رياضة

سلبياتها أكثر من إيجابياتها .. استخدام «الڤار» لم يكن نِعم القرار

| موسكو – أيمن جاده

من جديد أود أن أؤكد هنا أنني من أشد أنصار التكنولوجيا الحديثة في كرة القدم وتحكيمها، بل في مناحي الحياة كافة، وأتصور أن الكثيرين يشاطرونني الرأي وأن مثل هذا الموقف لا يستدعي الكثير من التبرير مع تزايد سرعة اللعب واللعبة، وتطور مهارات اللاعبين وخطط المدربين، بحيث أصبح من الصعب على حكم الساحة وحده مهما كانت لياقته البدنية عالية ودقة تركيزه مرتفعة أن يواكب كل تفاصيل المباراة ويتخذ فيها كل القرارات على نحو صائب.
وإذا كان استخدام تقنية خط المرمى لإثبات صحة الهدف من عدمها قد آتى أكله، لأنه استخدام يشبه ما يجري في التنس مع عين الصقر، فإما الكرة على هذا الجانب من الخط أو ذاك، وإما أنها تلامسه.. فإن تقنية الڤار تبدو ضرورية لحسم القرار في بعض الحالات المثيرة للجدل خصوصاً داخل منطقة الجزاء حيث تقع معظم الخلافات ومن حيث تأتي معظم الاعتراضات، ولكن كما لاحظنا في ملاعب روسيا فإن تقنية «الڤار» أضافت المزيد من الخلاف والمزيد من الجدل فأصبحت هي المشكلة بدل أن تكون الحل، وكان يجب إنضاج طريقة استخدام هذه التقنية قبل الزج بها في كأس العالم، والدليل على أن هذا لم يحدث بعد، هو أن الأوروبيين لا ينوون تطبيقها بعد كأس العالم وكذلك الآسيويون وربما بقية القارات أيضاً وهذا عكس المفترض.. أي أن تطبق التقنية أولا في كل البطولات قبل أن يقع تعميمها على مستوى أهم بطولة في العالم!
وأبرز الملاحظات التي تتصل بالڤار هي باختصار ما يلي:
١- يجب ألا يقتصر القرار في اللجوء إليها على طاقم الحكام فقط، بل يجب إعطاء الحق في طلب ذلك للفريقين أيضاً لرفع الإحساس بالظلم والتأكد من حصول كل ذي حق على حقه، ومن الممكن أن يُمنح كل فريق فرصة واحدة في كل شوط لطلب ذلك عن طريق إشارة معينة من قائد الفريق إلى حكم المباراة، ومع استخدام طاقم التحكيم لهذه التقنية بمعدل مرة كل شوط يصبح الحد الأقصى لاستخدامها ثلاث مرات في الشوط الواحد.
٢- لابد من استخدام فنيي فيديو وغرافيكس محترفين للمساعدة على توضيح الحالة وفي سرعة تنفيذها.
٣- من المستحسن أن يكون طاقم «الڤار» من الحكام المتقاعدين القادرين على أداء هذه المهمة وليس من الحكام العاملين حالياً لعدة أسباب يضيق المجال عن ذكرها.
٤- يجب تعميم استخدام «الڤار» على كل أرجاء الملعب ومختلف الحالات بما فيها التسلل والتمثيل وغير ذلك..
٥- يجب عرض الحالات على شاشة الملعب الكبيرة لكي يراها ويفهمها الجميع ولا بأس من تزويد الحكم بمايكروفون على غرار حكام كرة القدم الأميركية ليعلن للجميع لاعبين وجمهوراً وإعلاميين عن تحليل الحالة ورأيه فيها وقراره النهائي بكل جرأة وشفافية.. في حين ذهابه حالياً إلى ما يشبه المكان السري للمشاهدة بعيداً عن عيون اللاعبين ومتفرجي الملعب كما لو كان الأمر سراً في حين ملايين المشاهدين عبر التلفزيون يشاهدونها هو إجراء لا معنى له.
٦- يجب تعديل القانون بما يقلل نسبة الاجتهاد الشخصي والتقدير البشري المطلوب من الحكام، فعلى سبيل المثال أرى إلغاء عبارة اللمس غير المقصود والمعاقبة على كل لمسة يد داخل منطقة الجزاء بركلة جزاء لكي ينتهي هذا الجدل الأزلي.
٧- يجب محاولة توحيد وتقريب قرارات الحكام، فمن غير المعقول أن يمنح الحكم بمساعدة «الڤار» ركلة جزاء لإيران ضد البرتغال معتبراً وجود لمس مقصود.. ثم بعد ٢٤ ساعة يحجب حكم آخر ركلة جزاء عن نيجيريا أمام الأرجنتين لحالة مشابهة بل أكثر وضوحاً من سابقتها..
لقد كان واضحاً للجميع أن «الڤار» وكأنما تم إدخاله لمساعدة المنتخبات الكبيرة أو أن هذا الإحساس على الأقل هو ما وصل للأغلبية، وأن الإعادة بالڤيديو لم تثن بعض الحكام عن قرار مسبق ربما يكون استقر في نفوسهم أو أهوائهم، كما فعل الكولومبي مع ركلة الجزاء السعودية الثانية ضد مصر.. وبعد كأس العالم في روسيا ٢٠١٨ وكل ما سببه «الڤار» من جدل وإرهاصات سيبقى الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام السؤال الكبير: هل إن هذه التقنية تمثل مستقبل التحكيم، أم إن «الڤار» سيكون كما كانت الڤوڤوزيلا في جنوب إفريقيا، مظهراً يظهر قليلاً في بطولة واحدة ثم ينتهي بانتهائها ويدخل غياهب النسيان!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن