أي حل ينتظر شرقي الفرات؟
| ميسون يوسف
في غضون ساعات قليلة بدأت مفاعيل التوجه السوري حول الشمال الشرقي من البلاد بالظهور في مواقف واضحة صدرت عما يسمى «مجلس سورية الديمقراطية» الذي هو الواجهة السياسية لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية التي دعمتها الولايات المتحدة الأميركية للسيطرة على منطقة شرق الفرات من أجل التوطئة لتنفيذ المشروع الغربي الرامي إلى تقسيم سورية.
فقد أعلن ناطق باسم هذا المجلس عن استعداد مجلسه لحوار غير مشروط مع الحكومة المركزية الشرعية في دمشق من أجل الوصول إلى حل لموضوع منطقة شرق الفرات، في جواب واضح على ما قاله الرئيس بشار الأسد في مقابلته الأخيرة مع صحيفة «ميل أون صندي» بأنه بعد سيطرة الجيش العربي السوري على مساحات واسعة في البلاد «قسد» باتت «المشكلة الوحيدة المتبقية» أمام الحكومة وإن هناك خيارين للتعامل معها إما الحوار أو الخيار العسكري.
ويبدو أن الأحزاب الكردية تتجه إلى الخيار الأول وهو ما ترحب به دمشق مع استعدادها للذهاب للخيار العسكري غير المستبعد الذي قد تلجأ إليه قريبا في حال لم تبد المجموعات الكردية جدية في الحوار بشكل يعيد المنطقة إلى حضن الدولة.
هذا التطور وتلقف الأحزاب الكردية مبادرة دمشق بسرعة وموقفها من التدخل الأجنبي في سورية، أثار كما يبدو أميركا التي سارعت للعمل على خطوط متعددة لإجهاض خيار الحوار إذا فتح، أو خيار العمل العسكري إذا تم اللجوء إليه، حيث سجلت في الساعات الأخيرة جملة من السلوكيات قامت بها أميركا مباشرة أو عبر أدواتها من شأنها عرقلة المساعي السورية لاستكمال تحرير ما تبقى وإعادة الأمن والاستقرار لكل أرض سورية.
وفي سياق التصرف الأميركي العدواني هذا سجلت الهجمات التي نفذتها داعش بدعم واضح من أميركا والتي استهدفت المراكز العسكرية السورية بين دير الزور والبوكمال، وصحيح أن الجيش العربي السوري مع حلفائه سحق هذه الهجمات إلا أن مجرد تنفيذها وبدعم أميركي له معان لا يمكن غض النظر عنها أو تجاوزها.
من جهة أخرى تمارس أميركا بشكل فظ الضغوط على الأكراد من أجل الامتناع عن الدخول في حوار مع الحكومة السورية لأن أميركا ترى في حوار يفتح هنا من شأنه أن يعطل أو يجهض مسعاها ومخططها للتقسيم والبقاء في شرقي الفرات.
أما الأخطر مما سبق فهو ما سجلته روسيا عبر وكالات الاستعلام والأقمار الاصطناعية، والذي تمثل بقيام أميركا وتحديدا الوحدات الخاصة في الجيش الأميركي وباتكاء على ما يسمى «الجيش السوري الحر» بنقل أنابيب الكلور إلى منطقة دير الزور والتحضير لتمثيل مسرحية هجوم كيميائي جديدة تتخذها أميركا ذريعة لتوجيه ضربة عسكرية من شأنها منع الجيش العربي السوري من الانطلاق في الخيار العسكري لاستعادة شرقي الفرات.
إن منطقة شرقي الفرات باتت كما يبدو قيد التجاذب وعلى نار حامية بين قرار سوري بالتحرير وعدوان أميركي للاستمرار بالاحتلال والإبقاء على حالة الفصل أو الانفصال عن الدولة الأم، لكن سورية عازمة كما بات واضحاً على تثبيت وحدتها الإقليمية مهما كانت العوائق، والأيام الآتية ستحمل بالتأكيد تنفيذاً لهذا العزم.