رياضة

كرة القدم تعطي من يعطيها والأسماء وحدها لا تكفي

| مهند الحسني

أثبتت بطولة كأس العالم التي وصلت دور نصف النهائي بنسختها الحادية والعشرين أنه لا مكان للأسماء الكبيرة والمجد يسطره المخلصون لها، والذين يعطونها حقها بكل نقطة عرق ودون التطلع لأمجاد شخصية وسمعة فردية، فهاهما رونالدو وميسي اللذان شغلا العالم لعقد كامل خرجا من المولد الروسي بلا حمص أو حتى كلمة ثناء وسبقهما الهداف ليفاندوفسكي وغيره ولحق بهم آخرون لتثبت كرة القدم من جديد أنها لعبة جماعية أكثر منها فردية وإبداعات النجوم الخاصة لم تكن لتحصل لولا العمل الجماعي للآخرين بدءاً من الحارس الذي يذود عن مرماه وانتهاءً بالزميل الذي يمرر أو ينهي الهجمات أو ذلك الذي يقطع كرة من المنافسين.

أمثلة حاضرة
شغل ميسي ورونالدو العالم أجمع حول نجوميتهما الاستثنائية على مدار عقد كامل، ولا زالا لكنهما حصدا فشلاً ذريعاً في البطولات الكبرى، ولا يأتي أحد ليقول إن ميسي حقق لقبين أولمبيين، وأن رونالدو توج باللقب الأوروبي فهما لم يقدما خلال هذه المسابقات ما يؤكد نجوميتهما، فالبرغوث الأرجنتيني كان زهرة ضمن بوتقة الألبيسيلستي الفائزة بذهبيتي أثينا 2004 وبكين 2008 والتي ضمت تيفيز وأغويرو وماسكيرانو ودي ماريا، والقائمة تطول لتشمل قرابة ثلاثين لاعباً في الدورتين.
بدوره رونالدو سجل 3 أهداف مع منتخب البرتغال في يورو 2016 فعادل رقماً تاريخياً للفرنسي بلاتيني بوصوله إلى 9 أهداف بتاريخ البطولة لكنه لم يكن ذلك النجم الحاسم عندما صعد ورفاقه ليتسلموا الكأس في العاصمة باريس بل إنه لم يكمل المباراة النهائية يومها، والتي أنهاها رفاقه بهدف بعد التمديد والفضل الأكبر في هذا اللقب اليتيم في تاريخ البرتغال للمدرب سانتوس وتشكيلته الدفاعية القوية والحارس باتريسيو الذي كان الوجه الأكثر إضاءة في ليالي اليورو.
وهاهو ليفاندوفسكي الهداف الرائع مع بايرن ميونيخ والذي كان حديث سوق الانتقالات لمواسم عديدة يفشل بوضع بصمة على مشوار منتخب بولندا بل فشل حتى بتسجيل أي هدف فتاه وسط الزحام وكان خروجه من الدور الأول منطقياً وإن كان لا يتحمل وزر النتائج السلبية وحده فلم يجد من يصفق معه.

الصفر المونديالي
لقد استحق رونالدو وميسي العلامة (صفر) طوال مشاركاتهما على مدار أربع نسخ من العرس العالمي، ولا يمكن وصف مشوارهما في المونديال سوى بكلمة (فاشل) على الرغم من أن ليونيل كان أنجح قليلاً إذا ما اعتبرنا وصوله نهائي مونديال 2014 إنجازاً، وبالمقابل فقد وصل رونالدو (اليافع) مع البرتغال إلى نصف النهائي بمونديال 2006.
وعدا ذلك فقد خرج رونالدو من الدور الثاني لمونديالي 2010 و2018 ومن الدور الأول لمونديال 2014، في حين ميسي خرج من ربع النهائي في مونديالي 2006 و2010 وهاهو ودع المونديال الروسي ليسجل مع (الدون) مفارقة خروجهما من الكرنفال الروسي في ليلة واحدة، وحتى على صعيد التسجيل فقد وصل رونالدو إلى 7 أهداف خلال 18 مباراة على حين اكتفى ميسي بـ6 أهداف في 19 مباراة وهما رقمان ضئيلان جداً بالنسبة لهداف الليغا التاريخي وطبعاً بالنسبة لهداف دور الأبطال التاريخي أيضاً.

قد يقول قائل إن مارادونا (بجلالة قدره) لم يسجل أكثر من 8 أهداف في 22 مباراة، فيكفيه فخراً أنه توج باللقب عام 1986 وبمجهود خرافي قدمه على مدار البطولة حتى إن الكثيرين يطلقون على تلك البطولة (مونديال مارداونا)، ومثله كثيرون لم يسجلوا الكثير من الأهداف لكنهم بصموا بقوة في البطولات التي شاركوا فيها والأمثلة كثيرة جداً.
ومن المؤكد أن البولندي ليفاندوفسكي ينطبق عليه هذا الكلام فلم يبصم خلال مسيرته التي رافقت توقيت تألق النجمين الكبيرين لكنه غاب في المناسبات الكبرى مع فارق المستوى والاسم عندما يتعلق الأمر بمنتخب بولندا الذي لا يقارن بالأرجنتين مونديالياً ولا بالبرتغال أوروبياً.

لا مكان للنجم الواحد
وهذه المقارنة تقودنا مباشرة إلى النجم السويدي المعتزل (المعزول) دولياً زلاتان إبراهيموفيتش والذي تألق أينما لعب مع الأندية، من هولندا إلى إيطاليا ثم إسبانيا وحتى في إنكلترا إلا أنه لم يقدم شيئاً مع الفايكنغ اللهم سوى هدف أو هدفين للذكرى في البطولة الأوروبية، وها نحن تابعنا كيف ظهر المنتخب السويدي في المونديال الحالي دون إيبرا (ساحر الأهداف) ويحسب للمدرب أنه رفض عودته إلى الفريق فظهر الفريق كشعلة متكاملة دون نجومية منفردة فحقق نتائج يمكن وصفها بالكبيرة.
بالنهاية لا يمكن للاعب مهما بلغت نجوميته أن يصنع تألق فريق ولا أن يأتي ببطولة أو لقب بمفرده لكن هناك منتخبات تصنع نجومية اللاعبين بفضل ما يقدمونه من عمل جماعي وحينها تكون المهارات الفردية لنجم ما بمكانة البهارات التي تضيف النكهة اللذيذة فتعطي مذاقاً أشهى لوجبة كروية متكاملة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن