سورية

الخداع الأميركي يتواصل… وواشنطن حزينة

ليس غريباً على دولة مثل أميركا أن تتبع الكذب والمراوغة أسلوباً للوصول إلى أهدافها، فليس بالماضي البعيد ما فعلته الولايات المتحدة في العراق لتحقق مطامعها، عندما ادعت أن بغداد تمتلك أسلحة دمار شامل وتصوغ الخطة العدوانية تجاه بلد عربي ألحقت فيه الدمار والخراب وشردت الملايين من شعبه، والنتيجة… العراق ليس لديه أسلحة دمار شامل. وهذه المرة وبدموع التماسيح، أكدت وزارة الدفاع الأميركية أنها حريصة كل الحرص على حياة المدنيين السوريين أثناء قصفها تنظيم داعش في القرى والمدن السورية.
ويبدو أن عقدة عذاب الضمير لدى العسكريين الأميركيين، والتي عالجتها هوليوود في أفلامها عن فيتنام وأفغانستان والعراق، بدأت تظهر بشأن سورية أيضاً.
فمدير الشؤون الصحفية في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» جيف ديفيس، خرج ليؤكد للعالم أن «الطائرات الأميركية لم تستهدف المدنيين في أطمة السورية»، مشدداً على أن عملية القصف «دقيقة جداً»، ويتم تنفيذها بعناية شديدة عند تحديد الطيارين أهدافهم من دون المجازفة بضرب المدنيين ولو عن طريق الخطأ.
هذه التصريحات كانت تصدر دائماً بعد قصف الأعراس والمآتم والمناسبات الاجتماعية في أفغانستان والعراق، ومع ذلك لم تتمكن من إنقاذ آلاف أرواح الأطفال والنساء وكبار السن من الموت غدراً تحت أنقاض منازلهم وفي غرف نومهم. كما أعلن ديفيس، أن واشنطن تدرس التقارير التي تحدثت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى المدنيين جراء استهداف قوات التحالف مصنعاً للأسلحة في قرية أطمة بمحافظة إدلب السورية. أما المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية أليسا سميث، فقالت: «إننا نأخذ جميع التقارير المرتبطة بالضحايا غير المسلحين على محمل الجد، وندرس كل واحد منها حال اطلاعنا عليه أو استلامنا له»، وأن هناك «معايير صارمة في عملية استهداف داعش لتفادي أو تقليل الضحايا من المدنيين في المقام الأول».
من جانبه صرح المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية جون كيربي، بأن واشنطن تظل قلقة بشدة من أي تقرير يتعلق بالاستهداف المحتمل لضحايا مدنيين».
ثلاثة مسؤولين أميركيين يظهرون فجأة بعيون دامعة ليؤكدوا للعالم أن «الغاية تبرر الوسيلة»، وأنهم حريصون كل الحرص على حياة المدنيين العزل في سورية، في حين يتواصل سقوط المئات يومياً، وبالتالي من الصعب أن يتصور إنسان عاقل أن تبدأ حملة من هذا النوع على سبيل المصادفة أو تأنيب الضمير. وكل ما في الأمر أن «الائتلاف» المعارض، توجه إلى التحالف الدولي الذي تقوده أميركا بطلب «تفسير وتحقيق ومحاسبة»، حول استهداف قرية أطمة، حيث قتل الثلاثاء الماضي أكثر من 10 أشخاص، بينهم مدنيون في قصف جوي شنته طائرات تابعة للتحالف، استهدف مبنى كان يستخدم معملاً لتصنيع الأسلحة.
وبناء على طلب الائتلاف، هبت المؤسسات الأميركية لتكشف عن اهتمام غير مسبوق، وكأن دولة ذات سيادة تقدمت إلى مجلس الأمن الدولي بهذا الطلب. إن التعامل مع إحدى المجموعات المعارضة بهذا الاهتمام المفرط من دون احترام بقية المجموعات، وتجاهل كل مقررات ومواثيق الأمم المتحدة ومجلس الأمن، يعد سابقة خطيرة، لم تستطع جامعة الدول العربية نفسها الإقدام عليها، عندما دعت الدوحة في القمة العربية التي عقدت فيها منذ عامين إلى أن يشغل ممثل الائتلاف مقعد سورية في الجامعة.
لكن يبدو أن الولايات المتحدة التي تسمح لنفسها بقصف أي دولة في أي وقت ولأي سبب، لا تتوانى أيضاً عن التعامل مع مجموعات معارضة وأخرى مسلحة، وثالثة دينية متطرفة.
روسيا اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن