قضايا وآراء

المسألة ليست مربعات… بل أجندات أميركية للإرهاب..!؟

عبد السلام حجاب : 

لا شك أن البحث جار عن صيغ لترجمة المزاج السياسي الدولي الذي يميل نحو حل سياسي للأزمة في سورية ترجمته السورية الواقعية مسار سياسي، جوهره محاربة الإرهاب، كأولوية كل سياسي يقرره السوريون بأنفسهم وبقيادة سورية من دون أي تدخل خارجي، وهو ما تتحرك باتجاهه جهود موسكو وطهران الحثيثة لوضع هذا المسار على سكته الصحيحة بعيداً عن سياسة المربعات المثيرة للجدل. وما تثيره من تفاؤل وتشاؤم.
وكان سبق للمبعوثين الدوليين عنان والإبراهيمي، أن سقطا في الفخ حين استسلما لتلك السياسة.
وبات منطقياً الاستنتاج بوضوح أن المسألة في حقيقتها ليست سياسة مربعات، رغم ما أفرزته من مفارقات وقطب مخفية لخلط السم بالدسم، بل في حقيقة الأجندات الأميركية لخط سير الإرهاب صعوداً أو هبوطاً ولتسميات مخادعة للإرهاب تنوعت بين متطرف ومعتدل وفقاً لموجبات إستراتيجية واشنطن لفرض التقسيم على سورية والمنطقة عبر سياسة مزدوجة المعايير يحددها بازار الانتخابات الرئاسية ومصالح الكيان الإسرائيلي في ضوء دوره الافتراضي الراهن واللاحق في سورية ومحور المقاومة وفي المنطقة.
وعليه فإن التساؤل المشروع هو هل خرج حكام المملكة الوهابية ومشيخة قطر والنظام في الأردن والعثماني السفاح أردوغان وفي مقدمة هؤلاء الكيان الإسرائيلي من المربع الأول للحرب التي تقودها واشنطن بأدوات إرهابية في سورية ومنذ بداياتها الأولى قبل نحو خمس سنوات، حتى يعودوا إليه.!؟
لعل من يقرأ بموضوعية سلوك واشنطن تجاه سورية خاصة والمنطقة عامة، يمكنه استطلاع أهدافه الحالية في عدة اتجاهات.
1 – انتظار مخادع لما يمكن أن تسفر عنه الجهود الروسية سواء في مسألة محاربة الإرهاب أو في التطورات الحاصلة على المسار السياسي لحل الأزمة في سورية رغم الاتصال الهاتفي الأخير بين الوزير لافروف ونظيره الأميركي كيري.
2 – إشاعة واشنطن مناخات من القلق مشوبة بالتحسب من الاتفاق النووي مع إيران لملاقاة تفاعلاته السياسية والميدانية بحيث تتحول إلى عائق يحد من حركة طهران السياسية باتجاه سورية والمنطقة والعالم وتعطيل مكاسب إيران الوطنية من الاتفاق!
3 – دفع التنسيق المطلوب من أطراف حلف الإرهاب مع الكيان الإسرائيلي إلى أقصى مدى ممكن، تأكيداً لما سبق أن أعلنه الرئيس أوباما بأنه أفضل من دافع عن أمن ومصالح الكيان الإسرائيلي!
4 – ترك حبل الإرهاب على غاربه، متاحاً مع تحكم عن بعد، للعثماني السفاح أردوغان كفرصة للمناورة لتحسين موقعه المضطرب عبر العبث السياسي والميداني، مثلما جاءت ترجمة لذلك تصريحات وزير خارجية آل سعود المهزوز، عالية السقوف في موسكو ضد سورية وقيادتها أمام الوزير لافروف الذي لم يخف امتعاضه وغضبه من وقاحة مراهق سياسي قادم من مملكة وهابية هاربة من التاريخ، وتعود للقرون الوسطى.!
والمؤكد أن أحداً لن يدهش أمام النفاق السياسي الممنهج وخداع سياسة المعايير المزدوجة الأميركية، ومن يستعد إعلان الرئيس أوباما بأن المعارضة السورية فانتازيا يدرك جيداً أنه للاستهلاك السياسي ولترميم حالة التخبط والارتباك وإلا فما كان راهن عليها واعتبرها أحد أدواته السياسية التي تخدم أجندات إستراتيجية واشنطن وما تخفيه ضد سورية كذلك لم يكن مستغرباً اعتبار من تسميهم «المعارضة المعتدلة المسلحة» بأنها فشلت فشلاً ذريعاً بعد تدقيق استخباري وتدريب في معسكرات خاصة أقيمت في تركيا والأردن والسعودية لتنفيذ أجندات أميركية بقدر ما جاءت بقصد التمويه على تلك الأجندات الإرهابية، ولن يتوقف عند المعاني الاستهلاكية المباشرة. ولاسيما أن واشنطن ليست في وارد انتهاج سياسات بعيدة المدى لا تتطابق مع إستراتيجية محددة ومكشوفة الأهداف لمن يقرأ، وهو ما أكدته تصريحات الكومندان اليسا سميث باسم البنتاغون الأميركي، إذ أعلنت عدم نية الإدارة الأميركية التخلي عن جهودها لتدريب من تطلق عليهم «المعارضة المسلحة المعتدلة» مؤكدة أن الالتزام قائم بحزم وفقاً للتدقيق اللازم «وهو ما تقوم به المخابرات الأميركية والإسرائيلية».
بطبيعة الحال، إن منهج البراغماتيه الأميركية وسلوك واشنطن السياسي المنافق الذي جرى اعتماده كسلوك لحلفها الإرهابي وأدواته، أصبحا معروفين ومفهومين لدى المواطن السوري وحلفائه وأصدقائه، ولن تبدل حقيقتها وما تخفيه من أجندات إرهابية، لعل أبرزها الدور الخبيث الذي تقوم به أميركا في تعطيل قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه ومصادر تمويله ولاسيما القرارات 2170 و2178 و2199. وبالتالي تعطيل ما تشكله هذه القرارات من محطة مهمة تختصر طريق المسار السياسي لحل الأزمة في سورية، وتساهم في إنجاح الجهود السياسية والدبلوماسية في هذا الاتجاه.
وليس بعيداً عن هذا التعطيل ما يخفيه من سياسة بأدوات إرهابية تنحو باتجاه فرض التقسيم، وتظهر على السوريين تصريحات لأسماء معارضة تقول إنها وطنية، يتم إطلاقها من هذا المنبر أو ذاك، لتأخذ وظيفة التبرير وشيطنة الحقائق والترويج لتصريحات ومواقف مملكة آل سعود الوهابية على حساب تضحيات السوريين ودمائهم وحقوقهم الوطنية السيادية في محاربة الإرهاب وبناء سورية المتجددة حتى أصبح وصفهم «معارضة مشفّرة» هو الأكثر دقة، أمام يقين راسخ بأن ما يقرره السوريون بإرادتهم وتضحياتهم الوطنية هو المسار الصحيح، وعليه فإن القافلة تسير رغم التحديات.
لقد أدرك السوريون منذ البداية، بقيادة الرئيس بشار الأسد، حجم المخطط التآمري الذي يحاك لسورية شعباً وأرضاً وتاريخاً ومستقبلاً، والدور الموكول للإرهاب تحقيقه في هذا المخطط، مهما تنوعت أسماؤه وتعددت أجنداته الطوباوية والظلامية التكفيرية الحاقدة، فكان الخيار الوطني للسوريين، جيشاً وشعباً، مقاومة المخطط وتحمل مسؤوليات المواجهة حتى هزيمته ودحره، مجسدين هذا الخيار في السياسة دفاعاً عن الحقوق والسيادة الوطنية في إطار مسار سياسي مبني على رؤية إستراتيجية لسورية المتجددة، حظيت بدعم الحلفاء والأصدقاء.
تؤكد صلابته وثباته ميدانياً، بطولات رجال الجيش العربي السوري، التي رسمت إرادتها الحاسمة ومفردات قاموسها الوطني مدارج بلوغ الانتصار الحاسم حيث تزول مربعات التمويه وتندحر أجندات الإرهاب الأميركي والمروجين له وإن غداً لناظره قريب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن