الأولى

قمة الناتو

| تييري ميسان

بعد أن تعرضت إدارة حلف شمال الأطلسي للسعة ساخنة إبان قمة الناتو المنعقدة في 25 أيار 2017، حين تعمد دونالد ترامب إضافة بند الحرب على الإرهاب إلى أهداف الحلف الأساسية، وكذلك في قمة مجموعة السبع جي7، المنعقدة في 8 و9 حزيران 2018، التي رفض فيها التوقيع على البيان الختامي، بدأت تبذل قصارى جهدها للحفاظ على أهداف الإمبريالية:
أولا- حين وقعت على إعلان مشترك مع نظرائها في الاتحاد الأوروبي عشية انعقاد القمة. وبهذه الطريقة، ضمنت خضوع الاتحاد الأوروبي، المنشأ بموجب المادة 42 من معاهدة ماستريخت، لمنظمة حلف شمال الأطلسي. وقد وقع على هذا الإعلان رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، وكذلك رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر.
ينحدر البولندي توسك من عائلة عملت سراً لمصلحة حلف شمال الأطلسي أثناء الحرب الباردة، على حين كان اللوكسمبورغي يونكر، يشغل منصب الرئيس السابق لجهاز مخابرات الحلف في بلاده.
وفي الواقع، فقد بدأ كبار المسؤولين الأوروبيين يشعرون بالتهديد منذ وصول المستشار الخاص السابق لدونالد ترامب، ستيف بانون إلى إيطاليا، لدعم إنشاء حكومة مناهضة للنظام السائد، تحت هدف معلن للجميع، هو تفجير الاتحاد الأوروبي من الداخل.
ثانياً- عمدت إدارة الناتو على التوقيع على مشروع الإعلان المشترك في بداية القمة، وليس في ختامها. ولذلك لم يكن هناك نقاش حول عقيدة التحالف المناهضة لروسيا.
ولما كان الرئيس ترامب يعي تماما هذه المكائد، فقد باغت جميع مسؤولي إدارته.
فعلى حين كان جميع المشاركين في القمة، يتوقعون سجالا حامي الوطيس حول المساهمة المالية الضئيلة للحلفاء في الجهود الحربية المشتركة، باغت الجميع حين شرع يشكك في الأسس التي يقوم عليها الحلف: الحماية من روسيا.
وفي معرض استدعائه للأمين العام للحلف، جينس ستولتنبرغ، إلى مقر إقامة السفير الأميركي، أشار ترامب إلى أن ألمانيا تغذي اقتصادها بالغاز من «صديقها» الروسي، على حين تطالب الحلف بالحماية من «عدوها» الروسي.
اضطر أمام هذا التناقض إلى اعتبار مسألة تمويل الحلف، التي لم يتخلّ عنها، أمرا ثانويا، ولاسيما أنه قبل أسبوع من لقائه الرئيس فلاديمير بوتين، جعل من محضر الاتهام الطويل لروسيا، الوارد في الإعلان الافتتاحي للقمة، أمرا غير ذي أهمية.
وخلافا لكل التعليقات الصحفية، كانت ملحوظة الرئيس ترامب موجهة لألمانيا بدرجة أقل من ستولتنبرغ نفسه، لأنها أشارت إلى فداحة إهمال هذا المسؤول الكبير، الذي يدير حلف شمال الأطلسي، من دون أن يسأل نفسه مرة واحدة، عن مبررات وجود هذا الحلف.
من ناحية أخرى، أقر حلف الناتو للتو إنشاء مركزين للقيادة المشتركة، وزيادة عدد أفراده بنسبة 10 بالمئة. على حين أن الاتحاد الأوروبي أنشأ لتوه «التعاون البنيوي الدائم»، وهو برنامج قدراتي، رُصد له مبلغ قدره 6.5 مليارات يورو، أضافت له فرنسا «مبادرة التدخل الأوروبية»، وهو برنامج عملياتي.
وعلى النقيض من الخطب العصماء المتعلقة باستقلالية القرار الأوروبي، إلا أن هاتين البنيتين تخضعان كليا لمعاهدة ماستريخت، وهما بالتالي في خدمة حلف الناتو، وتضيفان إلى تعقيدات البيروقراطية الأوروبية، كل ما يرضي كبار مسؤولي دول الاتحاد.
وختاما، فقد بدأ الرئيس ترامب بإجراء محادثات، غير مباشرة، مع نظيره الروسي لسحب القوات الروسية، وقوات حلف شمال الأطلسي، من كل خطوط المواجهة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن