رياضة

قبل ساعات من التصويت على مستضيف مونديال 2026 … رغم التفاؤل.. المغرب وضعها صعب في محاولتها الخامسة

| موسكو- محمود قرقورا

ستكون موسكو عاصمة كرة القدم على مدار شهر ونيف، وإذا كانت الأنظار مصوّبة نحو عرس الكرة العالمي الذي ينتظره جمهور المستديرة في العالم قاطبة مرة كل أربع سنوات وينطلق يوم الخميس، فإن العالم العربي يتطلع بشغف إلى كونغرس الفيفا الثامن والستين الذي يعقد غداً في موسكو للتصويت على منظم مونديال 2026، حيث تدور رحى الاستضافة في فلك ملفين متفاوتين من حيث الثقل الكروي والإمكانات المادية والبينية التحتية، والأهم من كل ذلك اللعبة الانتخابية واستمالة المصوتين وخاصة أن الكلمة الفصل هذه المرة للدول الأعضاء وليس للجنة التنفيذية للفيفا، والملفان المتبارزان هذه المرة هما: الملف المغربي، وملف أميركا الوسطى والشمالية المشترك بين المكسيك وأميركا وكندا.

محاولة خامسة
بعد التألق اللافت لمنتخب المغرب في مونديال 1986 وتصدره المجموعة السادسة على حساب ثلاثة منتخبات أوروبية هي إنكلترا والبرتغال وبولندا، بدأ التفكير الجدي عند الاتحاد المغربي الشقيق لخوض غمار هذه المعمعة، فترشح لاستضافة مونديال 1994 منافساً تشيلي والبرازيل والولايات المتحدة، فانسحبت تشيلي ونالت البرازيل صوتين مقابل 7 للمغرب و10 لأميركا.
وتقدمت مجدداً لاستضافة مونديال 1998 بصحبة فرنسا وألمانيا وإنكلترا وسويسرا، فانسحب الألمان والإنكليز مع سويسرا وبقي الأشقاء الذين نالوا 7 أصوات مقابل 12 لفرنسا.
وعام 2006 خاضت حرباً ضروساً أمام ألمانيا وإنكلترا وجنوب إفريقيا والبرازيل التي انسحبت وتوقفت مغامرة المغرب عند الجولة الثانية لتفوز ألمانيا بفارق صوت عن جنوب إفريقيا، وعام 2010 كانت الفرصة ذهبية للمغرب لأن التنظيم اقتصر على الأفارقة فنالت جنوب إفريقيا الشرف بموجب التصويت الأخير الذي نالت فيه 14 صوتاً مقابل 10 للمغرب، وها هو الاتحاد المغربي يخوض معركة التصويت للمرة الخامسة وسط توقعات ليست أفضل من سابقاتها.

تسويات ومصالح
المتابعون يعلمون علم اليقين حجم التسويات والمصالح حيال اختيار الدولة المنظمة لمعظم النسخ المونديالية والتأثير في الأصوات الانتخابية، فعندما يكون هافيلانج أعظم ديكتاتور في تاريخ الفيفا على رأس الهرم وتكتفي البرازيل بصوتين مع أن رئيس الاتحاد البرازيلي زوج ابنة هافيلانج، فهذا يؤكد أن رئيس الفيفا وقتها لم يكن يريد أن تنظم بلاده كأس العالم مقابل مصالحه الشخصية والوفاء بوعده لأميركا على خلفية الإسناد المشبوه للمكسيك 1986 عن غير وجه حق وإبعاد كولومبيا بناء على تقرير مفبرك من لجنة قامت بدورها على أكمل وجه، وكانت مهمتها دراسة إمكانية نجاح البطولة في كولومبيا فجاء الجواب بالنفي، وهذا بيّنه الكاتب البريطاني ديفيد يالوب في كتابه كيف سرقوا اللعبة؟
والعالم كله مقتنع أن قطر وصلت إلى مبتغاها عن طريق المال الذي كان كالمراهم في شراء الضمائر، وإلا فما معنى أن تسند الاستضافة لدولة لم تستطع التأهل لكأس العالم على حساب أستراليا والولايات المتحدة والملف المشترك بين كوريا الجنوبية واليابان الذي لم يكن منطقياً وهما اللتان استضافتا الحدث خلال القرن الحادي والعشرين.
ومازالت إنكلترا القادرة على تنظيم الحدث شهرياً غير مرضي عنها في الفيفا فخسرت التصويت لاستضافة 2018 ومن قبله 2006 بالضربة القاضية.

من عبق الماضي
رئيس الفيفا جول ريميه كان حكيماً عندما أسند الاستضافة الأولى لأورغواي رغم معارضة الأوروبيين الذين رأوا إقامتها خارج أوروبا إهانة لهم، بينما كان جول ريميه يهمه انطلاق الحدث بأي ثمن وبإمكانه إقناع الأوروبيين بالذهاب للشطر الآخر من الكرة الأرضية نحو بلد أحرز الذهب الأولمبي 1924 و1928، فكانت الولادة القيصرية للبطولة بفضل قرار ذكي.
وعام 1934 فازت إيطاليا بالاستضافة بعد انسحاب السويد ثم مالت الأصوات لفرنسا على حساب الأرجنتين وألمانيا، وربما لعبت جنسية رئيس الفيفا الدور المحوري في الاختيار وهذا أغضب الأرجنتين وجعلها تتمنع غير مرة عن المشاركة.
بعد الحرب العالمية الثانية وعودة رحى البطولة للدوران كان الهدف الأسمى لأركان القرار في الفيفا اختيار دول لم تتلطخ أيديها بالحرب العالمية، فاختيرت البرازيل 1950 وسويسرا بلد الحياد والسياحة والسويد بلد مسالم ومقر لجنة نوبل للسلام، ومن بعدها بدأت فصول المساومات والخيارات غير المقنعة، فتشيلي كسبت المعركة مع الأرجنتين 1962 وكأن الفيفا يؤدب الأرجنتين التي لم تكن مطواعاً يوماً ما لإمبراطورية كرة القدم.

ومادام الإنكليزي ستانلي راوس رئيس الفيفا فمن حق بلاده الاستضافة 1966 بفارق 7 أصوات عن ألمانيا التي أخذت ضمانات الاستضافة 1974 وانسحبت إسبانيا التي أخذت وعداً بالتنظيم 1982 وهذا ما حدث، وخسرت الأرجنتين المعركة لمصلحة المكسيك 1970 مع وعود صادقة للاستضافة الأرجنتينية 1978.
وضاعت على السوفييت الاستضافة بزمن يمكنهم الفوز بكأس العالم 1990 ففازت بالشرف إيطاليا، ودهاء هافيلانج جعل كوريا الجنوبية واليابان تتفقان على الاستضافة المضمونة.

محسومة
كلام كثير يدور وراء الكواليس هنا في روسيا عن أن قرار الاستضافة غداً محسوم بعكس ما ينشده الأشقاء المغاربة، كنوع من التسوية للكف عن فتح تحقيقات بشأن الاستضافة القطرية المقبلة، ويرى آخرون أنه من شبه المستحيل قيام مونديالين متتاليين في الوطن العربي، فيقول بشار السيد أحمد مدير تغطية كأس العالم في قناة rt الناطقة بالعربية:
الرغبة كبيرة لدى كل عربي في أن تستضيف دولتان عربيتان مونديالين متتاليين، والمغرب تمتلك الحظوظ المقبولة للفوز بالشرف، لكن هناك عوامل قد تحسم المسألة للطرف الآخر، وكلنا يتذكر تصريحات الرئيس الأميركي التي قد تؤثر في آراء المصوتين.

تفاؤل مغربي
الإعلامي الرياضي المغربي خليل فايد المشارك في برنامج كرة القدم لأجل الصداقة هذا العام قال في تصريح لـ«الوطن»:
أعين المغاربة كلها نحو موسكو ويعولون حكومة وشعباً على الخبرة المتراكمة في أكثر من مرة وآخرها 2010 التي ظلم فيها كثيراً الملف المغربي بشهادة الرئيس السابق للفيفا بلاتر الذي أكد في عدة تصريحات الانحياز لجنوب إفريقيا.
سنواجه ملفاً قوياً وبرأيي ملف المغرب قوي جداً هذه المرة لأن المصوتين الدول وليس اللجنة التنفيذية للفيفا ولذلك سيكون التصويت أكثر شفافية من المرات السابقة، من جهة أخرى علمت «الوطن» أن الاتحاد العربي السوري لكرة القدم سيصوت لصالح الأشقاء المغاربة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن