ثقافة وفن

«المهرج» للماغوط بيدي الجراح وقهوجي … «السيرك الأوسط» مسرحية كوميدية سياسية تتناول الإنسان عموماً والفنان خصوصاً

| وائل العدس – تصوير طارق السعدوني

بعد غياب لأكثر من ثمانية أعوام، يعود المسرح التجاري الشعبي إلى سهرات ليالي دمشق، ومعه تعود الحياة إلى مسرح راميتا بعد أن عانى الوحدة لسنوات طوال.
«السيرك الأوسط» هي المسرحية التي تقدمها أسرة الفنانين المتحدة «فضا» التي توقفت عام 2014 واليوم تستأنف نشاطها المسرحي لشعورها العام ببدء تعافي سورية مما ألم بها، وحرصاً على إعادة الأنوار للمسارح.
يرفع الستار بدءاً من الثامنة والنصف من مساء اليوم، والعرض مأخوذ عن نص «المهرج» للكاتب الراحل محمد الماغوط مع مجموعة مقالات أخرى ولّفها مخرج العرض غزوان قهوجي.
يمثل في العرض النجم محمد خير الجراح إضافة إلى ليث المفتي، أريج خضور، رائد مشرف، داوود شامي، زهير بقاعي، ربى طعمة، باسل الرفاعي، محمد إيتوني، سمير الشماط، محمد سويد، الطفل طارق قهوجي، بالاشتراك مع فرقة «خطى» للمسرح الراقص التي تضم كلاً من محمد حلبي وأماني حسن ونور صقر وعماد قبيطري وحسام فاكهاني.
ويضم فريق العمل أيضاً كلاً من صافي قبرصلي «تنسيق إعلامي وإعلاني»، داني موسى «مدير الإنتاج»، ريمون أبو عيطة «مساعد المخرج»، سعيد حناوي «تعاون فني وسينوغرافيا».
أسرة المسرحية عقدت مؤتمراً صحفياً على خشبة «راميتا» للتعريف بعملها الجديد، وكانت هذه التفاصيل:

قصة العرض

«السيرك الأوسط» مسرحية كوميدية سياسية تتناول الإنسان عموماً والفنان خصوصاً، وكيف اختلطت مفاهيمه خلال السبع العجاف، بمعنى أنها مسرحية داخل مسرحية، عبر فرقة مسرح جوال ضاقت بها سبل العيش حتى اضطرت لعرض روائع شكسبير حسب مفهومها أمام المقاهي، اعترض الجمهور وطلب مسرحاً يلامسه، فكان الخيار تقديم شخصية عبد الرحمن الداخل «صقر قريش» لجمهور المقهى.
وفي غفلة من الزمن، استحضرت المسرحية هذه الشخصية عبر ممثل، فأحب صقر قريش هذا الممثل بعد أن حدثه عن تطورات الحضارة فقرر تعيينه والياً على الأندلس أو فلسطين.
وبعد إدراك صقر قريش لما ألمّ بأمته، قرر العودة إلى دمشق ليبدأ منها تحرير ما سلب من أرضه، لكن عناصر فاسدة قايضته مع سفير إسبانيا مقابل بضعة أطنان من بصل، هكذا يشخص العرض محاولة سلبنا لتاريخنا ورفض أبطال العرض مجرياته وسجلوا موقفهم واعدين بإعادة البناء.

هوية خاصة

قال مخرج العرض إن فرقته اعتمدت توجهاً للبحث عن هوية خاصة بالمسرح السوري، وتعاملت في تجاربها السابقة والمضيئة مع كبار الكتّاب أمثال الماغوط وسعد اللـه ونوس وممدوح عدوان.
وأكد قهوجي أن نصوص الماغوط تصلح لكل زمان ومكان، مشيراً إلى أن ظروف المنطقة العربية لم تتغير مطلقاً، بل زادت صفاقة ووقاحة، كما أن مفردات الصراع لم تتغير أيضاً وإنما اخلتفت المسميات فقط، ولذلك لم نقم إلا بتغيير الأسماء والتواريخ في نص الماغوط.
وأضاف: على المستوى الشخصي، عندي عادة بأن أصادق على ما أنتجه الكاتب ولو لم يكن على قيد الحياة، وأنا قدّمت العرض نفسه على مسرح الهواة قبل عشرة أعوام، بعدما قرأت وبحثت مطولاً في أدب الماغوط، موضحاً أنه لم يجد صعوبة بإعداد أعمال الكاتب الراحل لأنها كُتبت للشارع وتناسب كل الشرائح انطلاقاً من الهم الوطني.
وأشار إلى أن الهدف من التجربة المسرحية فتح باب المسرح الخاص الذي كان مغلقاً منذ فترة طويلة ودعوة كل المسرحيين لتقديم تجاربهم على هذا الصعيد، موضحاً أن العودة عبر هذا النوع من المسرح وبطريقة جديدة سببها الرغبة في العمل بالمسرح بعد أن أصبح المناخ العام مناسباً لتقديم مسرح خاص برؤية جديدة.
وعرج خلال حديثه عن المسرح السوري بشكل عام قائلاً كيف أن دمشق أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ وأهم عاصمة ثقافية بالإقليم ولا تمتلك سوى مسرحين هما «القباني» و«الحمراء»، وبمجرد وجود البنية التحتية المسرحية فإننا قادرون على النهوض بالمسرح وأنا هنا لا ألوم مديرية المسارح والموسيقا لأن إمكانياتها محدودة ويكفي أنها وافقت على تقديم هذا العرض.
وشبّه المسرح بطائر الفينيق لأنه مهما ضعف فهو قادر على نفض الرماد والعودة مجدداً إلى الطيران.
وبالحديث عن الدراما، أكد أنها تضعضعت بكل مفاصلها إلا مفردة الممثل السوري تميزنا بها وهي الأقوى إقليمياً وعربياً، واعداً أن يقدم مجموعة مواهب شابة واعدة خلال العرض.

متعة المسرح

بدوره قال النجم محمد خير الجراح إنه لم يبتعد يوماً عن خشبة المسرح فقد استطاع رغم انشغاله بالتلفزيون أن يخصص وقتاً ليكون حاضراً على خشبة المسرح لشغفه الكبير بهذا الفن، وأكد أنه سعيد بتجربته مع مجموعة من الوجوه الشابة الذين التقاهم في المسرحية والذين كانوا أكثر من مدهشين، مؤكداً أن حلمه كان وما زال مسرحاً شعبياً جماهيرياً يحمل قيماً تليق بالجمهور السوري وقد حاول خوض تجربة هذه المسرح عدة مرات إلى أن بادر قهوجي بدعوته ليكون أحد المشاركين في عمله.
ورفض مقارنة هذه المسرحية بمسرحيات أخرى مضيفاً: لا نريد أن نناطح أو نكاسر، وإنما نهدف إلى تقديم مسرح لائق وتسلية الناس وإعادة إحياء الخشبات وتحميس باقي الزملاء للعمل في الفن الرابع.
وشدد أنه يقف على الخشبة ليستمتع ويمتع الناس بدرجة عالية من الأناقة، ليكون المسرح خياراً قوياً للعائلة السوريّة لقضاء سهرة مسرحية ثقافية ممتعة إلى جانب الخيارات الأخرى كارتياد المقاهي مثلاً، مشيراً إلى أن المسرح السياسي قديم وتجذر في سورية، وعودة هذا المسرح مجدداً هو دليل على التعافي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن