبا، مع قوارير عطر وطاقات زهر و«كمشة» تفاؤل وبصيص أمل.
درج الأحلام يقودنا إلى عالم مختلف، عالم كما نتمناه نظيفاً، وديعاً يغمره الحب، وتسوده المحبة، عالم تسكنه العصافير والحمائم، وتغطي دروبه الورود والأزاهير، حلاوة هذا العالم المتخيل أنه يحمل لنا جدائل شعاع تغمر الأرض بنورها، وأنفاس الأزاهير لتعطر بأريجها أجواء الأمكنة، وأغاني عصافير هجرت أعشاشها بحثاً عن أغصان جديدة ولقيمات عيش تمكنها من مواصلة التحليق والغناء.
علينا ألا ننسى أبداً أننا خلقنا في لحظة حب ورغبة ومتعة وتحليق في حلم قصير جداً، وجئنا إلى هذه الدنيا لهدف سام ونبيل، ونحمل رسالة واضحة الحروف والمعاني، لأن الدنيا هي مزيج عجيب من كل المتناقضات والأضداد، لكن ميزتها الأولى، والأهم: هي الحب والعشق بكل ألوانه وأشكاله وتسمياته، ورسالة الإنسان على الأرض هي نشر الحب، وليس الحرب.
ندرك أن المهمة صعبة، لأسباب كثيرة، فالظروف تحاصرنا وتنهكنا، تتلاعب بنا، تغير اتجاهاتنا ووجهاتنا وتمنعنا من التحرك نحو أهداف وأحلام رسمناها لحياتنا، تحد من حريتنا، ربما تغتال تلك الحرية، فنموت عطشاً والماء ينساب أمامنا شلالات، هل سنواصل اتهام الظروف بعرقلة طموحاتنا وتكبيل أيادينا وعقولنا؟ وهذا هو التحدي الأساسي الذي يواجهنا في رحلة أعمارنا.
هي دعوة إلى الحب والمحبة والتواصل بين بني البشر، وإلا فما نفع حياتنا بلا حب وسحر وخيال وكلمة طيبة؟