تراجع كبير في إنتاج الثروة السمكية من 17 ألفاً إلى 7 آلاف طن سنوياً…زين الدين: مزارع بحرية جديدة وعودة سمكة الترويت إلى الحياة
محمود الصالح :
شهدت الثروة السمكية خلال السنوات الخمس الماضية تراجعا كبيراً بسبب خروج عدد كبير من مواقع تربية الأسماك من تحت سيطرة الدولة إلى سيطرة العصابات الإرهابية المسلحة على هذه المناطق ما أفقد البلاد أحد المصادر الغذائية المهمة وبشكل خاص في المحافظات التي يوجد فيها انهار وبحيرات في الجزيرة وريف حلب وحماة وحمص ودرعا ودمشق، واقتصرت مناطق الإنتاج الحالية على بعض المناطق الساحلية في اللاذقية وطرطوس. وكانت أكبر كمية في إنتاج الأسماك في عام 2007 حيث بلغت 17880 طناً، منها 3380 طن أسماك بحرية و8425 طناً من مزارع الأسماك الخاصة والحكومية ومن السدود والبحيرات والأنهار. كنا ننتج 6075 طناً، واستمرت هذه الكميات في الإنتاج سنوياً بشكل متقارب حتى انخفضت في عام 2011 إلى 7114 طناً، وبذلك نكون خسرنا أكثر من 10 آلاف طن سنوياً من الأسماك.
وإذا كانت هذه الأرقام لا تعبر عن حقيقة إنتاجنا من الأسماك سواء قبل الأزمة أو خلالها لأن هناك مواقع إنتاج كثيرة خارج إحصاء وزارة الزراعة وهذه الأرقام لا تسجل في المجموعات الإحصائية. وإذا كانت المزارع الحكومية تشكل الرافد الأساسي للأسواق بالأسماك فإن مزارع تربية الأسماك في القطاع الخاص كانت تتطور باستمرار في ضوء قوانين الاستثمار والتشجيع الاقتصادي في البلاد، وكان من المقرر إنشاء معامل تعليب الأسماك في الجزيرة من خلال إنتاج بحيرة الأسد ونهري الفرات والخابور، وكانت حينها أسعار الأسماك مناسبة لذوي الدخل المحدود حيث لم تكن تزيد الأسعار عن 150 ل.س للكغ من نوع الكرب وهو من أفضل أنواع الأسماك. وبالرغم من عمق الأزمة نعتقد أنه لابد من التعاون لحماية الثروة السمكية، وأن نتخذ كل الاستعدادات اللازمة لعودة تربية الثروة السمكية إلى سابق عهدها. ولمعرفة المزيد عن واقع الثروة السمكية تحدثنا إلى المدير العام لهيئة الثروة السمكية المهندس محمد زين الدين الذي قال: تراجع إنتاج الأسماك بشكل كبير خلال سنوات الأزمة من 17 ألف طن سنوياً إلى 7 آلاف طن وذلك بسبب خروج معظم مواقع إنتاج الهيئة من الإنتاج وخاصة في الرقة ودير الزور وإدلب والغاب والقنيطرة ودرعا وبقي لدينا مزارع الساحل ومركز أبحاث السن وسد 16 تشرين والأقفاص العائمة الوحيدة الآن. وكانت لدينا أكبر مزرعة على مستوى القطر في إنتاج الإصبعيات في الروج وفي قلعة المضيق وعين الطاقة كنا ننتج السمك العاشب والكارب والكارب الفضي. والآن نهدف إلى زراعة السدود والمسطحات المائية لزيادة الكثافة فيها لتكون مصدر عيش للمجتمع المحلي وهذا يؤدي إلى زيادة الإنتاج في كل سورية. وخروج المزارع والعبث في الثروة السمكية باستخدام المتفجرات والسموم والصعق الكهربائي في المناطق الساخنة وحتى الآمنة من بعض الخارجين على القانون، والصيد خلال فترة المنع (فترة تكاثر الأسماك) يؤدي إلى تدمير الثروة السمكية بشكل مرعب نتيجة قتل الأمات والبيوض وتخريب مواقع التفريخ ما يؤدي في النتيجة إلى انقراض الثروة السمكية. ونحن الآن نقوم بدور تنموي بزراعة السدود والمسطحات لهدفين إنتاجي وعلاجي وذلك بوضع أسماك ناضجة وملائمة مع البيئة المحلية وغالبا نزرع الكارب الإنتاجي أما الكارب العاشب والكارب الفضي فيزرع لهدفين إنتاجي وعلاجي لأنه يوفر اللحم وينقي المياه العذبة حيث يأكل هذا النوع الأعشاب وكذلك الأشنيات والعوالق من المياه العذبة ما يؤدي إلى تنقية المياه وقمنا بزراعة سد الباسل وسد 16 تشرين وسد بيت ريحان وهناك سبعة سدود زرعت بالإصبعيات ونقوم بالبحوث لتطوير إنتاج الأسماك البحرية للمرة الأولى في سورية لهدفين الأول إنتاجي والثاني بحثي وعلمي وتعليمي لطلاب الجامعات وكذلك لهدف استثماري لجذب رأس المال المحلي والعربي وبدا المشروع يعطي ثماره من خلال قيام 3 تراخيص لإنشاء مزارع أسماك بحرية. وهناك لدينا تجربة إنتاج أسماك المشط وحيد الجنس وهي إنتاجية فقط لزيادة الإنتاج في وحدة المساحة من 5 أطنان إلى 20 طناً في الهكتار الواحد وحققنا نتائج طيبة وعند اعتماد نتائج البحث سيتم إنتاج الإصبعيات وتوزيعها على القطاع الخاص لهدفين زيادة الإنتاج وحسن إدارة الموارد المائية وتخفيف الضغط على المياه الجوفية. وهناك مشروع إعادة إنتاج سمكة الترويت التي توقف إنتاجها منذ عام 1989 عندما خرج نبع الزبداني من الخدمة حيث كانت تنتج هناك وهذه السمكة تحتاج إلى مياه عذبة وباردة والآن وجدنا البديل في سدي 16 تشرين والسن والنتائج مبشرة وهذا النوع من الأسماك مطلوب للسوق بشكل كبير.
وتهدف الهيئة من خلال كل مشاريعها إلى زيادة متوسط نصيب الفرد السوري من الأسماك ليصل إلى المتوسط العربي ويبلغ متوسط نصيب الفرد السوري 800 غ سنوياً ومتوسط نصيب الفرد العربي 8 كغ سنوياً والعالمي 13كغ سنوياً والأوروبي 35 كغ سنوياً واليابان أعلى دولة في العالم ونصيب الفرد فيها 70 كغ سنوياً ونحن نعمل على مضاعفة إنتاجنا 8 مرات حتى نحسن نصيب الفرد. وهناك ارتفاع في تكاليف الإنتاج وصل إلى 600% وانخفاض الإنتاج 100%.
وأضاف: كل مشاريعنا ولدت من رحم الأزمة وهذا دليل على إصرار العاملين في الهيئة على تحقيق نتائج إيجابية. لكننا مهما فعلنا لا نستطيع وحدنا فعل شيء لأننا نحتاج إلى مساهمة المجتمع المحلي من خلال تطبيق القوانين الهادفة إلى حماية الثروة السمكية.