المباريات النهائية لبطولات كأس العالم … العزف المنفرد برازيلي والحضور الأكثر ألماني … بلقولة أحد العرب المغرّدين وزيدان أول الكباتن المطرودين
| محمود قرقورا
العيون ترنو بقلوب وجلة إلى نهائي المونديال، فإما دموع الحزن وإما لحظات الفرح العارم، ونهايات العرس المونديالي العشرون أتت مختلفة الأشكال والألوان وفي معمعة الصراع اللاتيني – الأوروبي دانت الغلبة للأوروبيين بأحد عشر لقباً مقابل تسعة بعد هيمنة أوروبية في ثلاثة ألقاب متتالية كحالة استثنائية.
البرازيل الأكثر تتويجاً وألمانيا الأكثر وصولاً إلى النهائي.
منتخبات المجر وتشيكوسلوفاكيا وهولندا اقتربت من ملامسة اللقب الذي ظل بعيداً في مناسبتين للأولى والثانية وثلاث للثالثة.
أصحاب الأرض تأهلوا للنهائي ثماني مرات وفي ست منها وصل هدير المدرجات إلى أعلى مداه على حين خسروا مرتين، إحداهما على مبدأ أمور لا تصدق 1950 وثانيهما كنتاج طبيعي لمنتخب وجد أفضل منه داخل المستطيل الأخضر 1958.
النهائيات عرفت نجوماً توّجوا فاستحقوا التاج الملكي كبيليه ومارادونا والقيصر بيكنباور والسير الدفاعي والهجومي مور وتشارلتون إضافة إلى مياتزا وبوفون وكاسياس وغيرهم، كما عرفت نجوماً افتقد سجلهم للقب المونديالي الذي ظل غصة في حلوقهم وجرحاً نازفاً في قلوبهم أمثال كرويف وبوشكاش ورومينيغه وميسي.
سُجل في المباريات النهائية العشرين 71 (بما فيها مباراة البرازيل والأورغواي 1950 التي لم تبرمج على أنها نهائي) والأكثر تسجيلاً البرازيل بـ15 هدفاً ثم ألمانيا بـ12 فإيطاليا بـ11 فالأرجنتين بـ8 أهداف ثم الأورغواي بـ6 فالمجر وإنكلترا وفرنسا بـ4 فتشيكوسلوفاكيا والسويد وهولندا بهدفين وإسبانيا بهدف.
وتلقت ألمانيا 15 هدفاً والبرازيل وإيطاليا والأرجنتين 9 أهداف والمجر 7 وهولندا 6 والسويد وتشيكوسلوفاكيا 5 والأورغواي 3 وإنكلترا 2 وفرنسا هدفاً.
حقائق
في النهائي الأول 1930 التقى منتخبان من قارة أميركا اللاتينية وهذا لم يحدث ثانية إذا اعتبرنا أن مونديال 1950 لم تبرمج فيه مباراة نهائية، كما أن الأورغواي قلبت تأخرها في الشوط الأول إلى فوز وهذا لم يتكرر في أي نهائي آخر.
وقاد الأرجنتين مدربان أحدهما تراموتولا بعمر 27 عاماً و282 يوماً ليكون أصغر مدرب بتاريخ كأس العالم والمباريات النهائية.
وفي النهائي الثاني 1934 بقي اللقب بخزائن أصحاب الأرض بعد وقت إضافي هو الأول في النهائي، وشهدت المباراة مشاركة الأرجنتيني الأصل مونتي مع الآزوري ليكون اللاعب الوحيد الذي يلعب النهائي مع منتخبين مختلفين.
وعام 1938 بات المدرب الإيطالي فيتوريو بوزو الوحيد الذي احتفظ باللقب بل الوحيد الذي فاز باللقب مرتين، وكذلك انفرد الإيطاليان مياتزا وفيراري بكونهما الأوروبيين الوحيدين اللذين فازا باللقب مرتين، وكانت المباراة بين إيطاليا والمجر 1938 الأقل من ناحية الحضور الجماهيري بين كل النهائيات بواقع 45 ألف متفرج.
مفاجآت
وعام 1950 سحبت الأورغواي اللقب من فم البرازيل وتلك المباراة إحدى ثلاث مباريات تبدأ فيهما البرازيل التسجيل وتخرج خاسرة في 104 مباريات، كما كان النهائي الوحيد الذي حُسم بطريقة الدوري والمصادفة وحدها جعلت اللقاء نهائياً، والمهم للأورغواي أنها توجت للمرة الثانية في مشاركتها الثانية في المباراة الأكثر حضوراً على مر تاريخ المونديال بواقع 174 ألف متفرج والمهم للحكم الإنكليزي رايدر أنه أول من قاد أول وآخر مباراة في مونديال واحد.
وعام 1954 باتت المجر أول منتخب يتقدم بهدفين ويخرج خاسراً والمباراة اعتبرت مفاجأة المفاجآت نظراً لقوة المنتخب المجري في تلك الحقبة أولاً وفوزه في الدور الأول على ألمانيا 8/3 ثانياً، ولا ننسى أن المجر أول منتخب يهزم في النهائي بخطأ تحكيمي جسيم إذ ألغى الإنكليزي لينغ هدفاً لبوشكاش بداعي التسلل غير المثبت.
عهد البرازيل
على الأراضي السويدية 1958 تمكنت البرازيل من الفوز باللقب على حساب أصحاب الأرض وتلك كانت المرة الوحيدة التي تخسر فيها أوروبا اللقب على أرضها والنهائي هو الأكثر تسجيلاً بسبعة أهداف أجملها بقدم الجوهرة السوداء بيليه الذي اعتبر ذاك المونديال الولادة الحقيقية له.
وإذا كان بيليه المسجل الأصغر في النهائي فإن السويدي ليدهولم المسجل الأكبر بـ35 عاماً و263 يوماً، كما أن منتخب البرازيل هو الوحيد الذي سجل خمسة أهداف في النهائي.
وفي تشيلي 1962 كان العالم كله يهاب السحرة الذين استمروا أبطالاً وأمست تشيكوسلوفاكيا المهزومة في النهائي ثاني دولة تخسر النهائي مرتين بعد المجر، وخلد التاريخ الحارس البرازيلي جلمار الذي توج للمرة الثانية وهذا لم يبلغه حارس آخر، كما خلد البرازيلي الآخر فافا لأنه الوحيد الذي سجل في نهائيين متتاليين.
وعام 1966 هُيئت الظروف لتعانق إنكلترا اللقب وكان لها ذلك بفضل هاتريك استثنائي وحيد في المباريات النهائية في مرمى ألمانيا الغربية بطله هيرست، واحتاجت إنكلترا إلى وقت إضافي وتعاطف تحكيمي من خلال تثبيت هدف لم تثبته كاميرات الإعادة.
وعام 1970 عاد بيليه الذي أصيب بخيبة أمل في المونديال السابق ليختم مسيرته أجمل ما يكون عندما انفرد بكونه الوحيد الذي فاز بثلاث كؤوس عالمية والوحيد الذي سجل في نهائيين يفصل بينهما 12 عاماً، وبالتالي احتفظ منتخبه بالكأس القديمة للأبد، وأصبح زاغالو أول من يفوز باللقب لاعباً ومدرباً والنتيجة 4/1 لم تتكرر في نهائي آخر، وشهدت المباراة التبديل الأول في المباريات النهائية من خلال خروج الإيطالي برتيني ودخول جوليانو في الدقيقة 74.
ألمانيا والنهائي
الكأس الجديدة عرفت عشقاً ألمانيا لبلوغ النهائي فعلى الأراضي الألمانية 1974 استفاد القيصر وزملاؤه من عاملي الأرض والجمهور ليتغلبا على المنتخب القوي جداً هولندا، وشهدت المباراة ضربة الجزاء الأولى في النهائي جاء منها الهدف الأسرع ولمن غاب عن باله نذكر أنه النهائي الوحيد الذي حسم بنتيجة الشوط الاول.
وعام 1978 استفاد الأرجنتينيون من عاملي الأرض والجمهور أيضاً لإيقاف مد المنتخب البرتقالي القوي الذي أمسى ثالث منتخب يخسر اللقب مرتين والأول بشكل متتال، وعرفت المباراة تسجيل نانينغا كأول بديل يسجل في المباريات التتويجية.
وفي المونديال الجميل 1982 تربعت إيطاليا على حساب ألمانيا في مباراة كان كل منهما يمني النفس بوضع نجمة ثالثة على صدره، وشهدت المباراة التبديل الأسرع في النهائي بخروج الإيطالي غرازياني ودخول التوبيللي بعد سبع دقائق وهو الوحيد الذي دخل بديلاً في النهائي ثم استبدل، وعرفت المباراة أول ركلة جزاء مهدرة في النهائي بددها الإيطالي كابريني، وللمهتمين فإن ألمانيا الخاسر الوحيد الذي يختتم الأهداف في المباريات النهائية.
وفي نهائي 1986 حاول الألمان مجاراة الأرجنتين ولكن الغلبة دانت للمنتخب الأفضل فحزن رومينيغه لكونه الكابتن الوحيد الذي خسر النهائي مرتين، علماً أنه لم يسبق لكابتن أن حمل الكأس مرتين، ولوحظ أن النتيجة 3/2 تكررت للمرة الثانية ولكن المنتخب الذي خرج فائزاً بها أول مرة خسر هذه المرة، وشهدت المباراة مشاركة الأرجنتيني تروبياني بديلاً من بورتشاغا في الدقيقة الأخيرة كأقل مشاركة للاعب فائز باللقب.
ولأن الثالثة ثابتة لم تهدر ألمانيا فرصة وضع النجمة الثالثة 1990 معادلة البرازيل وإيطاليا فتفوقت بضربة جزاء مثيرة للجدل على الأرجنتين، وحضر اللون الأحمر للمرة الأولى بطرد الأرجنتينيين مونزون وديزوتي، وللعلم فإنه لم يسبق لمنتخبين أن تواجها في النهائي مرتين متتاليتين سوى ألمانيا والأرجنتين وللعلم أيضاً فإن نهائي مونديال 1990 كان الأول الذي يشهد التسجيل من طرف واحد وأصبح بيكنباور ثاني المتوّجين لاعباً ومدرباً والأول قائداً ومدرباً.
النجمة الرابعة
في أميركا 1994 شاءت الأقدار أن تكون مواجهة البرازيل وإيطاليا من أجل نجمة رابعة كما كان عليه الحال قبل 24 عاماً من أجل نجمة ثالثة، والابتسامة كانت برازيلية من بوابة ركلات الترجيح التي حضرت للمرة الأولى في النهائي، ولا ننسى أنه النهائي الوحيد الذي صمتت فيه الشباك، كما كانت المباراة الوحيدة التي أخفقت فيها البرازيل في التسجيل خلال 120 دقيقة وهو آخر نهائي ينتهي في الوقت الأصلي حتى الساعة.
وعام 1998 عبّر النابغة الزيداني عن وجوده أجمل ما يكون التعبير فكان له دور بارز بقيادة الديوك للقب الوحيد، وبالنسبة للعرب كان لهم حضورهم من خلال المغربي الراحل سعيد بلقولة الذي قاد اللقاء بنجاح تام كنهاية مثالية للحكام العرب الذين اعتبر مونديال فرنسا مونديالهم، وللعلم فإن النتيجة 3/صفر لم تحدث في نهائي آخر.
إنجاز كافو
نهائي 2002 هو آخر نهائي ينتهي خلال الدقائق التسعين، وفيه تفوقت البرازيل على ألمانيا 2/صفر بقيادة كافو الذي دخل التاريخ بكونه الوحيد الذي لعب في ثلاثة نهائيات، ورغم حضورهما شبه الدائم في الأدوار المتقدمة إلا أن اللقاء هو الأول الذي جمع المنتخبين في تاريخ المونديال وعهدت صافرة الختام للإيطالي المتألق حليق الرأس كولينا.
وفي مونديال 2006 احتاج الآزوري لركلات الترجيح أمام الديوك بعد التعادل 1/1 وهي نتيجة لم تتكرر ومن حق الحكم الأرجنتيني ايلزوندو الافتخار لكونه قاد الافتتاح والنهائي على غرار الحكم الإنكليزي رايدر 1950، ومن الحقائق الخالدة أن الفرنسي زيدان هو الكابتن الوحيد الذي طرد بتاريخ المباريات النهائية.
وفي نهائي 2010 أضحى المنتخب الهولندي الوحيد الذي خسر النهائي ثلاث مرات في الوقت الذي عرفنا فيه البطل الثامن وهو الماتادور، وقاد المباراة الإنكليزي هاوارد ويب لينفرد الحكام الإنكليز بميزة الأكثر قيادة للنهائي، واضطر ويب لإشهار 13 بطاقة صفراء منها بطاقتان بوجه هيتينغا ليكون النهائي الأكثر إشهاراً للبطاقات.
وفي نهائي 2014 تقابل المانشافت والتانغو للمرة الثالثة كرقم قياسي وانتهى ألمانياً في الوقت الإضافي بفضل البديل غوتزه رابع البدلاء المسجلين في النهائي والصناعة من البديل شورله لتكون الحالة اليتيمة التي يساهم فيها بديلان بهدف تتويجي، وفوز الأوروبيين باللقب على الأراضي اللاتينية حدث للمرة الوحيدة.