أغلبية المنازل يمكن ترميمها.. و20 بالمئة فقط طالها دمار شبه كامل … أهالي الجزء الجنوبي من حي التضامن يأملون في عودة سريعة
| الوطن
يأمل أهالي الجزء الجنوبي من «حي التضامن» الدمشقي بعودة سريعة إلى منازلهم، بعد أن أتعبهم التشرد والنزوح والفقر، عل ذلك يخفف عنهم شيئاً من مصاعب الحياة المعيشية، وخصوصاً منها إيجارات المنازل التي يعمد أغلبية أصحابها إلى استغلال المستأجرين.
وتمكن الجيش العربي السوري في أواخر أيار الماضي من دحر تنظيم داعش الإرهابي من منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك والجزء الجنوبي من حي التضامن في جنوبي العاصمة، بعد أن كان قبل ذلك قد طرد التنظيم من القسم الشرقي من حي القدم، لينهي بذلك ملف الوجود الإرهابي في العاصمة ومحيطها.
ومنذ استعادة الجيش لتلك المناطق والأحياء وتنظيفها من الألغام التي خلفها الإرهابيون، سمح للأهالي بتفقد منازلها بشكل يومي حتى الآن، وإخراج ما يجدونه من حاجيات وأثاث بعد أن نهب معظمها الإرهابيون.
وقامت «الوطن» بأكثر من جولة في الجزء الجنوبي من حي التضامن، واطلعت على الدمار والتخريب الذي تسبب به الإرهابيون سواء لناحية شبكات الكهرباء والمياه والهاتف أم لناحية منازل المواطنين.
ويعتبر «حي التضامن» العشوائي التابع إدارياً لمحافظة دمشق، بوابة العاصمة من الجهة الجنوبية والفاصلة بين المدينة وريفها، ويحده من الغرب مخيم اليرموك، وبلدتا ببيلا ويلدا من الشرق والجنوب على التوالي، أما من الشمال فمنطقتا الزاهرة ودف الشوك.
ويشكل الحي مثلث رأسه في الجنوب عند بلدة يلدا وقاعدته في الشمال عند منطقتي الزاهرة ودف الشوك.
وخلال الحرب التي تشن على سورية، بقي الجزء الشمالي من الحي الذي تقدر مساحته بأكثر من نصف مساحة الحي الكلية تحت سيطرة الدولة، على حين تمكن الإرهابيون في تشرين الثاني 2012 ومن المنضوين فيما ما يسمى «الجيش الحر» والقادمين من مناطق وبلدات الحجر الأسود وببيلا ويلدا والقدم والعسالي وسليخة، من اجتياح التضامن من الجهة الجنوبية والسيطرة على ذلك القسم والتنكيل بسكانه وممتلكاتهم وليشهد حركة نزوح كبيرة للأهالي إلى الأحياء المجاورة، وينتهي به المطاف بسيطرة تنظيم داعش الإرهابي عليه بعد سيطرته على مخيم اليرموك في ربيع 2015.
وخلال جولات «الوطن» في الجزء الجنوبي من الحي، لاحظت أن القسم الممتد من شارع فلسطين التابع لمخيم اليرموك غرباً وحتى الجادات المحاذية لمنطقة الطبب شرقاً، بمسافة تقدر بنحو 400 م، ومن ساحة النجوم شمالاً وحتى دوار فلسطين جنوباً بمسافة تصل إلى 500 م، طاله دمار جزئي ويمكن ترميم المنازل فيه، وتقدر مساحته بأكثر من نصف مساحة الجزء الجنوبي من الحي، على حين إن القسم الممتد من منطقة الطبب غرباً وحتى شارع دعبول شرقاً المحاذي لمنطقة سليخة التابعة إدارياً لبلدة ببيلا بمسافة تقدر بـ300 م، ومن شارع فرن «أبو تربة» شمالاً حتى قوس يلدا جنوباً بمسافة تقدر بـ400 م، كانت فيه نسبة الدمار أكبر.
وبذلك تقدر نسبة المنازل التي يمكن ترميمها في القسم الجنوبي فقط من الحي والواقعة في جزئه الغربي بأكثر من 60 بالمئة، على حين تصل نسبة المنازل التي طالها دمار شبه كامل وتقع في قسمه الشرقي إلى نحو 40 بالمئة، ما يعني أن نسبة الدمار شبه الكلي طالت ما يقارب 20 بالمئة من منازل الحي، على اعتبار أن القسم الشمالي من الحي الذي تقدر مساحته بأكثر من 60 من المساحة الكلية للحي كان تحت سيطرة الدولة ولم يطوله أضرار سوى أضرار القذائف التي كان الإرهابيون يطلقونها عليه، والحياة فيه طبيعية.
وكانت أعداد سكان الحي قبل بداية الأحداث في البلاد منتصف آذار 2011 تقدر بـ200 ألف يشكلون نسيجاً اجتماعياً متنوعاً، فسكانه ينحدرون من أغلب محافظات البلاد، وأغلبيتهم منخرطون في مؤسسات الدولة وعلى كل المستويات، ومن ضمنهم نسبة عالية من الحاصلين على شهادات جامعية، وقد عاش الجميع في ظل تكافل اجتماعي ومحبة كبيرة لعقود من الزمن.
وفي بداية الأزمة ظل الحي بمنأى عن الأحداث، باستثناء انخراط عدد قليل من الأشخاص بتظاهرات شغب كانت تخرج في الحجر الأسود ومنطقة سليخة.
ومع تطور الأحداث أصبح عشرات المتمردين من الحجر الأسود وسليخة يقدمون بمرافقة قلة قليلة من شبان الحي المنخرطة معهم ويخرجون في تظاهرات شغب ويحرضون الأهالي على المشاركة فيها، لكن الأهالي كانوا وعلى الدوام يرفضون ذلك لا بل في كثير من الأحيان كانوا يدخلون في سجال وأحياناً يتطور إلى عراك مع هؤلاء لرفضهم ما يقومون به.
وبعد تسلح المتمردين في مناطق مجاورة للحي وخصوصاً سليخة راح هؤلاء يقومون بين الفينة والأخرى بالتسلل إلى التضامن والاعتداء على الأهالي وممتلكاتهم ليقوم الجيش العربي السوري ولمرتين على التوالي في تلك الفترة بتخليص حي التضامن منهم.
وتحدثت «الوطن» إلى العديد من الأهالي وهم يتفقدون منازلهم في القسم الغربي من الجزء الجنوبي من الحي، وقال أحدهم بعد أن تحسر على ما شهده من تخريب في منزله من الإرهابيين وعمليات نهب طالت معظم محتوياته: «أتمنى أن نعود خلال فترة زمنية بسيطة إلى منازلنا. تعبنا جداً والحياة باتت صعبة للغاية، وعلى الأقل نتخلص من إيجارات المنازل التي قسمت ظهورنا».
مواطن آخر من سكان الحي، بدا التفاؤل يظهر على وجهه لعدم حصول أضرار كبيرة في بيته، قال: «ترميمات بسيطة بعدها يمكن للمنزل أن يصبح صالحاً للسكن، ولكن الأمر يحتاج إلى قرار حكومي بعودة الأهالي إلى منازلهم وإزالة الأنقاض من الشوارع وإعادة الخدمات من ماء وكهرباء.
بيد أن مواطناً يقع بيته في القسم الشرقي من الجزء الجنوبي من الحي، بدا التشاؤم يخيم على وجهه لأن بيته والبيوت المجاورة له طالها دمار كبير وتحتاج إلى عملية تشييد جديدة، ويقول والكلمات بالكاد تخرج من فمه: «أشكوهم لواحد أحد، حسبي اللـه ونعم الوكيل. لقد خربوا بيوت الناس. من لديه حالياً إمكانية لتشييد جديد لبيته»؟
وشكل سكان الجادات الواقعة في القسم الغربي من الجزء الجنوبي من الحي، الذي يمكن ترميم المنازل فيه من أصحابها وعلى نفقتهم لجنة للتواصل مع الجهات المعنية في الدولة بهدف السماح للأهالي بالعودة إلى منازلهم.
ويقول أحد سكان الحي ممن له تواصل مع اللجنة المؤلفة من خمسة أعضاء: «لقد قابلوا محافظ دمشق بشر الصبان من أجل السماح للأهالي بالعودة إلى بيوتهم غير المتضررة وتلك التي طالها ضرر بسيط»، موضحاً أنه تم توجيه اللجنة بتقديم طلبات من أجل إزالة الأنقاض، والسماح للأهالي بترميم منازلهم، وإعادة الخدمات إلى المنطقة.