رياضة

بلجيكا منحت اللقب العالمي للقارة العجوز … الشياطين ثأروا من السامبا في قمة المونديال

| خالد عرنوس

في الليلة الليلاء سقط أبناء السامبا ضحية لسوء حظهم أمام فريق كبير أثبت بحق أنه مرشح أثير للمنافسة على اللقب، فقد حقق شياطين بلجيكا الحمر فوزاً تاريخياً على السيلساو البرازيلي بهدفين لهدف بعد مباراة ارتقت لتكون نهائياً حقيقياً للمونديال الروسي الذي لم يقدم مباريات كبيرة ليبعد أبناء بفاف وكولمانس آخر منافس لاتيني من ساحة نصف النهائي فأهدوا لقباً جديداً لأبناء القارة العجوز بعدما سبقهم جيرانهم الفرنسيون بإبعاد السيلستي الأورغوياني في أول مباريات دور الثمانية ليضرب الجاران الفرنسي والبلجيكي موعداً في أول لقاءي مربع الكبار على حين ظهر أمس طرفا المربع الذهبي عبر مواجهتين أوروبيتين خالصتين.

نهائي مثالي
لم يشهد المونديال الروسي بعد 58 مباراة الكثير من العروض فبدا في معظم مبارياته أقل من مستوى البطولة التي تمثل قمة أعراس الكرة العالمية مع بعض الاستثناءات القليلة جداً، وعلى بعد 6 مباريات متبقية من الحفل الروسي الصاخب لن يجد المراقبون والمحللون وحتى المشاهدون أفضل من قمة بلجيكا والبرازيل لتكون المباراة المثالية للنسخة 21 من المونديال.
فقد شاهدنا فريقين هما الأجمل تقريباً بين 32 منتخباً بدؤوا البطولة وتابعنا إثارة منقطعة النظير حتى الدقيقة الخامسة من الوقت البديل ورأينا ثلاثة أهداف وفرصاً كثيرة مهدرة وتألقاً لافتاً للحارسين ودفاعاً شرساً ومستميتاً للدفاع عن التقدم وحتى من الخاسر للعودة بالنتيجة ولم تخل المباراة كذلك من الفنيات الجميلة والمهارات التي يعشقها المتابعون فاستحقت وصف النهائي المبكر من دون جدال.

لا للسامبا
لم تكن ليلة السامبا بالتأكيد، فقد سيطر أصحاب اللباس الأصفر وسددوا كثيراً نحو مرمى منافسهم وحاولوا بكل الطرق الوصول إلى شباك كورتوا وإن كانت أغلبية كراتهم جاءت عقب التخلف بهدفين، لكن البداية كانت مثيرة، هجوم متبادل سريع حاول فيه كل طرف كسب السبق ولأن البرازيليين أهدروا كرتين داخل المربع ورد القائم كرة المدافع تياغو سيلفا فلابد أن تتلقى شباكهم الهدف أولاً في ليلة ظهر إصرار الطرفين على التسجيل، لم يكن الهدف الذي أكمله فرناندينيو (بالنيران الصديقة) من رأسية كومباني أول تهديد بلجيكي فقد سبقه إنذاران من بعيد الأول من دي بروين والآخر من الشاذلي.
الرد البرازيلي لم يتأخر بالطبع فقد تألق كورتوا بالتصدي لكرة وساعده الدفاع وبرع في التصدي لتسديدة كوتينيو وأبدع مرة ثالثة بكرة مارسيللو، ولم يستوعب أبناء تيتي درس اليابانيين بالمرتدات فمن إحداها سجل دي بروين الهدف الثاني على عكس المجريات إثر تسديدة بعيدة إلى الزاوية اليمنى لمرمى أليسون.
ولأن التراجع لم يكن سمة البرازيليين فقد حاولوا التقليص قبل انقضاء الشوط لكنهم اصطدموا بجدار اسمه كورتوا الذي رد آخر كرات كراتهم من كوتينيو، ومن تسديدة مباشرة بعيدة كاد يضيف دي بروين الهدف الثالث وينهي الأمور لكن أليسون تألق في إبعاد الكرة.

شوط مثالي ولكن؟!
لم ينتظر المدرب تيتي بداية الشوط الثاني فبين الشوطين دفع بفيرمينيو وأهدر خيسوس أولى الفرص الخطرة قبل أن يودع البطولة بدخول دوغلاس كوستا الذي أحدث توازناً على الجهة اليمنى وبدا مع رفاقه قريبين من التسجيل في عدد من الفرص إلا أن الدفاع الأحمر رفض ذلك وكاد هازارد يضاعف الغلة من تسديدة ذهبت جانبية.
مرر كوستا كرة عرضية طار لها كورتوا وأخرى بأحضانه وثالثة ردها الدفاع وفي توقيت كاد يكون مثالياً جاء الهدف البرازيلي المنتظر برأسية بديل ثالث هو أوغستو من كرة كوتينيو بعيداً عن متناول كورتوا، وعندها اشتعلت المباراة أكثر وحاول هازارد إضاعة الوقت بإيجابية مع رفاقه عبر المرتدات الخطرة ونجحوا.
وأهدر فيرمينيو على أبواب المرمى وسدد أوغستو بجانبه وأطاح كوتينيو بثالثة وفي الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع سدد نيمار أجمل كراته لكن كورتوا طار لها حارماً أبناء السامبا من التعادل قاطعاً تذاكر العودة لآخر ممثل من أميركا اللاتينية.

ليلة الشياطين
بالتأكيد لم يأت الفوز البلجيكي من فراغ ولم يكن ليسرقه وإن بدا كذلك رقمياً، فالشياطين الحمر قدموا أداء متوازناً على كل الجبهات بدءاً من الحارس كورتوا صاحب الأيادي البيضاء التي أهدت فريق بلاده بطاقة نصف النهائي بعد 36 عاماً وانتهاءً بدبابة الهجوم لوكاكو الذي كان بعبعاً للدفاعات البرازيلية فثأروا من خسارة جيل 2002 بالدور الثاني يومها، وبالطبع فإن الفضل الأكبر للمدرب روبرتو مارتينيز الذي أضاف لمسته الخاصة على تشكيلة البداية فقد أشرك فيلاييني والشاذلي وهي المرة الأولى التي يشاركان فيها كأساسيين، وذلك لإشغال ويليان للثاني ولقوته الجسدية ولحرمان الوسط البرازيلي من الكرات العالية للأول وقد نجح كلاهما في المهمة تماماً وخاصة فيلاييني الذي كان نجماً في المشاغبات والالتحامات بفضل طوله وطريقة لعبه القاسية.

أحزان وأفراح
تلك هي حال كرة القدم مع البرازيليين الذين رفضتهم اللعبة في هذه الليلة ومالت كفتها ناحية البلجيكيين الذين استحقوا بالنهاية أن يكونوا بين رباعي القمة، فالفريق الذي قهر أبناء السامبا بالطريقة التي تابعناها محترم من كل الجوانب، فقد قدم حتى الآن كرة جميلة وأثبت قوته الهجومية وحتى الدفاعية عندما لزم الأمر، ولعل أكثر الفرحين بعد أبناء المملكة الأوروبية الصغيرة جيرانهم الفرنسيون الذين سيواجهونهم في الدور القادم وكذلك جيرانهم الآخرون الألمان الذين ضمنوا عدم حصول السيلساو على نجمة سادسة والأمر ذاته للطليان.

أرقام ومقتطفات
– حقق المنتخب البلجيكي فوزه الخامس في البطولة وهي المرة الأولى التي يفعلها بتاريخه بالمونديال.
– بالمقابل خسر المنتخب البرازيلي للمرة الأولى رسمياً في عهد المدرب تيتي بعد 15 فوزاً و3 تعادلات علماً أن المرمى البرازيلي تلقى هدفين للمرة الأولى في عهده.
– سدد البرازيليون 27 مرة نحو المرمى وهو رقم قياسي بتاريخ المونديال (منذ اتباع لغة الإحصاء) مقابل 9 للبلجيكيين ومنها 9 مقابل 3 بين أخشاب المرمى، وتفوق البرازيليون بالاستحواذ بنسبة 58% وبالركنيات (8/4) أما الإنذارات فوزعت مناصفة بواقع مرتين لكل منهما.
– 14 هدفاً كانت كافية لأن يصبح المنتخب البلجيكي الأفضل هجوماً بالمونديال الحالي وهو رقم قياسي للشياطين الحمر الذين سجلوا 12 هدفاً من 7 مباريات في مونديال 1986.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن