في الهواء الطلق
| مالك حمود
لعل الخبر المحلي الأميز في رياضتنا إعلان إقامة بطولة الجمهورية بالملاكمة في الهواء الطلق، وضمن فعاليات مهرجان رياضي للعاصمة.
قمة الصواب كان قرار الاتحاد السوري للملاكمة بإقامة بطولة الجمهورية للأشبال في حديقة تشرين في دمشق، لما في ذلك من خطوة مهمة في الترويج للعبة ونشرها وزيادة جماهيريتها، وخصوصا أن البطولة تقام للأعمار الصغيرة والوجوه الصاعدة، ما يعني زيادة مساحة انتشار رياضة الفن النبيل.
مرحى لاتحاد الملاكمة الذي كان البادئ في كسر الحدود الوهمية المرسومة والخروج من حرّ الصالات وضيق المكان والتنفس الذي كانت تعانيه في بطولاتها، لتقام في الهواء الطلق، في مشهد يعيدني بالذاكرة قرابة خمسين عاماً وهو عندما حضرت لقاء دوليا بألعاب القوة (المصارعة– الجودو– بناء الأجسام) بين سورية ولبنان، وذلك في الملعب البلدي المكشوف لكرة السلة في دمشق، وكان الحضور الجماهيري والتشجيع في القمة، والدخول بالتذاكر التي كانت تحقق ريوعا مادية، وكل ذلك ينعكس على واقع اللعبة وقوتها وشعبيتها، ومشاهدة اللعبة على الطبيعة حمسني كي أتوجه نحو لعبة المصارعة في البدايات على يد المدرب خالد البلح وبعدها إلى الملاكمة مع المدرب أحمد شحادة (رحمهما الله).
من أهم ألعابنا الرياضية ومصدر بطولاتها وإنجازاتها الدولية، والحفاظ على قوتها مسألة ليست سهلة، فالاستمرارية بحاجة لتوفير مقومات الديمومة، والذهاب إلى المجتمع بدلا من انتظاره في الصالات أمر ضروري ومدروس، والعمل على نشر اللعبة بين الشباب وكسب كل الطاقات المحلية المتاحة لاكتشاف المواهب منها، والعمل على تنميتها وتطويرها يكون بالعمل السليم وصولا إلى المنتخبات الوطنية، ومعسكراتها الدائمة ومشاركاتها الدولية المستمرة للبقاء ضمن الأجواء الدولية وكسر حواجز الرهبة وتلافي فوارق التحضير في لعبة يبدو أبطالها مظلومين، فالملاكم السوري منذ عشرات السنين لم يلعب مباراة خارجية على أرضه وأمام جمهوره..!
هذه حقيقة مرة ليس للاعبي الملاكمة فقط وإنما لمختلف ألعاب القوة في سورية، حيث يتمرنون بصبر وقوة وعزيمة داخل البلد، لكن كل مشاركاتهم ومبارياتهم الدولية تكون خارج الحدود..!
وكي لا أكون متحيزا لألعاب القوة من دون غيرها رغم قناعتي بأنها مظلومة إعلاميا وجماهيريا، فإني أؤكد أن الكلام يندرج على الألعاب الفردية، وخير دليل بطل الوثب العالي مجد الدين غزال الذي اعتلى منصة التتويج العالمية ومازال بعيداً عن أنظار الجماهير السورية، ويلعب ويتألق ويتوج في غربة عن وطنه وأهله وناسه، ولكن ماذا يمنع من إقامة لقاء استعراضي له في أحد إستادات الوطن، وليكن بين شوطي إحدى مباريات كرة القدم الجماهيرية، وكذلك الأمر لأبطالنا الدوليين في الملاكمة، فهل من تكريم لهم ضمن فعاليات الهواء الطلق، وهل من لقاء استعراضي لهم على هامش ذلك اللقاء؟
كل المبادرات ممكنة ومشكورة مادامت الخطوة الأساسية قد بدأت وفي الهواء الطلق.