من دفتر الوطن

العرب والمونديال

| زياد حيدر

خسرت الفرق العربية الأربعة المشاركة في مونديال روسيا، وبعضها قدم أداء مشرفاً كمنتخب المغرب، وأخرى خرجت بحصيلة صفر من النقاط، كمصر، بينما كان لمنتخبي تونس والسعودية أداء متذبذب في المباريات التي لعباها. وتمايزت الفرق العربية ببعض المسائل، ولا سيما مستويات الاحتراف، التي تشكل المستوى الأعلى في المنتخب المغربي، تليها تونس ثم مصر وفي أسفل السلم السعودية.
ويختلف الاحتراف بين مصر والمغرب، فتتشكل صفوف المغربي من لاعبين جلهم مولود خارج المغرب، ممن تربوا وتعلموا وتدربوا في المدارس والنوادي الأوروبية، وصولا لتجاهلهم من منتخبات البلدان التي يحملون جنسيتها، ومن ثم انضمامهم لمنتخب بلد الأصل، ووفقا لتقرير أعدته صحيفة أجنبية في وقت سابق عن المنتخب فإن التدريبات التي كانت تحصل كانت تتم بثلاث لغات، هي الأمازيغية والعربية والفرنسية، إذ لا يتكلم كل اللاعبين اللغة ذاتها التي كما هو مفترض اللغة العربية. ووفقا للتقرير فإن بعض اللاعبين انضموا للمنتخب بناء على طلب أهاليهم، وتحت ضغطهم، والذي كان بالنسبة للأهل بمنزلة أمنية تحققت، برؤية ولدهم ابن الجيل الثالث ربما من المهاجرين يمثل الوطن الأم كرويا، بينما ربط البعض الآخر لعبه للمنتخب بالرغبة في تسجيل مباريات دولية في سجلات خبرته، وطبعا دون استثناء من فعل لأسباب وطنية صرفة.
من جهته شكل الاحتراف في المنتخب المصري وجها آخر، متمثلا بخروج اللاعبين من كنف الملاعب المصرية نحو الملاعب الدولية، من دون خيارات أخرى فعلية، أو جنسيات ثانية تمنحهم احتمالات جديدة. المقارنة بين المنتخبين، دون ادعاء الخبرة الرياضية الواسعة، ربما تفتح الأعين على أسباب وإمكانية تعليل تفاوت الأداء بين المنتخبين ومن ثم النتائج.
فعلى عكس المنتخب المصري، لعب المنتخب المغربي من دون ضغوط تذكر. فهو منتخب يضم محترفين، ولدوا وأسسوا حياتهم في الخارج، لا تتمثل لديهم المشاركة سوى بتجربة جديدة يريدون خوضها والنجاح فيها، بين إرضاء الوالدين والتحول لأبطال حتى في أنظار أبناء جلدتهم وفي مدنهم التي لا يعرفونها جيدا، وبين زيادة الخبرة والشهرة الأوسع والارتقاء بالدخل المادي تتراوح آمالهم فالتحدي ليس تحديا من النوع الذي درجت عليه العادة العربية، فليس هنالك عطايا منتظرة من الملك(رغم أنها متوقعة) ولا ثناءات من القيادة تحولهم لشخصيات فوقية، ولا استثناءات خاصة ستمنح لهم فوق القانون وتحته، ولا ضغوط عقابية محتملة من أحيائهم أو حتى من الدولة موجودة بشكل فعلي في أذهانهم.
لعبوا لأنفسهم وللجماهير ولبلدهم من باب التحدي، بشكل أساسي، لا يريدون غير حقوقهم التي تتضمنها العقود، وحريتهم في خياراتهم، متحررين بذلك من مؤسسات البلد وضغوطها وثقل مشاكلها كلها.
من ناحيته حمل المنتخب المصري مشاكل بلده لروسيا، ابتداء من محاولة شركات المنتفعين الدعاية لنفسها باستخدام اسم محمد صلاح من دون إذنه، وصولا للخلافات الداخلية داخل الاتحاد والمنتخب، مرورا بالحساسيات السياسية الخليجية والاقليمية، التي رغم بعدها عن مصر، رمت بسهامها نفسية المنتخب.
منذ أيام نقل عن أحد المسؤولين السعوديين قوله بعد خسارة بلاده، إن الحل هو باختيار جيل من الصغار، وإرسالهم لأوروبا للإعداد، لمدة عشر سنوات، قبل اعتمادهم لتمثيل بلادهم، وهذا اعتراف بأن الخلل في البيئة بشكل خاص، ولكن من دون أن يفند هذا المسؤول طبيعة الخلل ومكانه في هذه البيئة، وبالطبع مفهوم تجاهله لذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن