ثقافة وفن

تناول الأزمة ولم يوغل فيها … «وهم».. رصد حياة الناس وهمومهم ومشكلاتهم ضمن طابع بوليسي إنساني

| وائل العدس

شكل مسلسل «وهم» انعطافة حقيقية للكاتب سليمان عبد العزيز لأنه أخرجه من عباءة البيئة الشامية بعد جزأين من «باب الحارة»، ومسلسل «الأميمي»، وهذا العمل الثالث له مع المؤسسة.
العمل المؤلف من ثلاثين حلقة من إخراج محمد وقاف وإنتاج المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون وبطولة سلطان والأحمد وزهير رمضان وزهير عبد الكريم ورامز الأسود وعلاء قاسم وليليا الأطرش ويحيى بيازي وآمال سعد الدين وزيناتي قدسية وباسل حيدر ومأمون الفرخ وصفوح ميماس ومحمود خليلي ومروان أبو شاهين وطارق الصباغ وعبير شمس الدين ووضاح حلوم وميريانا معلولي وحازم زيدان وسهيل حداد وأحمد رافع ومازن عباس ورشا رستم ومايا فرح وفاتن شاهين ورشا حاضري وآخرين.
وتوزعت أماكن التصوير بين محافظتي دمشق واللاذقية، ومنها حي «القدم» جنوب العاصمة.
وحاول العمل تقديم شيء مرتبط حتماً بالأزمة بعيداً عن المجريات الحقيقية كحجم الدمار مثلاً، والثاني الاقتراب من الحالة الإنسانية من خلال تسليط الضوء على حياة الإنسان واستمراريتها رغم الألم والحزن، من دون إغفال بعض قصص الحب والعشق والغرام.

بلا تفاصيل
سعى الكاتب والمخرج إلى تقديم مسلسل يتناول الأزمة، من دون أن يوغل في تفاصيلها المؤلمة وحجم الدمار من خلال تناول حياة الناس وهمومهم ومشاكلهم ضمن طابع بوليسي إنساني.
أما محاور العمل فهي التي جعلت العمل يحمل اسم «وهم» والهجرة مثلاً بأن جزءاً من فكرتها وهم، وصدمت قسماً كبيراً من المهاجرين، كذلك الأمر بالنسبة لمحور الجريمة فلا أحد يقدم عليها إلا من يراها مكتملة ومن الوهم رؤيتها بكل تفاصيلها، إلى جانب الواقع الذي نعيشه اليوم والحالة التي وصلنا إليها، فأي مواطن سوري يعتبر أن بلدنا محصن ومهما كان سوداوياً فلن يتوقع أن يصل إلى ما آل إليه اليوم، فهذا الموضوع كان وهماً أيضاً.
جزء من الأحداث مستمد من الواقع والآخر من خيال الكاتب، على حين تجري ضمن حارة شعبية تضم جميع أطياف المجتمع السوري، والحامل الأساسي لها يرتكز على جريمة لضحيتين تترتب عليهما لاحقاً عدة جرائم، تتعقد وتصل إلى حبكات درامية ربما تكون غير متوقعة.
وبالعموم تحدث العمل عن المجتمع الدمشقي خلال عام 2015، بتسليط الضوء على الانعكاسات السلبية للأزمة، وخاصة على جيل الشباب الذي ضاعت معظم آماله وانعدمت فرص العمل لديه، وكيفية استثمار تجار الأزمة لهم بطرق متعددة، هذه الظاهرة التي تفشت في صفوف الشباب كأحد آثار المرحلة الحالية ومنعكساتها عليهم.

محاور أساسية
منذ حلقاته الأولى، سلط العمل الضوء على محاور أساسية ومهمة في حياة المجتمع، وتناول أسباب الهجرة التي يسعى إليها الشباب وما يقدمونه من أجل الخروج من الوطن وإن كان الثمن هو الموت.
أما المحور الأكثر تشويقاً فهو حكاية بوليسية تخللها شباب مهمش وعاطل من العمل أصبح لقمة سائغة في فم الانتهازيين، حتى باتوا ينفذون ما يؤمرون به من دون أدنى حس بالمسؤولية.
كما عرج أيضاً على خلية من إحدى خلايا المجتمع وهي تحاول استغلال الناس من أجل تحقيق طموحاتها السياسية والاقتصادية، لنرى كيف تتم عملية تزوير الانتخابات وكيف تتم عملية تشكيل القوائم الانتخابية التي تظهر للجمهور كأنها المنقذ والناطق الرسمي باسم الشعب المقهور، أما المضمون فهو خلبي لا يغني ولا يسمن من جوع.

دور مختلف
النجمة صفاء سلطان قدمت للمرة الأولى دور الفتاة الرومانسية التي تشبه ببعض تفاصيلها شخصيتها الحقيقية إلى حد ما، وأيضاً الدور مختلف وجديد حتى من ناحية الشكل.
شخصية «ريتا هلال»، الفتاة متعاقدة مع الأمن الجنائي، مختصة في البحث النفسي، ذكية، دقيقة الملاحظة، هادئة، تعيش حالة من اليأس لعدم قدرتها على فك لغز هذه الجريمة فتقرر اعتزال العمل.
وشكل العمل الثنائية الثالثة لكل من صفاء سلطان ومحمد الأحمد، وفيه تكون صفاء حبيبة الأحمد، على حين أدت في مسلسل «دومينو» دور خالته، وفي مسلسل «أحمر» دور شقيقته.
الأحمد قدم شخصية «بيان» المحقق في الأمن الجنائي وهو صاحب وجه جاف وقاسي الملامح ذي نظرات حادة قلقة تثير الريبة في من حولها يتميز بالهدوء والذكاء والجدية والصرامة والإخلاص في عمله كما أنه فخور بما وصل إليه بأنه المحقق الذي لا يعرف المستحيل ولا يقنع بعبارة «قيدت ضد مجهول».
صفاء وشقيقها المصور سلطان سلطان غنيا شارة المسلسل في أول تجربة لهما بغناء الشارات، وهي من تأليف وألحان إيهاب المرادني.

المواهب الشابة
يتضمن العمل شخصيات كثيرة جداً تصل إلى 95 شخصية، ويضم الكثير من المواهب الشابة، منهم على سبيل المثال طالبات في المعهد العالي للفنون المسرحية.
اختيار وجوه شابة وجديدة لا تمتلك حضوراً على الساحة الدرامية وإعطاؤهم أدواراً مهمة في العمل هو تحد كبير بهدف اختصار الوقت أمام هذه المواهب للظهور على الشاشة بدلاً من انتظار فرصة قد تتأخر حتى تأتي.
وقدم العمل ستة وجوه جديدة هي علا سعيد ورسل الحسين ونور علي وعلياء سعيد وزامل الزامل وسهير صالح، إضافة إلى عدد من المواهب الشابة مثل بلال مارتيني ويامن شقير ومحمد حسن وسامر الزلم وسيزار القاضي.
هذه الدفعة من الشباب الحيوي ستساهم بشكل مؤكد في تعديل المشهد الدرامي التلفزيوني وإزالة الصدأ في ظل تعدد شركات الإنتاج الخاصة، وهذه الطاقات الإبداعية الواعدة بدت مصرة على تأكيد حضورها في ظل حاجة المشهد الدرامي إلى ممثلين من مختلف الأعمار لإضافة روح جديدة إلى الشاشات.
هذه المواهب الشابة امتلكت القدرة على إثبات ذاتها وموهبتها وشد الأنظار والمشاعر إليها، وهي بحاجة دائماً لفرصة تستطيع من خلالها تقديم ذلك.
ويبدو أن سياسة استيعاب الوجوه الجديدة توجه ثابت لدى مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن