إسرائيل وحساباتها الخاسرة في البحرين المتوسط والأحمر
| تحسين الحلبي
منذ بداية هذا الصيف ازداد أسبوعاً تلو آخر عدد القطع البحرية العسكرية الأميركية والروسية في شرقي البحر المتوسط بشكل غير مسبوق في تاريخ الحرب الباردة السابقة وفي التاريخ الجديد لحرب باردة من نوع آخر في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية.. وقد ترافق هذا التطور مع تزايد النشاط العسكري للولايات المتحدة تحت حجة الحرب على داعش في شمال شرقي سورية واستهداف المواطنين السوريين في تلك المنطقة.. كما بدأ يترافق الآن مع تطورات متسارعة وجديدة في ساحة الحرب الأميركية- السعودية على اليمن وبشكل خاص تجاه مدينة وميناء الحديدة الاستراتيجية فالأنباء الرسمية لوكالة (تسنيم) الإيرانية ذكرت أن إيران حركت سفينتين حربيتين في 21 حزيران الجاري نحو منطقة خليج عدن إحداهما حاملة طائرات مروحية إيرانية وترافق ذلك من صد مجموعات أنصار الله والجيش اليمني المتحالف معها للهجوم السعودي الأميركي على مدينة الحديدة رغم كثافته وشراسته.
وإسرائيل تتابع كل هذه التطورات سواء عند البحر الأحمر وممراته أو في شرقي البحر المتوسط ففلسطين المحتلة وموقعها الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر في خليج إيلات وقرب العقبة جعل الكيان الإسرائيلي فيها ينشغل الآن بدور يخدم الاستراتيجية الأميركية الشاملة للشرق الأوسط والتحديات التي يتعرض لها بعد الانتصار السوري والعراقي على المجموعات الإرهابية في العام الماضي والعام الجاري.
ويذكر أن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (آي إن إس إس) (INSS) كان قد كشف في دراسة إستراتيجية أعدها (أودي ديكيل) العميد المتقاعد في الجيش الإسرائيلي والمسؤول السابق عن قسم التخطيط في هيئة الأركان أن من يحقق الانتصار في أربع معارك أساسية في المنطقة يشارك في رسم مستقبل الشرق الأوسط وسورية بشكل خاص وهي معركة (حلب) ومعركة (الموصل) ومعركة (الرقة) ومعركة (صنعاء).
ويبدو أن جدول العمل الرئيس الآن للولايات المتحدة وحلفائها يتجه نحو معركة صنعاء بعد أن تمكنت سورية والعراق من تحرير حلب والموصل وبعد أن اقتربت سورية من حسم مستقبل مدينة الرقة وإنهاء الحالة الشاذة لها في شمال سورية، لكن تحرك قطع بحرية روسية ضخمة إلى البحر الأبيض المتوسط حديثاً وأمام وجود حاملة طائرات أميركية ترافقها قطع بحرية أخرى أصبح يشكل وضعاً يشتبه فيه أن تسعى إدارة ترامب إلى استغلاله أمام تصد روسي علني لأي تصعيد عسكري أميركي أو ابتزاز سياسي لسورية وحلفائها في المنطقة.
ويرى عدد متزايد من المحللين الإسرائيليين أن القيادة الإسرائيلية تشعر أنها خسرت معظم أوراق لعبتها ضد سورية والعراق بفضل دولتين إحداهما إقليمية هي إيران وأخرى دولة كبرى صاعدة من جديد هي روسيا الاتحادية وأن كل تحرك عسكري بحري أو غير بحري لإحدى الدولتين أو كليهما يفرض على «إسرائيل» حسابات واستحقاقات تلحق الضرر بمصالحها في المنطقة.
وفي ظل هذه التطورات تكشف وكالة أنباء (بي بي سي) البريطانية بالانكليزية في 31 أيار أن «إسرائيل» تعد خطة لدق إسفين في العلاقات بين روسيا وإيران وهو ما أكده (أودي ديكيل) في دراسة إستراتيجية نشرها قبل أسبوعين في «معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» وطلب فيها من القيادة الإسرائيلية العمل على «دق إسفين» وهو نفس العبارة التي استخدمتها (بي بي سي) البريطانية بين سورية وإيران من جهة وبين روسيا وإيران من الجهة الأخرى بهدف إزالة الضغط الكبير الذي تحمله هذه العلاقات بين الأطراف الثلاثة على دور إسرائيل ومصالحها في المنطقة، ولذلك لابد أن تنظر القيادة الإسرائيلية بعين الخطورة لتحرك حاملة طائرات مروحية إيرانية باتجاه منطقة قريبة من البحر الأحمر الذي تتصاعد فيه الحرب على مطار وميناء مدينة الحديدة البحرية.